
يحتفل العالم في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وهو مناسبة سنوية تأتي لتجدد العهد بضرورة حماية حقوق المرأة وصون كرامتها في كل المجتمعات، حيث يحمل هذا اليوم رمزية تاريخية عميقة، إذ يتزامن مع ذكرى الاغتيال الوحشي للناشطات السياسيات “الأخوات ميرابال” في جمهورية الدومينيكان عام 1960، اللواتي أصبحن رمزًا عالميًا لمقاومة الظلم وأشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.
يُعد العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستفحالاً في العالم، حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن ما يقارب امرأة واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها. وفي كل عام، تنطلق حملة عالمية تمتد لـ”16 يومًا من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي” بدءًا من هذا اليوم وحتى العاشر من شهر ديسمبر ـ اليوم العالمي لحقوق الإنسان ـ وذلك تحت شعار موحد تطلقه الأمم المتحدة.
لا للعنف الرقمي
وفي هذا العام 2025 تركز الحملة بشكل خاص على تحدٍ جديد ومتنامٍ وهو “إنهاء العنف الرقمي ضد جميع النساء والفتيات”، فقد تفاقم هذا الوباء في الفضاء السيبراني، وأصبح تهديدًا خطيرًا يسعى إلى إسكات أصوات الكثير من النساء، وخاصةً اللواتي يتمتعن بحضور عام وبارز على منصات التواصل الاجتماعي وفي مجالات السياسة والصحافة، إذ إن هشاشة الضوابط التقنية وغياب الاعتراف القانوني بهذا النمط من الاعتداء في بعض البلدان يسهل إفلات الجناة من العقاب.
تهدف فعاليات اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، إلى رفع الوعي حول مدى حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة حول العالم، والدعوة إلى اتخاذ إجراءات كفيلة بتحقيق المساواة في الحقوق، وتوفير الدعم اللازم للضحايا، والعمل على وضع تشريعات صارمة تجرم كافة أشكال العنف، سواء في الفضاء العام أو الخاص أو الرقمي.
إن القضاء على العنف ضد المرأة ليس مجرد هدف ليوم واحد في السنة، بل هو مسؤولية مجتمعية وقانونية مستمرة تتطلب تكاتف الجهود من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد، حيث إن “تلوين العالم بالبرتقالي” – الشعار البصري للحملة – يرمز إلى مستقبل أكثر إشراقًا وخاليًا من العنف، وهو تذكير بأن الصمت لم يعد مقبولاً، وأن الوقت قد حان لإنهاء هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان مرة واحدة وإلى الأبد.
إن هذه المناسبة تُجسد التزام الدولة المصرية الراسخ بدعم المرأة وتمكينها؛ فهي كانت ولا تزال ركيزة أساسية في بناء الأسرة والمجتمع، حيث إن إسهاماتها الفعالة في كافة المجالات لخدمة المجتمع المصري على كافة الأصعدة تُعد أحد أهم محركات التنمية الشاملة.
هذا وقد تبنت مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، سياسات واضحة لمناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة، بما يتوافق مع أهداف رؤية مصر 2030 الخاصة بالعدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة، وهو ما يؤكد عليه الدستور المصري بالمواد رقم (11 – 53 – 214) التي تؤكد على المساواة بين الجنسين في الحقوق والحريات والواجبات العامة.
المجلس القومي للمرأة يقوم بدورًا محوريًا في هذا الملف من خلال إطلاق المبادرات والإجراءات لمقاومة العنف ضد المراة متمثلاً في “إنشاء مكتب شكاوى المرأة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وحملة “مش قبل 18” لمناهضة زواج القاصرات”، وحملة القضاء على ختان الإناث بحلول عام 2030.
كما أن جهود وزارة التضامن الاجتماعي في توفير مراكز آمنة لاستضافة النساء ضحايا العنف، والبالغ عددها 8 مراكز على مستوى الجمهورية، تؤكد على الدعم المستمر لهذه الجهود بالتعاون مع جميع الجهات التنفيذية بالمحافظة، إذ إن القضاء على العنف ضد المرأة مسؤولية مشتركة، وأن تمكينها وحماية حقوقها يمثلان أساسًا لبناء مجتمع قوي متماسك قادر على تحقيق التطور والتنمية.
