شؤون سياسية

شباب مصر يكتبون المجد من قلب الأقصر

في قلب مدينة الأقصر، حيث تتقاطع الأزمنة تتعانق الحضارات، يسير شباب الاتحاد الشبابي لدعم مصر، كما لو كانوا يسيرون داخل رواية ممتدة من المجد، لا يكتفون بالمشاهدة بل يكتبون سطور جديدة فيها. الوجوه التي تعكس الحماس، والخطوات التي تحمل الإصرار، والعيون التي تلمع بإدراك القيمة، كل ذلك يرسم لوحة حية لواقع جديد يتشكل على أرض التاريخ، ويعلن بوضوح أن الانتماء لم يعد مجرد شعور، بل فعل يومي وتوجه مستقبلي

تحولت الزيارة إلى معابد حتشبسوت وهابو، وإلى وادي الملوك والمتحف،  إلى نقطة انطلاق حراك فكري وثقافي، يؤمن بأن الشباب حين يقترب من ماضيه، يصبح أكثر فهما لحاضره، وأكثر جاهزية لصناعة غد يليق ببلد مثل مصر. لم تكن الجدران المزينة بنقوش الفراعنة مجرد رموز، بل شواهد على ما يمكن أن يحققه الإنسان حين يؤمن بذاته، ويستثمر في قدراته، ويتواصل مع جذوره بوعي وفخر.

الملامح لم تكن عابرة، الانبهار لم يكن لحظة، بل إحساس داخلي بالمسؤولية وملكية هذه الحضارة العظيمة. هنا يتجاوز الشباب حدود الزائرين، يتحولون إلى رواة جدد لتاريخ بلادهم، يقرؤون، يفهمونه، وينقلونه بطريقتهم الخاصة، إلى أقرانهم وأسرهم و مجتمعاتهم.

في حديثه عن هذه التجربة، يصف محمود عياد، أحد أعضاء الاتحاد، كيف أثرت الزيارة على نظرته لبلده، مؤكدًا أن ما جرى في الأقصر يتجاوز كل توقع، ويصنع فرقا حقيقيا في وعي الشباب. يرى أن ما بذله من تنظيم وتخطيط لم يكن عشوائيا، بل نتاج رؤية واعية تؤمن بأن الشباب ليسوا مجرد مستهدفين في البرامج التنموية، بل هم الشركاء الأساسيون في قيادة التغيير.

الفكرة تتسع وتعمق، حين نعلم أن هذه الزيارة جزء من برنامج قومي متكامل، تسانده إرادة سياسية وشعبية، يتبناه الاتحاد الشبابي بدعم مباشر من وزارة الشباب والرياضة، بقيادة الوزير الدكتور أشرف صبحي. المتابعة المستمرة من المهندس فتحي شومان، رئيس الاتحاد، لم تكن مجرد إشراف إداري، بل مشاركة وجدانية وعملية تترجم إيمانه بأن شباب مصر يستحقون الدعم والتوجيه وليس الوصاية أو التلقين.

التجربة لا تكتمل دون الوقوف على الدور التربوي التثقيفي الذي تحدث في نفوس المشاركين. حسن فتحي، نائب رئيس الاتحاد، يؤكد أن الأمر يتجاوز كثيرًا التقاط الصور ونشرها على مواقع التواصل، ليصل إلى مستوى أعمق من التأثير، يعيد تشكيل الوعي، ويزرع في الشباب مفاهيم الانتماء والتعاون والعمل الجماعي. يؤمن بأن كل شاب عاد من الأقصر، عاد بفكرة مختلفة، وطاقة جديدة، وشعور أكبر بالمسؤولية تجاه وطنه.

أما أسماء محمد جاد الرب، مقرر عام الاتحاد بالأقصر، فقد عبرت بكلمات نابعة من القلب عن إحساسها وهي تتجول وسط المعابد: كأننا نتحرك في كتاب مفتوح، نقرأ فيه أنفسنا، نكتشف أننا نملك تاريخ لا يقدر بثمن، ويجب أن نحمله بأمانة للأجيال القادمة. كلماتها لم تكن مجرد وصف للمكان، بل انعكاس لروح جديدة بدأت تتشكل في وجدان جيل بأكمله.

الواقع يشهد بأن مثل هذه المبادرات ليست مجرد فعاليات موسمية، بل استثمار طويل الأمد في الإنسان. الدولة تدرك أن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية تبدأ من الوعي، والوعي لا يمنح، بل يبنى، بالتجربة و المعايشة، بالحوار والانفتاح، بالممارسة والفعل. ومن هنا، يصبح كل معبد يُزار، وكل قصة تروى، وكل نقش يأمل، لبنة في بناء عقل وطني متنور، يؤمن بالعلم والتاريخ والعمل.

القيمة الحقيقية لا تكمن فقط في الحاضر، بل فيما تنتجه هذه الزيارات لاحقًا، من أفكار ومبادرات وشخصيات قادرة على تمثيل مصر في كل المحافل، بثقة ومعرفة ووعي. فهؤلاء الشباب، الذين تلمسوا جدران المجد، لن يرضوا بأقل من بناء مستقبل يماثله في العظمة.

وبينما تتأهب المدن الأخرى لاستقبال دفعات جديدة من شباب الاتحاد، تتضح ملامح مشروع وطني يتقدم بخطى واثقة، لا يلهث خلف شعارات ولا يركن إلى الكلام. هو مشروع يؤمن بالفعل، ويعمل من الميدان، ويدرك أن الطريق إلى النهضة يبدأ من عيون تلمع بالحلم، اقدام تسير نحو المستقبل، وقلوب مليئة بالإيمان بالوطن.

التحرك في الأقصر لم يكن لحظة عابرة، بل بداية حراك شامل، يضع الإنسان في قلب المعادلة، ويراهن على وعيه وقدرته، يستثمر فيه من منطلق الإيمان، لا من باب التجميل أو المظاهر. إنها مصر، حين تُراهن على شبابها، لا تخسر أبدًا.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5523

موضوعات ذات صلة

نتنياهو يغلق الباب أمام هدنة مؤقتة في غزة

المحرر

السلطة الفلسطينية تستعرض فرض قوتها فى مخيم اللاجئين بجنين

المحرر

روسيا تعود من بوابة أفريقيا: أمن ومكانة عالمية

المحرر

ليبيا : ميليشيات طرابلس بين الفوضى والسيطرة

المحرر

دعوات صهيونية لذبح قرابين بالمسجد الأقصى تثير غضب البرلمان

المحرر

البرلمان يوافق على قانون الضمان الاجتماعي

المحرر