الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
من نحن اتصل بنا التحرير

أخبار عاجلة

<> تحالف الأحزاب يطالب بتعديل عقوبة طمس اللوحات المعدنية

الهيئة العامة لقصور الثقافة في قفص الاتهام

الهيئة العامة لقصور الثقافة في قفص الاتهام

تعد الهيئة العامة لقصور الثقافة هي الذراع الرئيسي لوصول التنوير والفنون لكل ربوع مصر؛ فهي تمتلك نحو 600 موقع من أقصى مصر إلى أدناها، كما يعوّل عليها كثيرا في التوعية ضد الأفكار الهدامة وتشجيع المواهب ونشر قيم التحضر.. لكن وبالمقارنة بعصرها الذهبي في الستينيات، نجد تراجعا حادا في أنشطتها على مستوى "الكيف" وهو ما يجعلنا نتساءل: هل تعاني الهيئة العامة لقصور الثقافة من "القصور" في الكفاءات أم الميزانية، حتى تقوم بدةرها الثقافي المنوط بها . قُدمت طلبات إحاطة عديدة في مجلسي النواب والشيوخ مؤخرًا، خاصة وأن بعض قصور الثقافة لا يزال خارج الخدمة، وتضاربت الأرقام الخاصة بميزانية القصور ولكنها وبحسب تصريحات رئيس الهيئة الجديد تقف عند 400 مليون! (تلتهم الأجور معظمها) أما عدد العاملين فيقترب من 15 ألفا، وهو ما يعادل نصف موظفي الثقافة في مصر!

