شؤون سياسية

أوروبا.. الغائب الأكبر في معادلة الحرب الأوكرانية

لا يبدو أن الأمور تسير في صالح أوكرانيا، ولا حتى أوروبا التي وجدت نفسها على الهامش في أكبر أزمة جيوسياسية منذ الحرب العالمية الثانية. لقد حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معادلة الحرب منذ اللحظة الأولى: الويل للمهزوم. ومع مرور الوقت، يتضح أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد القادر على فرض أي تسوية، بينما تتحمل أوروبا التبعات دون أن يكون لها صوت مؤثر في القرار.

الواقع العسكري والاستراتيجي

يرى اللواء أشرف فوزي، الخبير الأمني، أن روسيا لم تخض هذه الحرب بدافع المغامرة، بل كانت ترى في تمدد الناتو تهديدا وجودها. عندما سقط حلف وارسو، لم يكن أمام روسيا إلا أن ترى دوله السابقة تنضم للناتو واحدة تلو الأخرى. ثم جاءت أوكرانيا، لتصبح القشة التي قصمت ظهر الكرملين. ومع ذلك، لم يكن بوتين يتوقع أن تمتد الحرب بهذا الشكل، لكنه الآن بات مقتنعا بأن حسمها لن يكون بيد موسكو أو كييف، بل بيد واشنطن.

ويشير فوزى لقد خسرت أوكرانيا أكثر من 480 ألف قتيل وجريح، كما فقدت مساحات واسعة لصالح القوات الروسية. ولكن، كما يشير المحللون، فإن الخسائر لا تتوقف عند حدود أوكرانيا. فالولايات المتحدة هي من تمسك بخيوط المعركة، وأوروبا تدفع الثمن الأكبر من دون أي نفوذ حقيقي في مستقبل التسوية.

أوروبا.. اللاعب الغائب

بينما ترى مها الشريف، نائب رئيس حزب الغد للعلاقات الدولية، ترى أن أوروبا لم تتعلم من تجاربها السابقة، بل تتجه نحو المزيد من التبعية. ما يحدث اليوم يعيد إلى الأذهان أزمات أخرى، مثل تفكك يوغوسلافيا، حيث كانت الولايات المتحدة هي المتحكم الرئيسي، فيما اكتفت أوروبا بمشاهدة الأحداث والتعامل مع تداعياتها لاحقًا

وتأكد أن  أوروبا قدمت أكثر من 130 مليار يورو مساعدات عسكرية وإنسانية لأوكرانيا، ولكن هذه المساعدات لم تترجم إلى نفوذ سياسي. الأسوأ من ذلك، أن أكثر من 63% من مشتريات المعدات العسكرية الأوروبية جاءت من الولايات المتحدة، مما عزز الهيمنة الأمريكية على القرار العسكري الأوروبي.

لكن هل يمكن لأوروبا أن تفرض كلمتها يبدو أن الإجابة لا تزال بعيدة عن الواقع. رئيسة المفوضية الأوروبية  أورسولا فون دير لاين تطرح مبادرات متلاحقة، ولكن تأثيرها لا يتجاوز إثارة الجدل. أما الرئيس الجديد للمجلس الأوروبي، البرتغالي أنطونيو كوستا، فلا يزال مجهولا حتى داخل الأوساط الأوروبية.

تنازلات أوكرانية 

بحسب التوقعات، فإن نهاية الحرب لن تكون وفق شروط أوكرانيا، بل وفق التفاهمات بين واشنطن وموسكو. ومن المرجح أن تجبر أوكرانيا على تقديم تنازلات إقليمية، ربما تشمل دونباس وزابو روجينا، وربما حتى أجزاء أخرى، مقابل ضمانات أمنية هشة. والولايات المتحدة لا تهتم سوى لمصلحتها، وقد أوضحت أنها لن تتحمل تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، بل تترك هذه المهمة الاوروبيين.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5538

موضوعات ذات صلة

لا إعمار ولا استثمار قبل نزع سلاح حزب الله

المحرر

قمة الرياض وحل الدولتين

المحرر

السلطة الفلسطينية تستعرض فرض قوتها فى مخيم اللاجئين بجنين

المحرر

تصعيد ملف الرهائن: ورقة ضغط أم مسار لحل الأزمة

المحرر

الذكرى الـ 72 لثورة غيرت تاريخ مصر

المحرر

جنون الحرب .. الانتحار والقتل نهايات متباينة

المحرر