سليدر

الاكتئاب.. أبعاد ومعالجة

مرض الاكتئاب هو اضطراب نفسي يؤثر على مزاج الشخص وتفكيره وسلوكه، إذ يمكن أن يسبب شعورًا مستمرًا بالحزن، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة في السابق، بالإضافة إلى تأثيرات جسدية وعاطفية سلبية على الحياة، حيث يتفاوت الاكتئاب في شدته، من حالات خفيفة إلى شديدة قد تؤثر على أداء الأنشطة اليومية.. (صوت البلد) التقت د. جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، ليحدثنا عن أبعاد هذا المرض وطرق علاجه.

أبعاد نفسية

في البداية يقول أستاذ الطب النفسي: يعاني المصاب بالاكتئاب من مشاعر الحزن العميق، واليأس، وفقدان الأمل، كما قد يشعر الشخص أيضًا بالذنب، أوالعجز، أو الشعور بالنقص. كما يؤثر الاكتئاب أيضًا على الطريقة التي يعالج بها الشخص المعلومات فيمكن أن يتسبب في التفكير السلبي المستمر؛ كالإحساس بعدم القيمة أو الاستمرار في التفكير في الفشل أو الأحداث السلبية في الماضي، بالإضافة إلى أن الاكتئاب قد يؤدي إلى انسحاب اجتماعي، وتجنب الأنشطة اليومية، وفقدان الاهتمام بالهوايات، مما يؤثر على القدرة على القيام بالوظائف اليومية. كما يمكن أن يتسبب أيضًا في انخفاض مستوى الطاقة وصعوبة اتخاذ القرارات، فضلاً عن تأثيره على الصحة الجسدية، فقد يسبب تغيرات في النوم كالأرق أو كثرة النوم، وفقدان أو زيادة الوزن، والشعور بالتعب الشديد، وآلام جسمانية غير مبررة.

د. جمال فرويز

وأضاف أستاذ الطب النفسي: قد يكون هناك استعداد وراثي للاكتئاب، حيث يمكن أن يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة به. كما أن هناك عوامل بيئية مثل: التعرض للضغوط النفسية أو الفقدان أو العلاقات السامة، وذلك إلى جانب عدد من العوامل الكيميائية، وعلى رأسها التغير في مستويات بعض المواد الكيميائية في الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين، والتي قد تساهم في تطور الاكتئاب، كما أنه يمكن أن تؤدي التجارب النفسية السلبية، مثل التوتر المستمر أو الصدمات النفسية إلى ظهور المرض.

طرق العلاج

وتابع “فرويز”: علاج الاكتئاب يمكن أن يشمل مزيجًا من العلاج النفسي والدوائي، حيث تتضمن بعض الأساليب العلاجية: العلاج المعرفي السلوكي (CBT) الذي يساعد المرضى على تغيير الأنماط السلبية في التفكير والسلوك، والعلاج الدوائي كاستخدام مضادات الاكتئاب التي تساعد في تعديل مستويات المواد الكيميائية في الدماغ، وذلك بجانب العلاج الاجتماعي والدعم النفسي كدعم الأسرة والمجتمع، واللذان يلعبان دورًا مهمًا في التعافي من هذا المرض؛ فمن المهم التوجه للعلاج المناسب في وقت مبكر، حيث إن الاكتئاب يمكن أن يكون قابلًا للعلاج بشكل فعال في كثير من الحالات؛ فعلاج الاكتئاب يتطلب نهجًا شاملًا يتضمن مزيجًا من العلاجات النفسية والطبية، وأحيانًا التغييرات في نمط الحياة، حيث تتنوع طرق علاج الاكتئاب تبعًا لشدة الأعراض وحالة الفرد.

وأشار أستاذ الطب النفسي، إلى تنوع طرق علاج الاكتئاب، موضحًا أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT: يساعد في تحديد وتغيير الأفكار السلبية والمشوهة التي تؤدي إلى الاكتئاب، حيث يُعد العلاج السلوكي المعرفي فعالاً في التعامل مع القلق من خلال تعديل سلوكيات التفكير، لافتًا إلى أهمية العلاج الديناميكي النفسي الذي يُركز على فهم الصراعات الداخلية والتجارب السابقة التي قد تؤثر على الشخص في الحاضر، إذ يمكن أن يساعد هذا النوع من العلاج في تحسين الوعي الذاتي والتفاعل مع الآخرين. ولا يجب أيضًا أن ننسى العلاج بالتعرض، والذي يساعد في مواجهة المخاوف والضغوط النفسية تدريجيًا لتحسين القدرة على التعامل مع المواقف المجهدة.

