في خضم الزحام الصباحي، وفي صفوف الدراسة المزدحمة، هناك فئة غائبة عن المشهد، يعانون في صمت، يحلمون بتعليم متساوٍ، هم طلابنا ذوو الإعاقة. يعانون من تحديات جمة تجعلهم يشعرون بالغربة والعزلة داخل المدارس.
تبدأ معاناة الطلاب من أول خطوة نحو المدرسة، فكثير من المدارس لا تتوفر بها المرافق اللازمة لاستقبالهم، كالمصاعد والبوابات الواسعة، مما يجعلهم عاجزين عن الوصول إلى فصولهم الدراسية. بالإضافة إلى ذلك، غياب مواقف السيارات المخصصة لمركبات نقل ذوي الإعاقة يزيد من معاناتهم وأسرهم.
مواد دراسية لا تلبي احتياجاتهم
تتعدد أشكال الإعاقة، وبالتالي تتعدد احتياجات الطلاب، إلا أن المناهج الدراسية الحالية لا تأخذ هذه الاختلافات في الاعتبار. فالكتب المدرسية غالبًا ما تكون مكتوبة بلغة معقدة، ولا تحتوي على صور أو رسومات توضيحية كافية، مما يجعل فهمها صعباً على الطلاب ذوي الاعاقة. كما أن نقص الوسائل التعليمية البديلة، مثل الكتب الصوتية والبرامج التفاعلية، يزيد من الفجوة بين هؤلاء الطلاب وأقرانهم.
ورغم وجود بعض المعلمين المتفانين في عملهم، إلا أن غالبية المعلمين ليسوا مؤهلين للتعامل مع الطلاب ذوي الإعاقة. فهم يفتقرون إلى التدريب اللازم على أساليب التدريس المتخصصة، وكيفية التعامل مع كل نوع من الإعاقات.
خطوات بطيئة وغير كافية.
تدعي وزارة التربية والتعليم أنها تبذل جهودًا كبيرة لدمج الطلاب ذوي الإعاقة في العملية التعليمية، إلا أن هذه الجهود تبدو غير كافية وغير فعالة. فبرغم صدور قوانين ولوائح تنص على حقوق هؤلاء الطلاب، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع لا يزال يعاني من الكثير من التحديات. كما أن الميزانية المخصصة لدعم التعليم لذوي الإعاقة لا تزال ضئيلة مقارنة بحجم المشكلة.
ضرورة تغيير شامل.
يؤكد د. سعيد عطالله خبير التربية : إن دمج الطلاب ذوي الإعاقة يتطلب تغييراً شاملاً في النظام التعليمي، بدءًا من تدريب المعلمين وتوفير الموارد اللازمة، وصولاً إلى تغيير النظرة المجتمعية تجاه هذه الفئة. ومن الضروري توفير برامج دعم نفسي واجتماعي للطلاب وأسرهم، لمساعدتهم على التكيف مع الحياة المدرسية.
بارقة أمل
رغم كل التحديات، هناك قصص نجاح تبعث الأمل في نفوسنا. قصص لطلاب ذوي إعاقة تمكنوا من تحقيق إنجازات كبيرة بفضل دعم أسرهم ومعلميهم. هذه القصص تثبت أن بإمكان هؤلاء الطلاب أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، إذا توفرت لهم الفرص المناسبة.
إن دمج الطلاب ذوي الإعاقة في العملية التعليمية ليس مجرد حق، بل هو واجب وطني. فبناء مجتمع متكامل يعتمد على تنوع قدراته هو الضمان الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة. يتطلب ذلك تضافر جهود جميع الأطراف، الحكومة والمجتمع المدني والأسر، للعمل معًا من أجل توفير بيئة تعليمية شاملة وعادلة لجميع الطلاب.
