البلد خانةسليدر

شارع محمد نجيب بالإسكندرية: نمو العمران من قلب العشوائيات

لم يكن يتخيل سكان الإسكندرية أن المنطقة التي كانت تُعرف بـ”عزبة الصفيح”، إحدى البؤر العشوائية القديمة في منطقة سيدي بشر، ستتحول في غضون سنوات قليلة إلى واحدة من أرقى المناطق العمرانية والسياحية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، إذ إن هذا التحول الجذري هو نتاج رؤية تنموية شاملة ومشاريع قومية عملاقة أعادت رسم الخريطة المكانية للمنطقة، لتقدم نموذجاً حياً لنجاح خطط الدولة في القضاء على العشوائيات وتوفير حياة كريمة للمواطنين.

معاناة “عزبة الصفيح”

لعقود طويلة، ارتبط اسم “عزبة الصفيح” في شارع محمد نجيب بالبناء العشوائي، والمنازل المتواضعة، وغياب المرافق الأساسية، والكثافة السكانية العالية، حيث كانت المنطقة تعاني من مشاكل بيئية وخدمية جمة، وتشكل نقطة ضعف في قلب منطقة سياحية واعدة مثل سيدي بشر البحرية؛ إذ كان القاطنون يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة العصرية، وكانت شوارعها الضيقة ومسالكها العشوائية تحد من أي إمكانات للتطوير أو الاستثمار.

تعود الجذور الأولى لعملية التطوير الطموحة إلى فترة تولي اللواء عبد السلام المحجوب منصب محافظ الإسكندرية (1997-2006)، الذي كان رائداً في مواجهة تحدي العشوائيات، إذ أدرك “المحجوب” أن “عزبة الصفيح” تشكل عائقاً أمام التنمية الحقيقية للمدينة الساحلية، وبدأ في وضع مخططات جادة للتعامل مع هذه البؤرة، فلم تكن مهمة إزالة العشوائيات القائمة سهلة، بل تطلبت قرارات حاسمة لبدء مرحلة جديدة من التخطيط العمراني، حيث مهدت جهوده الطريق أمام المشاريع اللاحقة التي استكملت المشوار.

كانت رؤية المحجوب تتجاوز مجرد الإزالة، حيث سعى إلى تحويل هذه المساحات المهملة إلى مناطق حيوية تخدم أهالي الإسكندرية. ورغم أن المشاريع القومية العملاقة التي نشهدها اليوم، مثل المحور الجديد والكباري، هي نتاج المرحلة الحالية من التطوير، إلا أن اللمسة الأولى والقرار الشجاع الذي اتخذه المحافظ الأسبق كان هو الشرارة التي أطلقت هذا التغيير الشامل، مسجلاً اسمه كأحد أبرز الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الإسكندرية الحديث.

بدأت ملامح التطوير تظهر من خلال؛ نزع الملكية وإعادة التخطيط، حيث تم اتخاذ قرارات جريئة بنزع ملكية عدد من العقارات والأراضي في المناطق العشوائية المحيطة لتمهيد الطريق للمشاريع الجديدة، مع تقديم تعويضات عادلة للمواطنين.

نقطة تحول

مع إطلاق الدولة المصرية لمشاريع التطوير الشاملة في الإسكندرية _ مطلع الألفية الجديدة _ والتي شملت محاور مرورية كبرى مثل محور المحمودية وتوسعة طريق الكورنيش، كانت منطقة “محمد نجيب” على رأس الأولويات، حيث لم يكن الهدف مجرد تحسين المظهر الخارجي، بل كان يرتكز على إعادة التخطيط العمراني للمنطقة بأكملها، بما يتناسب مع مكانة الإسكندرية كعروس للبحر المتوسط.

يُعد مشروع محور وكوبري محمد نجيب؛ القلب النابض لعملية التطوير؛ فقد تم إنشاء كوبري محمد نجيب الجديد ونفق للسيارات، ما ساهم في حل أزمات مرورية مزمنة وربط شرق الإسكندرية بغربها بسلاسة.

توسعة الكورنيش وإنشاء مناطق خدمات، حيث تضمنت الأعمال التنموية التي شهدتها الإسكندرية، مؤخراً، توسعة طريق الكورنيش وإنشاء حارات مرورية بديلة، بالإضافة إلى تخطيط مناطق جديدة للخدمات والمرافق والأسواق والمولات التي تخدم السكان والزوار على حد سواء.

وجه حضاري جديد

اليوم، تغير المشهد تماماً، “عزبة الصفيح” أصبحت جزءاً من منطقة “محمد نجيب” الجديدة، التي تتسم بالتخطيط العمراني السليم، والشوارع الواسعة، والمباني الحديثة، وتوفر كافة الخدمات والمرافق، وأمست المنطقة مقصداً للباحثين عن السكن الراقي والمصيف الهادئ، بفضل شواطئها الجميلة وقربها من المحاور الرئيسية بالإسكندرية.

قصة تطوير منطقة محمد نجيب هي شهادة حية على قدرة الإرادة السياسية والتخطيط العلمي على تحويل التحديات إلى فرص، ورسم مستقبل مشرق لمناطق طالما عانت من الإهمال، لتبقى الإسكندرية مدينة تستحق المزيد من الأعمال التنموية التي تليق بتاريخها العريق.

 

 

 

 

 

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=8150

موضوعات ذات صلة

رقمنة الخدمات والهوية الرقمية.. اتجاه الدولة للتحول الرقمي

مروة رزق

مصر تكشف: قفزة جديدة في مشروع الجينوم الثالث

مروة رزق

طرح أولي حلقات مسلسل “لا ترد ولا تستبدل”

فاطمة الزهراء

التوقيع الإلكتروني.. بوابتك لعالم رقمي آمن وسريع

مروة رزق

جامعات مصرية تتجه نحو نموذج تعليمي حديث 

سلوي عمار

الزراعة تحذر المزارعين من آفة خطيرة تصيب البطاطس

المحرر