تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، غدًا، بتذكار نياحة قداسة البابا إبرام ابن زرعة الـ62، الذي حوّل قصة تاجر سرياني إلى أسطورة إيمانية مليئة بالمعجزات، واستشهاد القديس باطلس القس.
في زمن التحديات الدينية والسياسية، يبرز إرث البابا إبرام كشهادة حية على قوة الإيمان التي تنقل الجبال، من خلال قصة نقل جبل المقطم الشهيرة التي أذهلت الخليفة المُعز نفسه، ودعوته للرحمة والإصلاح الروحي.
من تاجر ثري إلى بطريرك زاهد
في عام 970 ميلاديًا، تنيح البابا إبرام ابن زرعة، الـ62 على الكرسي المرقسي، وهو مسيحي مشرقي سرياني الجنس، ابن التاجر الثري زرعة، تردد على مصر مرات عديدة حتى استقر فيها، متزينًا بفضائل الرحمة والعلم، عندما خلا الكرسي البطريركي، اختاره الأساقفة والشيوخ لقيادة الكنيسة، فوزّع كل ماله على الفقراء، محولاً حياته إلى نموذج زُهد يلهم الأجيال في أيامه، عيّن قزمان بن مينا واليًا قبطيًا على فلسطين، الذي أودع عنده 100 ألف دينار لتوزيعها على المحتاجين إن مات، ففعل البابا ذلك عند سماعه بغزو هفكتين، ليفرح قزمان بعودته ويكتشف الرحمة الحقيقية.
إصلاحات جريئة ومعجزة الرجل العنيد
أبطل البابا إبرام العادات الرديئة، مُحرّمًا الرشاوى لنيل الرتب الكنسية، ومنع اتخاذ السراري، مما أيقظ الخوف من الله في الشعب. تُوب معظم المتورطين، لكن رجلًا من سراة الدولة تحدّاه، فوعظه البابا كثيرًا وذهب إلى داره متضعًا كالمسيح. أغلق الرجل بابه، فانتظر البابا ساعتين دون فتح، فرأى فيه فسادًا يهدد الكنيسة، فحرمه وقال: “دمه على رأسه”، ثم نفض غبار نعله، في تلك اللحظة، انشقت عتبة الدار الصوانية إلى نصفين أمام الجميع، فافتقر الرجل ومات مهانًا، صار عبرة للخطاة.
مُعجزة جبل المقطم أمام الخليفة
في زمن الخليفة المُعز، تحالف وزير يهودي إسلام (يعقوب بن يوسف) مع صديق يهودي للإيقاع بالمسيحيين، مستغلين كلمة المسيح عن الإيمان الذي ينقل الجبال. استدعى المُعز البابا إبرام والأنبا ساويرس ابن المقفع، فجادلا اليهودي حججًا دامغة، مُكرمين بالخروج، لكن الوزير أثار الشكوك بقول إنجيلي عن نقل الجبل، فرأى المُعز فائدة في نقل جبل المقطم عن القاهرة، طلب البابا مُهلة ثلاثة أيام، فجمع الرهبان في كنيسة المعلقة يصومون ويصلّون ثلاثةأيامعلى التوالي، ظهرت السيدة العذراء مريم في الرؤيا، مشيرة إلى رجل أعور يحمل جرة ماء كمن ينقل الجبل، كان سمعان الخراز، الذي أصيب بعينه لرفضه الإغراء، يصوم يوميًا ويخدم الكهول، ذهب الجميع إلى الجبل مع الخليفة، واختبأ سمعان خلف البابا ابرأم وصلّوا، وارتفع الجبل ثلاث مرات عند كلمة “كيرياليسون”، فطلب المُعز الآمان واحتضنه البابا بن زرعة، صارا صديقين، طلب المُعز من البابا أي شيء، فسأل عمارة الكنائس، فأذن له وأعطاه أموالاً رفضها البابا زهدًا. بنى المُعز أساس كنيسة مرقوريوس بنفسه ليمنع المعارضين، وجدّد البابا كنائسًا كثيرة قبل نياحته ب 3 سنوات و6 أيام.
تذكار الشهيد باطلس القس
وفي اليوم نفسه، تُعيد الكنيسة تذكار استشهاد القديس باطلس القس، الذي ضحّى بحياته شهادة للإيمان، مضيفًا إلى الاحتفال بريق الاستشهاد الذي يذكّر بالصمود أمام الاضطهاد. بركة صلاتهما تكون معنا، آمين.
