في إطار فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية لعام 2024، الذي يقام تحت شعار “التنمية البشرية: من أجل مستقبل مستدام”، كشفت وزارة الصحة والسكان عن تفاصيل مشروع المدينة الطبية الجديدة في العاصمة الإدارية. يهدف هذا المشروع الضخم إلى رفع مستوى الرعاية الصحية في مصر وتعزيز البحث العلمي بما يتماشى مع رؤية الدولة لتحقيق التنمية المستدامة.
مدينة طبية على مستوى عالمي
ويشير الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، بأن هذه المدينة تعد من أضخم المشروعات الصحية في تاريخ مصر. تقع على مساحة 230 فدانا، بالقرب من المحاور المرورية الرئيسية بالعاصمة الإدارية، ما يسهل الوصول إليها من مختلف المحافظات. وستضم المدينة 18 معهد طبيا متخصصا بسعة 4223 سريرا، إلى جانب مستشفيات متقدمة ومراكز للبحث العلمي.
وأشار عبدالغفار إلى أن المشروع سيحقق نقلة نوعية في تقديم الخدمات الصحية عبر دعم القدرات الاستيعابية للمستشفيات، مما يخفف الضغط عن المؤسسات الصحية القائمة، ويسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين. كما سيوفر المشروع آلاف الفرص الوظيفية ويساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.كما تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بالابتكار في الرعاية الصحية من خلال رقمنة الخدمات واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي. وكشف عبدالغفار عن رقمنة 10 وحدات طبية تابعة للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، بهدف تعزيز كفاءة العمل الطبي وتسهيل الوصول للخدمات. وأوضح أن هذا التوجه الرقمي يعكس التزام مصر بمواكبة التطورات العالمية وتحسين نظم الحوكمة الصحية.
تحدث الدكتور محمد مصطفى عبدالغفار، رئيس الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، عن أهمية البحث العلمي في تطوير الأداء الطبي. وأوضح أن الهيئة لا تكتفي بتقديم الرعاية الصحية، بل تركز أيضًا على إعداد أبحاث متقدمة تتناول التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية. هذه الأبحاث تهدف إلى تطوير السياسات الصحية وإيجاد حلول مبتكرة للأمراض المتفشية.
من جانبه، أشار الدكتور محمد صلاح زكي، مدير المعهد القومي لجراحة المسالك البولية، إلى أن الهيئة تسعى إلى إعداد كوادر طبية مدربة قادرة على مواجهة التحديات الصحية المستجدة. يتم تنظيم برامج تدريبية متطورة، وإرسال فرق طبية إلى الخارج للاطلاع على أحدث التقنيات، مما يضمن تقديم خدمات طبية وفق أعلى المعايير العالمية
على صعيد آخر، استعرض الدكتور محمد صالح، مدير المعهد القومي للكبد والجهاز الهضمي، أبرز إنجازات المعهد خلال العام الماضي، حيث استقبل 40 ألف حالة علاجية، وقدّم خدمات متابعة لأكثر من 400 ألف مريض. كما أشار إلى امتلاك المعهد أكبر وحدة مناظير في مصر، والتي أسهمت في علاج 5000 مريض، بما في ذلك تنفيذ 16 عملية زراعة كبد ناجحة ضمن البرنامج القومي لزراعة الأعضاء.
دعم ذوي الإعاقة بتكنولوجيا حديثة
تناول الدكتور أحمد الأتربي، مدير مصنع الأطراف الصناعية بالمعهد القومي للجهاز الحركي، في محاضرته جهود تطوير الأطراف الصناعية لتلبية احتياجات الأفراد ذوي الإعاقة. وأكد أن هذه الأدوات تعزز قدراتهم على الاندماج في المجتمع، ما يسهم في تحسين جودة حياتهم.
كذلك استعرض الدكتور محمد عبدالواحد، جراح الأورام بمستشفى أحمد ماهر التعليمي، دور الذكاء الاصطناعي في دعم جراحة الأورام، مشيرًا إلى أن هذه التقنيات تساعد الأطباء في اتخاذ قرارات دقيقة وتحسين نتائج العلاج بشكل ملموس.
يمثل مشروع المدينة الطبية خطوة استراتيجية نحو تحقيق التنمية المستدامة، من خلال توفير بيئة متكاملة للرعاية الصحية والبحث العلمي. وتطمح الدولة إلى أن يصبح هذا المشروع نموذجا يحتذى به في الشرق الأوسط، يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والرعاية الصحية الشاملة.كما يعكس هذا المشروع رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى تطوير قطاع الصحة يلبي الاحتياجات المتزايدة للسكان. ويؤكد المسؤولون أن المدينة الطبية ستكون ركيزة أساسية لتحقيق تكامل بين التخصصات الطبية المختلفة، مما يعزز من مكانة مصر على خارطة الابتكار الطبي العالمي.
إن هذا التوجه لا يقتصر على تحسين جودة الخدمات الصحية، بل يُعد استثمار حقيقيا في المستقبل، حيث يمثل الصحة والبحث العلمي أساسا لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الشامل في البلاد.