في قرية الربعماية بمحافظة البحيرة، حيث يلتقي الإيمان بالحياة اليومية، تحولت كنيسة إنجيلية بسيطة إلى منبر حواري يجمع مسيحيين ومسلمين في نقاش جريء حول “التسامح وقبول الآخر”. لم تكن الندوة مجرد كلمات، بل خطوة عملية لتعزيز التعايش في مجتمع يعاني من التوترات الاجتماعية، برعاية لجنة الحوار المسكوني بسنودس النيل الإنجيلي، وسط أجواء من الألفة التي أكدت أن الاختلاف قوة لا تهديد.
افتتاح حواري يفتح الأبواب
استهلت الندوة في مقر الكنيسة الإنجيلية بالربعماية بكلمة ترحيب من الدكتور القس إبراهيم زكريا، راعي الكنيسة، الذي أكد أن مثل هذه اللقاءات ضرورية لبناء جسور التعايش المشترك. “أبواب الكنيسة مفتوحة للجميع دون تمييز”، قال، مشددًا على دور الكنيسة في خدمة الإنسان والمجتمع، سواء كان مسيحيًا أو مسلمًا.
هذه الكلمات لم تكن شعارات؛ بل دعوة حقيقية للحضور المتنوع، الذي شمل قيادات دينية وسياسية واقتصادية وإعلاميين، إلى جانب أبناء الكنيسة من الديانتين، مما جعل الندوة مساحة حية للتبادل الإيجابي.
التسامح قوة أخلاقية لا ضعف
ألقى القس يسري عيسى، رئيس لجنة الحوار والعلاقات المسكونية بمجمع الدلتا الإنجيلي، كلمة اللجنة، موضحًا أن التسامح ليس استسلامًا أمام الآخر، بل قوة إنسانية تحمي المجتمعات من الانقسام وتعزز السلام. “التسامح سمة عميقة تحفظ الروابط”، أضاف، مشيرًا إلى أنه ينبع من قيم الإيمان المشتركة التي تجمع الأديان.
ومن جانبه، أكد القس رفعت فكري، رئيس مجلس الحوار بسنودس النيل الإنجيلي، أن الاختلاف “سنة إلهية”، وأن الله خلق البشر مختلفين ليكملوا بعضهم، لا ليتصارعوا. هذه الرؤية اللاهوتية ألهمت الحضور، الذين رأوا فيها مفتاحًا لبناء مجتمع صحي يقبل التنوع كغنى لا كتهديد.
صوت الأزهر يدعم التعايش
أضاف الشيخ محمد الجيزاوي، ممثل الأزهر الشريف، بعداً إسلامياً للحوار، مؤكدًا أن التسامح قيمة أصيلة في الإسلام، ترتكز على الرحمة واحترام الإنسان بغض النظر عن انتمائه. “التسامح دعامة للعيش المشترك”، قال، مشددًا على أن الإسلام يدعو للمحبة والتفاهم كأساس للمجتمع.
شارك الدكتور القس ماهر إبراهيم في إثراء النقاش بمداخلات حول القيم المشتركة بين الأديان، بينما تولى القس نشأت واطسن إدارة الفعاليات، مما ضمن تدفق الحوار بسلاسة وإيجابية.
مشاركة شعبية تعكس الواقع
شهدت الندوة تدخلات من شخصيات عامة في السياسة والاقتصاد والإعلام، إلى جانب قيادات دينية وأبناء الكنيسة من مسلمين ومسيحيين، الذين شاركوا قصصًا شخصية عن التسامح في حياتهم اليومية. هذه المداخلات، المليئة بالروح الإيجابية، حولت الندوة إلى جلسة تفاعلية حقيقية، حيث أصبح الجميع شركاء في رسم صورة مجتمع يعتمد على المحبة والتفاهم.
في الختام، انتهى اللقاء في أجواء ألفة، مع التأكيد على استمرار مثل هذه المبادرات لترسيخ ثقافة الحوار في المجتمع المصري، بعيدًا عن التوترات والانقسامات.
