
شهدت المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، جدلاً واسعاً حول وجود انتهاكات جسيمة وعمليات تلاعب واسعة النطاق في العديد من الدوائر الانتخابية، وقد دفع هذا الأمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى دعوة “الهيئة الوطنية للانتخابات”، المعنية بالإشراف على العملية برمتها، إلى إجراء تحقيق شامل وفحص الطعون المقدمة بهذا الشأن، واتخاذ القرارات المناسبة وإعلان إرادة الناخبين الحقيقية بوضوح، حتى لو وصل الأمر لإلغاء نتائج هذه المرحلة بالكامل.
على الفور استجابت الهيئة الوطنية للانتخابات، لدعوة الرئيس، حيث قامت بإلغاء الانتخابات في 19 دائرة انتخابية ضمن 7 محافظات، نتيجة للانتهاكات والمخالفات الجسيمة التي شابت العملية الانتخابية في البلاد.
بيان نادي القضاة
أكد نادي قضاة مصر، أنه عملًا بأحكام الدستور لم يتولَّ القضاة وأعضاء النيابة العامة الإشراف على الانتخابات البرلمانية لعام 2025.
وأوضح النادي، أن عدم الإشراف على الانتخابات يأتي التزامًا بما قرره الدستور من عدم مشاركة القضاة في الإشراف على الاستحقاقات الانتخابية إلا في حدود ما يقرره القانون.
ووجه نادي القضاة، الشكر إلى هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة لما بذلوه من جهد كبير في الإشراف على العملية الانتخابية خلال الجولة الأولى، مؤكدا أن مشاركتهم جاءت في إطار خدمة الوطن وتحمل المسؤولية الوطنية في تلك المرحلة.
النيابة الإدارية تتهم الهيئة الوطنية للانتخابات
أصدر النادي البحري للنيابة الإدارية، بيانًا توضيحًا لموقفه بوصفه الجهة التي تولّت عملية مراقبة الانتخابات.. ما تضمّنه بيان نادي النيابة الإدارية يُعدّ فضيحة كبرى بكل المقاييس؛ فقد قرَّر قضاة النيابة الإدارية -بوضوح لا يدع مجالًا للشك- أنهم لم يسلّموا أي مرشح ولا أي مندوب عنه محاضرَ فرز اللجان الفرعية.
ولم يكتفِ قضاة النيابة الإدارية بهذا الاعتراف الصارخ، بل أضافوا أن ذلك تم بناءً على توجيهات الهيئة الوطنية للانتخابات.
موقف أحزاب الموالاة
أحزاب مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية، التي أشادت بنزاهة وحيادية العملية الانتخابية التي تمت على مدار يومين، سرعان ما تغير موقفها عقب بيان رئيس الجمهورية، حيث أشادت بالبيان، موضحين أنه يحرص على “ترسيخ النزاهة والشفافية وصون إرادة الشعب”، وعلى خروج السباق الانتخابي في أفضل صورة، في تغافل عن أن تلك الانتخابات نفسها أشادت الأحزاب بأجواء “الشفافية” التي أُجريت خلالها.
إعادة النظر في العملية الانتخابية
طالب مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، بإعادة النظر في العملية الانتخابية برمتها، لافتا إلى أن فساد الانتخابات لا يقتصر على تمكين الناخبين من عملية الفرز، بل يمتد إلى الأساس نفسه الذي بدأ من القانون الانتخابي والإجراءات المتبعة.
كما انتقد أيضا الإجراءات التعسفية المبكرة التي اتبعتها الهيئة الوطنية للانتخابات، منها استبعاد مرشحين دون النظر في تناقض التقارير الطبية، واستحداث شروط جديدة على نواب سبق لهم المشاركة والفوز في انتخابات سابقة، مثل اشتراط الخدمة العسكرية، بهدف استبعادهم بقرارات إدارية، مبينا أن هذه الممارسات تمثل صورة من صور التزييف والتزوير، وتفتح باب العزل السياسي الذي يضر بحقوق المواطنة والمشاركة، وتستلزم إعادة النظر الكاملة في الانتخابات من حيث التشريع والإجراءات وما سبق من ممارسات.
وتطرق رئيس الحزب، إلى أن تدخل الرئيس في توجيه الهيئة الوطنية للانتخابات، رغم استقلاليتها المفترضة، يعكس وضعًا سياسيًا بالغ الصعوبة، حيث اضطر النظام السياسي إلى تدخل “السلطة التنفيذية” لتنبيه جهة “تابعة للقضاء”، وهو ما يتعارض مع الاستقرار والأمن، ويظهر أحد مظاهر الوضع “المرعب” في مصر، بحسب وصفه.
فيما انتقد النائب السابق هيثم الحريري، التأخر في محاسبة المتجاوزين، مؤكدًا أن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تتخذ أي إجراءات واضحة تجاه المخالفات أو المشرفين المسؤولين، رغم حجم الأخطاء التي طالت العملية الانتخابية
وأضاف: من الأفضل أن تتقدم الهيئة الوطنية للانتخابات باستقالتها احترامًا للرأي العام ولأصول العملية الديمقراطية.
وأشار، إلى أن فتح باب الترشح شهد تضييقًا واضحًا على من يسمح لهم بتقديم أوراقهم ومن يمنع، بما أخل بمبدأ تكافؤ الفرص وأثر على عدالة المنافسة من البداية.
وتساءل الحريري عن الجهة التي تتحمل تكلفة إعادة الانتخابات، مبينا أن ما جرى يضع الدولة أمام أعباء مالية جديدة كان يمكن تجنبها لو تم ضبط العملية الانتخابية من البداية.