تطوير القصور .. وبداية التعافي
ردا على طلبات المناقشة العامة التي وجهت له بمجلس الشيوخ، مارس الماضي، أكد المخرج هشام عطوة رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة أنها قد بدأت في التعافي من مشكلات متراكمة، عبر إطلاق مشروعات ومنها "ابدأ حلمك" لتدريب فناني الأقاليم، و"أهل مصر" الذي يهتم بأبناء المحافظات الحدودية، و"سينما الشعب"، و"صنايعية مصر" لتنمية الحرف التراثية، ومهرجانات المسرح ومشروع النشر. [caption id="attachment_55692" align="alignnone" width="300"] رئيس قصور الثقافة يرد على تساؤلات مجلس الشيوخ[/caption] وأكد "عطوة" الذي تولى منصبه يوليو 2021 الماضي، أنه قد تم الانتهاء من تطوير مواقع ثقافية في ببا ونجع حمادي وشبرا الخيمة والمستقبل، إضافة لتطوير يشهده حاليا نحو 30 موقعا بمراكز منها بني سويف الجديدة وأسوان، ومسرح الطور والمحلة وغيرها، لكن يظل كل ذلك محكوما بفكرة الأولويات!
أزمة الرجل المناسب
يؤكد د. زين عبد الهادي رئيس مكتبة العاصمة الإدارية أن قصور الثقافة خدمة جماهيرية منذ نشأتها، وقد كانت مزدهرة لأن القامات الإبداعية الكبيرة مثل "يحيى حقي" كانوا خلف المشهد وفي قلبه، أما اليوم فنعاني كثيرا من أزمة اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وتدريب العاملين، وانتقاء الأنشطة، وهذا ما لاحظه في تجارب دول مثل فرنسا وإنجلترا وأمريكا التي تمتلك بيوتا ثقافية وتقوم بتدريب كوادرها بأشكال متطورة. [caption id="attachment_55693" align="alignnone" width="300"] قصر ثقافة الجيزة[/caption] ويؤكد د. عبد الهادي ، أن قصور الثقافة تعاني أزمة تسويق حتى للأنشطة الجيدة التي تقدمها، وهي كثيرة، أما بخصوص ضعف الموارد فيمكن دعم تسويق منتجات التراث الشعبي وصناعته، وغيرها من الأفكار التي توفر الدخل ولا تعني أن ترفع الدولة يدها عن دعم الثقافة بالطبع.
قدم إبداعا.. تجد جمهورًا
لقد كانت قصور الثقافة قبل أن تزحف البيروقراطية عليها، رافدًا لتقديم كبار المبدعين، وأشرف كبار المخرجين على مسارحها ومنهم سعد أردش وكرم مطاوع.. هكذا يؤكد د. أسامة أبو طالب الرئيس الأسبق للبيت الفني للمسرح، مشيرا لانسحاب مؤسف لمشروعات ومنها "نوادي المسرح" و"النشر الإقليمي" بسبب تدخل الأهواء !. إن تدني الخدمة الثقافية جزء من نظرية "الأواني المستطرقة" فالحركة المسرحية الحقيقية غائبة، وهناك احتفاء بعروض شعبوية بعضها مسروق من أعمال كبرى بلا حياء، وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا لم يستمر مهرجان الكاتب المسرحي الذي أفرز عشرات النجوم اليوم! ويرى "أبوطالب" أن الأزمة ليست في التمويل، فالناس يمكنها أن تدفع مبالغ رمزية لدخول مسرحية حقيقية تقدم إمتاعا، وتصرف أبنائها عن محتويات الإنترنت وإهدار قيمة الأسرة والوطن والدين، وعلينا الآن إنتاج عروض وكتب وأفلام وندوات ذات قيمة فعلا وليست ملء خانة، واستعادة المسارح المتنقلة، ودعوة الشباب بلا تعالى من أكبر النجوم، وفتح القصور المهجورة، وسنرى أن الجمهور ذائقته تنمو مع تقديم أعمال رائعة مثل "الملك لير" وهذا النجاح يطير لعواصم عربية ويتحول أيضا لموارد جديدة لقصور الثقافة.
مبدع على مقهى دمياط
يجلس الأديب سمير الفيل على مقهى في مدينة دمياط صباحًا للقاء المبدعين، لأن قصر الثقافة مغلق بحجة الترميم لمدة 3 سنوات! وقد تحدثنا معه وأكد أنه يشعر بالأسف لأن كثيرا من جهود النشر الإقليمي تضيع لصالح أعمال ضعيفة، كما أن المكتبات التابعة للقصور لا تحوي عيون الأدب ولا جديد الكتب ما يضطر محب القراءة للسفر للقاهرة بحثا عنها! وينتقد  الفيل من جانب آخر إيقاف المؤتمرات الأدبية الإقليمية، وانصراف المبدعين الشباب عن نوادي الأدب، ويتساءل: أين قاعات العروض التشكيلية وقاعات السينما؟ وأين القيادات الكبيرة التي تقود من عينة عز الدين نجيب وفوزي فوزي ومحمد غنيم وغيرهم. وبحكم عمله في التربية والتعليم، فهو يشاهد تغييب للطلاب عن تاريخ بلادهم فلا يعرفون الثورة العرابية ولا حرب الاستنزاف ولا اكتوبر سوى مجرد اسماء، وهو ما يجعله يرى أن نجاح قصور الثقافة في دخول المدارس والاشتباك بالتعليم والمكتبات بدرجة أولى.
أبناء القرى غائبون
يؤكد القاص حسين منصور أن الأزمة بدأت من انحراف قصور الثقافة عن هدفها الأصلي في تثقيف الشعب وتركيزها في أنشطة مكررة أو ممارسة النشر وهو من شأن مؤسسات أخرى تابعة للثقافة، وللأسف فإن نصيب الفرد ضئيل - كان 25 قرشا في زمن الراحل سعد عبد الرحمن- وباقي الميزانية تذهب للموظفين الذين جاءوا مجاملة لمسئول محلي ومعظمهم لا علاقة له بالثقافة، بل ولا يطيق صبرا على حضور الفاعليات. لا ينكر منصور أن أنشطة ومسرحيات كثيرة جيدة تقام، ولكن تظل تلك حالة الاستثناء وليس القاعدة، ولا زال يشارك بتلك الفاعليات، ولكنه يحلم بأن يعلم أهل قريته عن بيت الثقافة أو يعرفوا مكانه يوما ما!! [caption id="attachment_55700" align="alignnone" width="434"] الاهمال يطال بعض قصور الثقافة[/caption]

الحلم بدأ من قصر الثقافة

يتفق مع الآراء السابقة الروائي عمرو العادلي على تراجع دور قصور الثقافة، وإن كانت هناك استثناءات مبهجة مثل سلاسل نشر الإبداع والفكر أو بعض المسرحيات، وقد تربى في الثمانينات بقصر ثقافة المطرية وقرأ كلاسيكيات الأدب العربي والعالمي في مكتبته والتقى كبار المبدعين وألف وهو ابن السادسة عشر من عمره نصوصا مسرحية وقدمها.. وهذا ما ننتظره اليوم لأبنائنا. ويرى "العادلي" أن مهمتنا الآن اختيار شباب المبدعين مخرجين وكتاب ودعوتهم لإدارة المشهد وتقديم أنشطة مختلفة شكلا ومضمونا، تشتبك مع جديد الدراما والفن والكتب وتجذب أكبر النجوم لتعود قصور الثقافة مضيئة بحق كما كانت.  

المحرر

موضوعات ذات صلة