شؤون سياسية

نصف مليون سوداني يعودون من مصر للسودان

في ظل ايام عيد الأضحى، تشهد مراكز تجميع السودانيين في القاهرة ازدحاما غير مسبوق، مع تدفق متواصل لآلاف الراغبين في العودة إلى وطنهم. حركة نشطة تتحرك فيها العائلات بين الأرصفة المزدحمة، حقائبهم تروي حكايات طويلة عن الهروب من الحرب، والاستقرار المؤقت، والحنين الذي لا يخبو. الأعداد المتزايدة للعائدين دفعت الجهات المصرية المختصة للموافقة على تشغيل 300 بص يوميًا لنقل السودانيين عبر المعابر البرية، مقارنة بـ80 فقط في الأشهر الماضية، في استجابة مباشرة للتغيرات الطارئة على الأرض والطلب المتصاعد مع قدوم العيد.

اللافت في هذا المشهد ليس فقط الزخم البشري المتدفق نحو الجنوب، بل أيضًا الارتفاع الصاروخي في أسعار تذاكر العودة، والتي تضاعفت من 2000 جنيه إلى 4500 جنيه خلال أيام معدودة. ظاهرة أثارت الكثير من التساؤلات والجدل، خاصة وسط ظروف اقتصادية صعبة يعيشها معظم السودانيين المقيمين في مصر، الذين فروا من بلادهم بعد اندلاع الحرب الأهلية في 2023، بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي، مما أسفر عن واحدة من أكبر موجات النزوح في المنطقة. ملايين عبروا الحدود شمالا، واليوم، يعود جزء منهم في رحلة معاكسة محفوفة بالمشاعر المتضاربة.

مهما طال الغياب

حافلات عملاقة تنطلق من قلب القاهرة، ومن الإسكندرية شمالا، والأقصر وأسوان جنوبا، متجهة إلى معبري أرقين قسطل على التوالي. والرحلة لا تقتصر على الحركة الجغرافية فقط، بل تحمل في طياتها أملا بالخلاص أو استعادة الحياة وسط أنقاض الحرب. كثير من العائدين يرددون أنهم يشعرون أن الوقت قد حان للعودة، حتى وإن كان السودان ما يزال يحمل جراحه. يقول أحدهم من أمام بص متجه إلى معبر أرقين: “مهما طال الغياب، في الآخر الواحد لازم يرجع أرضه، حتى لو رجع على حرب”.

تشير تقديرات السفارة السودانية بالقاهرة إلى أن عدد العائدين خلال الشهر الجاري قد يصل إلى نصف مليون سوداني، فيما يمكن اعتباره أكبر حركة عودة جماعية منذ اندلاع القتال. هذه الأرقام تعكس حجم الأزمة الممتدة منذ أكثر من عام، وتبرز من ناحية أخرى مرونة التنسيق المصري السوداني في إدارة ملف العابرين، خاصة مع وجود تحديات لوجستية ضخمة تتعلق بالأمن والوقود والتنظيم البري.

المشهد مرشح للتطور خلال الأسابيع المقبلة، مع توقعات بارتفاع عدد الحافلات مجددا، وربما المزيد من الضغط على نقاط العبور البرية. وفي الأفق، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل ستكون العودة نهاية رحلة النزوح، أم بداية فصل جديد من المواجهة مع واقع مضطرب لم ينجلِ بعد؟ بينما يلوح الوداع في محطات مصرية مؤقتة، تترقب الحدود الجنوبية وجوها طالما تعلقت بالوطن الغائب، في زمن لا يهدأ فيه الحنين

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5484

موضوعات ذات صلة

صراع الردع يضع المنطقة على حافة مواجهة جديدة

المحرر

ترامب .. رؤية سلام ووعود للعودة إلى الطريق الصحيح

المحرر

جثة السنوار تشعل غزة من جديد

المحرر

تصريحات القائد العسكري لهيئة تحرير الشام هل تنجح

المحرر

دمشق تجند من كانو خصوما بالامس

المحرر

سوريا على نار هادئة وايران خارج خارطة الطريق

المحرر