
في أجواء تسبق عيد النور الإلهي، تستقبل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صوم الميلاد، حيث يغمر الإيمان قلوب الأقباط استعدادًا لميلاد المسيح، معلنًا رحلة روحية تحول الانتظار إلى فرح أبدي، وتدعو كل مؤمن إلى تجديد نفسه في ظلال الليالي المُقدسة.
بداية الصوم ومدته
يبدأ صوم الميلاد في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 25 نوفمبر من كل عام، ويستمر 43 يومًا وينتهى في 6 يناير، والذي يُعرف بـ”صوم الميلاد المجيد”، ويهدف إلى التوبة والتطهير الروحي، مع التركيز على الصلاة والصدقة كوسيلة للاقتراب من الله.
هذا الصوم يُعد من أبرز الأعياد السنوية، حيث يجمع المؤمنين في كنائسهم للاحتفال بالاستعداد لميلاد الطفل يسوع في بيت لحم، في عام 2025، يأتي هذا الصوم في سياق تحديات عالمية، مما يعزز من أهميته كمصدر قوة روحية للمجتمع القبطي الذي يتجاوز 10 ملايين نسمة في مصر وحدها.
يُشجع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، دائمًا على المشاركة الجماعية، معتبرًا الصوم فرصة لتعزيز الوحدة الوطنية والأسرية، بعيدًا عن الضجيج اليومي، ليصبح وقتًا للتأمل في معجزة التجسد الإلهي التي غيرت مسار التاريخ البشري إلى الأبد.
نوع الماكولات المسموحة
يُمنع فيه تناول اللحوم، الدواجن، الألبان، البيض، كما يسمح فيه تناول المأكولات البحرية فقط بخلاف الصوم الكبير الذي يبدأ في ابريل القادم ويستمر لمدة ٥٥ يومًا، ويصبح الصوم نظامًا غذائيًا نباتيًا يُعتمد على الخضروات الطازجة مثل السبانخ والفاصوليا، والفواكه كالتفاح والبرتقال، بالإضافة إلى المكسرات والحبوب غير المعالجة، و يُسمح بالخبز الخالي من الدسم، والزيوت النباتية في أيام معينة، مع التركيز على الوجبات البسيطة التي تعكس الزهد والتواضع، في أيام الأربعاء والجمعة، يُفطر بعد الغروب بوجبة خفيفة، بينما في الآحاد يُسمح بالزيت والنبيذ كرمز للفرح المسيحي. هذا النظام لا يقتصر على الجسد، بل يهدف إلى تنقية النفس من الإفراط، مستذكرًا قصة آدم وحواء في الجنة قبل السقوط، كثير من العائلات القبطية تتبع وصفات تقليدية مثل الخضار المقلية بالزيتون أو السلطات الطازجة، مما يجعل الصوم تجربة ممتعة تعزز الصحة الجسدية والروحية معًا، وتُشجع على مشاركة الطعام مع الفقراء كجزء من الصدقة.
أنواع الصلوات الخاصة
تشمل الصلوات اليومية القداس الإلهي الذي يُقام في الكنائس صباحًا، مع قراءات من الأناجيل عن ميلاد المسيح كما في إنجيل متى ولوقا، ليذكر المؤمنين بزيارة الملائكة والرعاة، وتُضاف ساعات السُحر والغروب، حيث تُتلى المزامير والترانيم الميلادية التقليدية مثل “يا مولود البتول”، بالإضافة إلى صلوات “المديح” الخاصة بالأعياد. يُشجع على الصلاة الشخصية في المنازل، مثل ليالي التسبيح والتأمل والتى تبدأ في شهر كيهك في أسرار التجسد، مع التركيز على الاعتراف للتوبة الحقيقية، في الكنائس الكبرى، تُقام صلوات جماعية تشمل التراتيل القبطية القديمة التي تعود إلى القرون الأولى، مما يعزز الروابط الأسرية والمجتمعية، هذه الصلوات ليست مجرد طقوس، بل وسيلة للتواصل مع الله، حيث يُدعى المؤمنون إلى الاستماع لكلمة الله يوميًا، ومشاركة الشهادة في مجموعات صغيرة، ليصبح الصوم مدرسة حياة تحول القلوب نحو السلام والمحبة، استعدادًا للاحتفال بعيد الميلاد بكل بهجة.
