تعد أكثر الأزمات التي تتجدد سنويا بحلول العام الدراسي، هي معاناة المدارس الحكومية علي مستوي الجمهورية من ارتفاع كثافة الفصول الطلابية، وتكرار شكاوي اولياء الأمور من تأثير تلك الكثافة علي أبنائهم، يقابلها شكاوي المعلمين ذاتهم لنفس الأمر.وكونها واحدة من أهم التحديات التي تواجه العملية التعليمية وتمثل عائقا حقيقيا أمام الطالب والمعلم، ويتسب في تأخر تطور المنظومة التعليمية بالبلاد، أجرت “صوت البلد” هذا التحقيق للوقوف على أبعاد المشكلة ووضع الحلول لها، وخصوصا أنها متجددة سنويا.
في البداية اتفق بعض أولياء الأمور على أن زيادة عدد الطلاب وتزاحمهم داخل الفصل الواحد ، يؤثر سلبا علي قدراتهم الدراسية في التركيز والتحصيل، والتفاعل، مما يكلفنا نفقات عالية لدروس خصوصية يلجأ لها أولادنا، الي جانب القلق المستمر خلال موسم الشتاء، حيث انتشار الأمراض بين الطلاب وكثرة الأمراض التنفسية نتاج زحمة الفصول .
وقالت عطيات السيد مدير سابق بالتربية والتعليم: أنه في ظل زيادة عدد الطلاب عن الحد المسموح تتأثر قدرة المعلم، علي تقديم خدمة تعليمية جيدة، مما يضعف جسور التواصل بين المعلم والطالب فينعدم دافع التعلم لدى الطلاب، وبالتالي يؤدي الي إمتعاض أولياء الامور، وانعدام ثقتهم في جدوي التعليم للأجيال القادمة.
أضف إلى ذلك أن هذا يصعب علي المعلم تطبيق العمل الجماعي وتقسيم الطلاب الي مجموعات، نظر لضيق الفصل وازدحامه، فتقل تماما قدرته علي السيطرة على الطلاب، ومتابعة أنشطتهم جيدا .
أسباب الازمة
أشار خبراء ومتخصصين بالتعليم إلى أن كثافة الطلاب قبل التعليم الجامعي خلال الخمس سنوات الأخيرة ارتفعت بمعدل ٥.١١% في حين أن استقرار النسبة بمدارس التعليم الخاص والبالغة ٣%، ويرجع ذلك الي نقص الأبنية التعليمية ،وارتفاع مصروفات التعليم الخاص، التي لا يمكن لأبناء المواطن العادي صاحب الدخل المحدود دخولها، مما أدي الي الضغط علي المدارس الحكومية، ومن الاشكاليات أيضا عدم صيانه التالف من الفصول، كهبوط أسقف، أو تدهور الأسوار، خاصة بمدارس القري والنجوع، الأمر الذي يؤدي الي دمج الفصول، فترتفع الكثافة الطلابية، مما أدي الي ظهور فجوة عميقة بين الاحتياج الفعلي وما يتم تنفيذه علي أرض الواقع ، فهناك نقص حاد في عدد المدارس، وتحديدا المرحلة الابتدائية علي مستوي محافظات الجمهورية .
د مصطفي وهبة
علم النفس التربوي
قال د. محمد مصطفي وهبة “إخصائي علم النفس التربوي أن الأدبيات النفسية أكدت علي أنه كلما قلت الكثافة الطلابية، أصبح لدي المعلم احتمالية كبيرة لتنوع الطرق التدريسية، والاستجابة الفعالة لاحتياجاتهم ،وتساؤلاتهم، فتتهيأ البيئة التعليمية الجاذبة، فيصبح الطلاب أكثر انضباطا، وتحصيلا، كما أظهرت دراسات نفسية حديثة أن انسب حجم لصف دراسي هو ٢٧ طالب .
وأكد وهبة علي أن من اهم عوامل الضغط النفسي والاضطراب السلوكي للأطفال بالتعليم الابتدائي، عدم قدرة المعلم مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ لزيادة العدد، مما يفقد الطفل الثقة بنفسة، وتتزايد حالات العنف بين الطلاب وتصبح العملية التعليمية بالنسبة لهم عبثا ومن ثم كراهية التعليم .
تقرير البنك المركزي
ذكر تقرير البنك المركزي في أكتوبر عام ٢٠٢٣ أن مصر بحاجة الي بناء ١١٧ ألف فصل دراسي في غضون ٥ سنوات مقبلة لتقليل كثافة الفصول الي ٤٥ طالبا، أو بناء ٥٠ ألف فصل دراسي بحلول عام ٢٠٢٦ للمحافظة علي عدد الطلاب في الفصل الواحد إلى 26 طالبا .
البرلماني خالد ابوطالب
مواجهة المشكلة
يري خالد أبو طالب عضو البرلمان أنه لابد من حصر الاحتياج الفعلي ومعاينة المدارس علي الطبيعة للوقوف علي الوضع الحالي لكل مدرسة، وموقف الكثافة الطلابية منها، ورصد الفراغات التي يمكن استخدامها لحل المشكلة، مع وضع حلول سريعة للمدارس ذات الكثافة العالية، مثل إمكانية عمل المدارس بأكثر من فترة، حيث سبق أن اقترحت فكرة اعتماد التعليم المختلط ، أي التعليم عن بعد مع التعليم التقليدي كواحد من الحلول، أو استغلال الفراغات، خاصة في المحافظات كمراكز الشباب.
