شؤون سياسية

غضب الشارع الجنوبي يربك الدبلوماسية الأمريكية

وسط أجواء مشحونة بالتوتر، اضطر الموفد الأمريكي توم باراك إلى إلغاء جزء من جولته في جنوب لبنان بعد أن واجه موجة من الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، قادها أنصار حزب الله الذين رفعوا الأعلام الصفراء ورددوا هتافات مناهضة لسياسة واشنطن في المنطقة. المشهد، الذي رُصد في بلدة الخيام، كشف بوضوح حجم الرفض الشعبي لأي محاولات خارجية تهدف لفرض معادلات جديدة على الداخل اللبناني.

فبينما كانت مروحية باراك تهبط داخل ثكنة للجيش اللبناني في مرجعيون وسط إجراءات أمنية مشددة، كان المحتجون يقطعون الطرق ويرفعون صور مقاتلين سقطوا في المواجهات الأخيرة مع إسرائيل. البعض داس على نجمة داود مرسومة على الأرض، فيما كتبت شعارات تصف الولايات المتحدة بـ الشيطان الأكبر، في إشارة صريحة إلى حجم الغضب من السياسات المنحازة لإسرائيل. هذه الأجواء دفعت باراك إلى إلغاء زيارته المقررة للخيام ومدينة صور الساحلية، مكتفياً بلقاء قصير داخل الثكنة العسكرية.

اللواء شبل عبد الجواد، رئيس الشرطة العسكرية السابق ورئيس قطاع مكافحه الارهاب بالمنطقه العربية، أكد أن ما حدث لم يكن مجرد انفعال عابر من الأهالي، إنما رسالة سياسية وأمنية مدروسة من حزب الله إلى واشنطن وإسرائيل في آن واحد. وأضاف أن الحزب أراد أن يثبت أنه مازال قادراً على تحريك الشارع رغم الخسائر التي لحقت به في المواجهة الأخيرة، وأنه لن يسمح بمرور خطط نزع سلاحه بسهولة. ويرى أن الضغوط المفروضة على الحكومة اللبنانية من أجل تجريد الحزب من ترسانته خلال أشهر قليلة أمر بالغ الصعوبة، لأنه يتعارض مع موازين القوى على الأرض

اللواء عبد الجواد أشار أيضاً إلى أن استمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع يقال إنها تابعة لحزب الله يكشف أن تل أبيب تسعى إلى إنهاك الحزب عسكرياً بالتوازي مع الضغط السياسي الذي تمارسه واشنطن على الدولة اللبنانية. وأضاف أن “التكامل بين الضغطين يهدف في النهاية إلى فرض واقع جديد في الجنوب، لكن الحزب مازال يتمتع بقدرة كبيرة على المناورة.

خطة تفرض من الخارج

 وأوضح المستشار السياسي م علي عبده، رئيس مجلس التعاون العربي، أن المشهد يعكس ازدواجية واضحة في السياسة الدولية، فهناك إصرار على نزع سلاح حزب الله، بينما تستمر إسرائيل في القصف اليومي والاحتفاظ بمناطق لبنانية تحت سيطرتها. وأكد أن أي خطة تفرض من الخارج لن تنجح طالما أن الجانب الإسرائيلي يواصل انتهاكاته، لأن الشارع اللبناني يرفض أن يكون هناك طرف أعزل في مواجهة آلة عسكرية مدججة.

ويأتي هذا التطور في وقت أعلنت فيه الحكومة اللبنانية مطلع الشهر الحالي عن خطة تجريد الحزب من سلاحه، على أن يبدأ التنفيذ قبل نهاية العام. غير أن الحزب سارع إلى رفض القرار واعتبره إملاءات مباشرة لا يمكن القبول بها، مؤكداً أن سلاحه هو الضمانة الوحيدة لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية.

أما المستشار من علي عبده مشدد على أن الوقت الحالي لا يسمح بأية تسويات منقوصة، فالتاريخ أثبت أن أي طرف لبناني يتنازل تحت الضغط يخسر كثيراً من رصيده الشعبي والسياسي وأكد أن الرهان على إضعاف الحزب بشكل كامل قد يكون مغامرة غير محسوبة، لأن الشارع الجنوبي أثبت أنه مازال ملتفاً حوله رغم كل الظروف

ومع تصاعد هذه التوترات، يبقى المشهد مفتوحاً على كل الاحتمالات: هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من السير في خطتها لنزع السلاح كما وعدت المجتمع الدولي أم أن الشارع الجنوبي، المدعوم من حزب الله، يعرقل التنفيذ ويعيد الأزمة إلى نقطة الصفر

المؤكد أن الجنوب اللبناني يعيش فوق صفيح ساخن، حيث تتشابك الضغوط الدولية مع الحسابات الداخلية، بينما يبقى السلاح عنوان الصراع الأبرز. وإذا استمرت المواجهات على هذا النحو، فإن الأسابيع المقبلة قد تحمل مفاجآت كبيرة، وربما انفجاراً جديداً يعيد المنطقة كلها إلى مربع الخطر

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5076

موضوعات ذات صلة

حتى لا تواجه سوريا مصيراً يشبه العراق

المحرر

غموض مجهول حول مصير حيدر بعد الضربة الأخيرة

المحرر

سائق ينقذ مدينة ويدفع حياته ثمنأ

المحرر

معارضة إسرائيلية وأمريكية لمخرجات قمة القاهرة

المحرر

غارة نوعية تعصف بالحوثيين وتربك المشهد اليمني

المحرر

نائب ليبي يطالب بتدخل روسيا لمنع التدخل الأوروبي

المحرر