شؤون سياسية

أول تشريع لتقنين وضع اللاجئين في مصر

مصر تخطو خطوة غير مسبوقة في تنظيم شؤون اللاجئين عبر إقرار أول قانون من نوعه يهدف إلى تقنين أوضاعهم وضمان حقوقهم. القرار الذي وافق عليه مجلس النواب  مؤخرًا يأتي بعد سنوات من استقبال البلاد لأعداد متزايدة من اللاجئين، وسط شكاوى من عدم تناسب الدعم الدولي مع العبء الذي تتحمله القاهرة. رغم ترحيب واسع بالقانون الجديد، إلا أن هناك مخاوف أُثيرت بشأن تبعية اللجنة المختصة بشؤون اللاجئين لمجلس الوزراء، مما يثير تساؤلات عن استقلاليتها.

الخبير القانوني المستشار سيد مهران يرى أن القانون يمثل نقلة نوعية في تعامل مصر مع قضايا اللاجئين. وأن “وجود لجنة دائمة تحت إشراف مجلس الوزراء يُعد أمرًا منطقيا لضمان التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، لكنه يشدد على ضرورة وضع معايير واضحة لاختيار أعضاء اللجنة وتدريبهم لضمان النزاهة والشفافية في اتخاذ القرارات”. وأكد مهران أن تطبيق القانون يتطلب توفير الموارد اللازمة لتجنب أي تعارض بين حقوق اللاجئين والاعتبارات الأمنية.

من جهة أخرى، يطرح الخبير السياسي طارق الهواري وجهة نظر متوازنة، مشيرًا إلى أن القانون يعكس رغبة الحكومة في السيطرة على الملف، خاصة في ظل تحديات أمنية وسياسية تواجهها البلاد. الهواري يرى أن تبعيتها لمجلس الوزراء قد تكون نقطة ضعف إذا لم تدار بشفافية، لكنه أضاف أن القانون يمنح اللاجئين حقوقًا مهمة مثل حق العمل وممارسة الشعائر الدينية، ما يُعد تطورا إيجابيا يعكس التزام مصر بالمعايير الدولية.

مفهوم الاستقلالية

لكن على الجانب الآخر، تعبر منظمات حقوقية عن مخاوفها. أحد أبرز الانتقادات يتعلق بمفهوم الاستقلالية، حيث ترى تلك المنظمات أن اللجنة التي سيمولها مجلس الوزراء قد تتعرض لضغوط سياسية تؤثر على قراراتها. تقرير صادر عن 22 منظمة حقوقية أشار إلى أن القانون يفتقر إلى رؤية شاملة لدمج اللاجئين في المجتمع المصري، مشيرًا إلى وجود بنود فضفاضة تتعلق بمخالفات الأمن العام والنظام العام، والتي قد تستخدم لتقييد الحريات.

من جهة أخرى، يرى تيار واسع داخل المجتمع المصري أن القانون خطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة مع تصاعد الأعباء التي تتحملها الدولة لاستضافة اللاجئين. وفقًا لإحصاءات رسمية، يبلغ عدد الأجانب في مصر حوالي 9 ملايين شخص، يمثل اللاجئون وطالبوا اللجوء جزءًا صغيرا منهم، بينما تتكفل الدولة بتقديم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. وتعد مصر من بين الدول القليلة التي لا تفرض نظام المخيمات على اللاجئين، مما يعزز اندماجهم في المجتمع المحلي.

آلية التنفيذ

لكن ما يثير القلق، بحسب تقرير مشترك منظمات حقوقية، هو غياب الآليات الواضحة لتدريب أعضاء اللجنة المختصة بشؤون اللاجئين على التعامل مع الطلبات بمهنية وعدالة. هذا الانتقاد يفتح الباب للتساؤل عن كيفية ضمان استقلالية اللجنة في ظل تبعيتها للحكومة، خاصة في الحالات التي تتطلب حساسية عالية تجاه قضايا إنسانية.

ويشير الخبراء إلى أهمية تحديث البيانات والإحصائيات بشكل دوري لضمان دقة القرارات التي تتخذ بشأن طلبات اللجوء. ويؤكد أن القانون يمثل بداية جيدة لكنه يحتاج إلى لوائح تنفيذية صارمة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

في المستقبل، يتوقع الخبراء أن يفتح القانون الجديد الباب أمام تحسين وضع اللاجئين في مصر، لكن ذلك يتطلب تعاون وثيقا بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية. الهواري يقترح إنشاء مجلس استشاري يضم ممثلين عن المنظمات الحقوقية وخبراء دوليين لتقديم المشورة للجنة الدائمة، مما يعزز الثقة في قراراتها.

 يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع هذا القانون تحقيق توازن بين متطلبات الأمن القومي وحقوق اللاجئين؟ الإجابة ستتضح مع بدء تطبيق القانون ومدى قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها بحماية حقوق اللاجئين ومساعدتهم على بناء مستقبل أفضل في مصر

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5620

موضوعات ذات صلة

عائد من الموت ومرشح للخلافة

المحرر

سوريا على نار هادئة وايران خارج خارطة الطريق

المحرر

إيران : مصداقية الاندماج و التعايش السلمي بين الواقع والخيال

المحرر

تدشين حزب الجبهة الوطنية رسميا

المحرر

قانون أمريكي مرتقب لإدراج الإخوان إرهابيين

المحرر

برلمانيون: حكم الدستورية بشأن الإيجار القديم رفع الحرج عن الجميع

المحرر