شؤون سياسية

إيران تدفع حزب الله لمغازلة الرياض

من بيروت يخرج دخان سياسي كثيف، عنوانه دعوة حزب الله المفاجئة للمملكة العربية السعودية لفتح صفحة جديدة وتجاوز خلافات الماضي. الدعوة التي أعلنها نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، لم تكن مجرد مبادرة بروتوكولية، بل جاءت بعد ضغوط مباشرة من طهران، حيث لعب علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، دور مهندس الكواليس خلال زيارته الأخيرة للرياض.

المصادر الإيرانية كشفت أن لاريجاني نقل إشارات واضحة للحزب بضرورة إظهار حسن النية تجاه المملكة، في ظل تصاعد الضغوط الأميركية والدولية لإجبار بيروت على وضع خطة لنزع سلاح الحزب، بالتزامن مع استمرار الغارات الإسرائيلية على الجنوب. المشهد برمته يوحي بأن الحزب يتحرك تحت ضغط العاصفة، فيما تحاول طهران حمايته عبر فتح قنوات خلفية مع السعودية.

مناورة إيرانية 

اللواء يونس السبكي، الخبير الاستراتيجي، وصف هذه الخطوة بأنها مناورة إيرانية محسوبة. قال: إيران تعرف أن خسارة سلاح حزب الله تعني انهيار نفوذها في المشرق، ولذلك أوعزت للحزب بالظهور بوجه أكثر مرونة تجاه السعودية. لكن هذه الدعوات لا تعكس قناعة حقيقية، بل مجرد محاولة لشراء الوقت أمام الضغوط المتصاعدة”، مضيفاً أن الرياض تقرأ المشهد جيداً ولن تنجر وراء أي محاولات لتجميل الصورة.السعودية، التي طالما اعتبرت حزب الله منظمة إرهابية، لم تظهر أي استعداد لتغيير موقفها. بالنسبة لها، المبدأ واضح: السلاح يجب أن يكون حصراً في يد الدولة. المحللة السياسية

مها الشريف، رئيسة تيار المستقبل ضد العنف والإرهاب، شددت على أن “المملكة لا تتعامل بالبراغماتية الضيقة. رؤيتها ثابتة: لا مكان للميليشيات الطائفية المسلحة في مستقبل المنطقة. ما تطرحه إيران عبر حزب الله لا يتماشى مع مشروع الاستقرار السعودي، ولذلك ففرص نجاح هذه المبادرات تكاد تكون منعدمة. وأشارت إلى أن الاتفاق السعودي الإيراني عام 2023 لم يمنح إيران حق تثبيت أذرعها العسكرية، بل كان إطاراً لضبط الإيقاع الإقليمي فقط.

في خلفية الدعوة يلوح حدث آخر: الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد قيادات من حركة حماس في قطر، الحليفة القريبة من السعودية. الحزب اعتبر أن هذا التطور ربما يخلق أرضية مشتركة مع المملكة لمواجهة إسرائيل. لكن

 الغطاء الإيراني

وفي نفس السياق، حذرت مها الشريف من أن استمرار رهان الحزب على الغطاء الإيراني سيؤدي إلى مزيد من الانهيار للبنان، معتبرة أن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الدولة اللبنانية نفسها، وعلى جيشها ومؤسساتها الشرعية، وليس على سلاح خارج السيطرة

اما الكاتبة الصحفيةرشا فتحي فترى أن هذه القراءة سطحية.  فالسعودية لا تخلط بين الملفات السيادية والمعارك الظرفية. مواجهة إسرائيل لا يمكن أن تكون ذريعة للإبقاء على ميليشيا مسلحة تفرض أجندتها على الدولة اللبنانية. المملكة تدرك أن تكتيكات حزب الله قصيرة المدى ولا تؤدي إلا لمزيد من الفوضى، مؤكدة أن المتضرر الأول والأخير من هذه المناورات هو الشعب اللبناني.

 كما سلطت رشا فتحى الضوء على البعد الشعبي للأزمة، قائلة: المواطن اللبناني أصبح أسيراً لصراع إقليمي لا يملك فيه قراراً. بينما القوى الكبرى تتصارع على النفوذ، يعيش الناس تحت أعباء اقتصادية خانقة، والبلد مهدد بالانهيار الكامل. أي تقارب حقيقي يجب أن يبدأ من قرار داخلي يعيد حصرية السلاح للدولة مشيرة إلى أن المشهد الحالي لا يبشر بتغيير قريب.

هكذا يتضح أن دعوة حزب الله الرياض ليست سوى انعكاس لحسابات معقدة وضغوط متزايدة، تتحرك فيها طهران بدور الراعي الحريص على حماية أوراقه، بينما تظل السعودية ثابتة على مبدأها: لا تفاهم مع الميليشيات ولا استقرار دون دولة قوية تمتلك السلاح وحدها. وفي خضم هذه التجاذبات، يظل لبنان عالقاً بين المطرقة الإيرانية والسندان السعودي، ينتظر لحظة قد تعيد ترتيب أوراق اللعبة الإقليمية

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5058

موضوعات ذات صلة

سباق تركى قطري لجني ثمار اسقاط الأسد

المحرر

حين تتحول العمامة إلى سلطة

المحرر

شباب مصر يكتبون المجد من قلب الأقصر

المحرر

ايران تخرب والعرب يعمرون

المحرر

لا إعمار ولا استثمار قبل نزع سلاح حزب الله

المحرر

قمة الرياض وحل الدولتين

المحرر