وأكمل “فرويز”: وبالنسبة للعلاج الدوائي؛ فإن هناك أدوية تساعد في تعديل مستويات النواقل العصبية في الدماغ، مثل: مضادات الاكتئاب كمثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) (الفلوكستين ــ السيتالوبرام) ومثبطات امتصاص السيروتونين والنورأدرينالين (SNRIs) مثل الدولوكستين، والمضادات الثلاثية للحلقات مثل الأميتريبتيلين، وهي تستخدم في الحالات التي لا تستجيب للأدوية الأخرى، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للقلق والمساعدة في النوم حيث، قد يستخدم الأطباء أدوية مساعدة لتحسين الأعراض المرتبطة بالاكتئاب.

وأوضح أن التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS) هو علاج غير جراحي يستخدم الحقول المغناطيسية لتحفيز مناطق معينة في الدماغ، حيث يستخدم هذا النوع من العلاجات في الحالات التي لا تستجيب للأدوية أو العلاجات النفسية، لافتًا إلى أن هناك أيضًا العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)، والذي يتم استخدامه في الحالات الشديدة والمزمنة من الاكتئاب التي لم تنجح العلاجات الأخرى معها، لافتًا إلى أن هذا العلاج يُعد  فعالًا، ولكن يجب أن يتم تنفيذه تحت إشراف طبي دقيق.

تغيير نمط الحياة

وقال أستاذ الطب النفسي:  تُظهر الأبحاث أن التمارين الرياضية تساعد في زيادة مستويات المواد الكيميائية المسؤولة عن الشعور بالسعادة في الدماغ، مثل الإندورفين والسيروتونين، كما أن النظام الغذائي المتوازن الذي يتضمن الفواكه، والخضروات، والبروتينات، والأحماض الدهنية الأساسية، يمكن أن يساعد في تحسين المزاج والصحة العامة، وذلك بجانب الحفاظ على قسط كافٍ من النوم، وهو ما يعتبر جزءًا أساسيًا من العلاج، حيث يؤثر النوم على الحالة العاطفية، فضلاً عن الأهمية القصوى للاسترخاء والتأمل، من خلال رياضات معينة مثل اليوغا، فالتأمل قد يُساعد في تقليل التوتر والقلق وتحسين الرفاهية العامة.

وأكد د. جمال فرويز، أهمية الدعم العائلي ووجود شبكة دعم اجتماعي قوية للمساعدة في التعافي من الاكتئاب، إذ قد يساعد التحدث مع المقربين وتبادل المشاعر والأفكار في تحسين الحالة النفسية، من خلال الانضمام إلى مجموعات دعم أو محادثات جماعية مع أشخاص يمرون بتجارب مشابهة يمكن أن يكون مفيدًا في العلاج.

ولفت أستاذ الطب النفسي إلى العلاج بالضوء الساطع، والذي يستخدم في علاج الاكتئاب الموسمي، حيث يتعرض المريض لمحاكاة تأثيرات الشمس في فصل الشتاء عن طريق ضوء ساطع، مما يساعد في تحسين المزاج؛ كما قد يلجأ الأشخاص إلى العلاجات الروحية أو الدينية كجزء من عملية العلاج، حيث يمكن أن تكون الصلاة، أو التأمل، أو المشاركة في الأنشطة الدينية؛ مصدرًا للراحة والدعم النفسي، كما قد يشمل العلاج مكملات غذائية مثل زيت السمك أو الميلاتونين، ولكن ينبغي استخدامها بحذر وبالتشاور مع الطبيب المعالج.

وفي ختام حديثه لــ(صوت البلد)، أكد د. جمال فرويز، أن التشخيص المبكر للمرض يعتبر خطوة مهمة في العلاج ، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل، مع الاستمرارية، إذ إنه من الضروري أن يلتزم الفرد بالعلاج الموصوف، سواء كان دوائيًا أو نفسيًا، حتى بعد تحسن الأعراض، وذلك تحت إشراف طبي متخصص، حيث إن كل شخص قد يحتاج إلى خطة علاجية مخصصة تتناسب مع حالته.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=154

موضوعات ذات صلة

جامعة أسيوط تبرز في تصنيف شنغهاي الدولي لعام 2025

أحمد الفاروقى

إستعدادات وزارة الصحة لمضاعفات إرتفاع درجات الحرارة

المحرر

التعليم الفني.. المستقبل يبدأ من هنا

المحرر

باحثه بجامعة ميونيخ: الإسكندرية عرضة لحدوث تسونامي

المحرر

صناعة نحل العسل أهم القطاعات الحيوية للاقتصاد

المحرر

الزراعة: الجمعيات التعاونية بيوت الفلاحين

المحرر