أشاد عدد من خبراء الاقتصاد، بمشاركة مصر في القمة السابعة عشرة لتجمع “بريكس”، مؤكدين أنها تمثل خطوة استراتيجية نحو تنويع الشراكات الدولية وتعزيز مكانة مصر في النظام العالمي الجديد، كما أن تلك المشاركة تؤتي ثمارها بالفعل على المستويين الاقتصادي والسياسي وتعكس بوضوح ثقة المجتمع الدولي في الدور المصري كمركز ثقل سياسي واقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
القمة 17 لتجمع بريكس
قال الدكتور مصطفي بدره، الخبير الاقتصادي، إن مشاركة د. مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء في أعمال النسخة ال17 لقمة مجموعة بريكس بالبرازيل، نيابة عن رئيس الجمهورية تعد حدثا هاما، نظرا إلى تبني مصر للكثير من القضايا التي تمس المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وأوضح الدكتور مصطفي بدره، أن القمة تجمع الصين وروسيا والبرازيل، إضافة إلي دول أخري، إلي جانب بعض المؤسسات العالمية، وهو ما يتيح لمصر عرض القضايا مثل الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وتأثيراتها اقتصاديا علي المنطقة، بالإضافة إلي القضية الفلسطينية والوضع في قطاع غزة.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن كل هذه الاضطربات تأثر أيضا بشكل مباشر علي طريق الحرير الخاص بالصادرات الصينية إلي مختلف دول العالم، والذي يشمل مرور هذه الصادرات من قناة السويس، مشيراً إلي أن هذه الحروب ساهمت بشكل كبير في ارتفاع اسعار الوقود، منوها عن أن القمة ستبحث المزيد من طرق التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول الأعضاء في البريكس عن طريق العملات المحلية للدولة.
التعامل بالعملات المحلية
قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن كلمة مصر أمام قمة مجموعة “البريكس” جاءت لتعكس توجهاً اقتصادياً استراتيجياً نحو تحقيق تسوية مالية بالعملات المحلية بين الدول الأعضاء، وبخاصة مع الصين وروسيا، وهو ما يحمل تأثيرات إيجابية مباشرة على الاقتصاد المصري.
وأوضح الدكتور خالد الشافعي، أن الاتجاه نحو التعامل بالعملات المحلية بدلاً من الدولار، خاصة في مشروعات ضخمة كمحطة الضبعة النووية، يُعد نقطة انطلاق واعدة نحو تقليل الضغط على العملة الأجنبية، ويمنح الاقتصاد المصري فرصًا للنمو وتقوية موقفه التجاري والمالي. وأشار إلى أن مشروع الضبعة وحده تُقدر تكلفته بنحو 23 مليار دولار، ومن الأفضل أن يتم سدادها بالروبل الروسي أو بالعملة المحلية، مما يساهم في تخفيف الأعباء على الاحتياطي النقدي وتقليل الطلب على الدولار.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وكل من الصين وروسيا وباقي دول مجموعة البريكس يمثل أكثر من 40% من حجم التجارة الخارجية لمصر، مما يعزز أهمية هذا التوجه في خفض الاعتماد على الدولار، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي في إطار متعدد الأطراف، بما يدعم التصنيع المحلي، ويزيد من القيمة المضافة للصادرات المصرية.
وأشار “الشافعي” إلى أن هناك مؤشرات على دراسة مجموعة البريكس لإطلاق عملة موحدة قادرة على دعم المعاملات التجارية والمالية بين الدول الأعضاء، مؤكداً أن هذه الخطوة، إن تمت، ستمثل نقلة نوعية في النظام الاقتصادي العالمي، وستمنح مصر وغيرها من الدول النامية فرصاً أفضل للتكامل الاقتصادي بعيداً عن هيمنة الدولار.
عضوية بنك التنمية
وقال سمير رؤوف، الخبير الاقتصادي، أن قمة البريكس السابعة عشرة التي تعقد في البرازيل بمدينة ريو دي جانيرو، تتيح العديد من المكاسب الاقتصادية الهامة تعزيز التجارة والاستثمار من خلال زيادة حجم التبادل التجاري مع دول البريكس حيث ارتفع بالفعل حجم التجارة بين مصر ودول البريكس بنسبة 19.5% في عام 2024 ليصل إلى 50.8 مليار دولار مع فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية في هذه الدول خاصة بعد زيادة عدد الأعضاء من هذه الدول أبرزها الصين وروسيا والهند.
وأضاف سمير رؤوف، أن التعاون المتزايد مع اقتصادات قوية ضمن المجموعة أدى إلى تدفق استثمارات أجنبية إضافية إلى السوق المصري، فضلًا عن فتح مجالات جديدة للتعاون في قطاعات التكنولوجيا والابتكار والتنمية الصناعية والطاقة والزراعات الغذائية، ويأتي ذلك بالتزامن مع إمكانية تطبيق نظم التبادل التجاري بالعملات المحلية، ما يساهم في تخفيف الضغط على الدولار وتقليل الاعتماد عليه، ويدعم الجنيه المصري تدريجيًا.
وعن تمويل المشروعات التنموية، أوضح “رؤوف” أن عضوية مصر في بنك التنمية الجديد (NDB) التابع للبريكس توفر لها تمويلًا ميسرًا لمشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة، خصوصًا في مجالات النقل والطاقة والمياه والبنية الرقمية والاجتماعية، كما سيسهم توسيع نطاق عمل البنك جغرافيًا ليشمل مصر، في تأمين مصادر تمويل إضافية بعيدًا عن القروض التقليدية، وذلك بالتوازي مع التعاون القائم مع صندوق النقد الدولي، وتوسيع نطاق العمل الجغرافي للبنك ليشمل مصر مما يوفر مصادر تمويل إضافية للمشروعات التنموية في مجالات النقل والمياه والطاقة النظيفة والبنية التحتية الرقمية والاجتماعية.
تنوع اقتصادي
أكد أحمد أبو علي، الباحث الاقتصادي، أن الانضمام إلى “بريكس” يمثل فرصة حيوية لمصر لتحقيق تنوع اقتصادي، خاصة في ظل التحديات العالمية المتزايدة، موضحاً، أن تكتل بريكس يمثل أكثر من 46% من سكان العالم ويمتلك نحو 40% من احتياطات الذهب العالمية، مما يجعله قوة اقتصادية هائلة،
وأشار أحمد أبو علي، إلى أن هذا التحالف يوفر لمصر بديلًا قويًا للاقتصاد الأمريكي، مضيفاً أن مصر ستكون قادرة على جذب الاستثمارات من دول بريكس، وبالتالي تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في التبادلات التجارية، ما يدعم الاستقرار الاقتصادي المحلي، ولافتاً إلى أن انضمام مصر إلى “بريكس” لن يعني قطع العلاقات مع الولايات المتحدة أو أوروبا، بل هو جزء من استراتيجية للتنوع الاقتصادي والابتعاد عن الاعتماد الكبير على الدولار.
