رياضةسليدر

كرة مصر بين الموهبة وسوء التخطيط

في المشهد الكروي المصري، تتسع الفجوة يوماً بعد يوم بين ما تختزنه الملاعب من مواهب شابة واعدة، وبين حجم الاستثمار الحقيقي الذي يُضخ لاكتشافها وتطويرها وتسويقها.
تمتلك المواهب الصغيرة القدرة على صناعة الفارق، لكنها كثيراً ما تترك رهينة الاجتهادات الفردية أو المصادفات، في ظل غياب منهج علمي واضح تتبناه الأندية، ونقص حاد في البنية التحتية الحديثة، وضعف في أدوات التسويق والإعلام الرياضي، فضلاً عن انعدام الشراكات الفاعلة مع وكلاء محترفين قادرين على فتح الأبواب الخارجية أمام اللاعبين.
مراقبون للشأن الرياضي يرون أن اللحظة الراهنة تفرض على الجميع التفكير خارج الإطار التقليدي، عبر تبني استراتيجية وطنية شاملة تجعل من الاستثمار في الفئات العمرية أولوية لا خياراً، استراتيجية تقوم على تمكين الأندية من أدوات احترافية حديثة، تشمل منصات رقمية متخصصة، وبيانات وإحصائيات دقيقة، ومقاطع تحليلية تبرز الجوانب الفنية والمهارية للاعبين، وتضعهم على خريطة الاهتمام الإقليمي والدولي.

استثماري مستدام
ولا يقف الأمر عند حدود التسويق، بل يمتد إلى صياغة عقود ذكية تضمن للأندية حصصاً من إعادة البيع أو عوائد مستقبلية، بما يحول اللاعب من عبء مالي إلى أصل استثماري مستدام، قادر على دعم خزائن الأندية في أوقات الشدة.
التجارب الناجحة التي شهدتها الكرة المصرية خلال السنوات الأخيرة، لم تكن صدفة أو حالات استثنائية عابرة، بل نماذج حقيقية تؤكد أن الطريق ممكن إذا ما توافرت الرؤية والاستمرارية، فالعوائد التي تحققت من صفقات بارزة، مثل محمد صلاح ومحمد النني وعمر مرشوش وغيرهم الكثير ، يجب أن تقرأ بوصفها إشارات واضحة لما يمكن أن تحققه سياسة استثمار ممنهجة في الطاقات الشابة، لا أن تبقى إنجازات معزولة مرتبطة بظروف طارئة أو مبادرات فردية.
الانتقال من منطق النتائج السريعة إلى العمل المؤسسي طويل الأمد لم يعد ترفاً، بل ضرورة تفرضها التحديات المالية والفنية التي تعيشها الأندية، وقفة تقييم صادقة، وإرادة جماعية للتغيير، كفيلتان بإعادة رسم ملامح المستقبل، فالموهبة المصرية حاضرة، والإمكانات الفنية واعدة، لكن الحلقة المفقودة ما زالت تكمن في الاحتراف الإداري، والنظر إلى اللاعب بوصفه قيمة رياضية واقتصادية وثقافية في آن واحد.
اليوم، لم يعد اللاعب الشاب مجرد اسم في كشف الفريق أو رقم على دكة البدلاء، بل بات مشروع إنقاذ حقيقي، قادراً على إحداث نقلة نوعية في واقع الأندية إذا ما أحسن الاستثمار فيه، استثمار ذكي قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوازن والاستقرار والنمو للكرة المصرية.

الاستثمار المالي
وفي هذا السياق، أكد محمد محمود، مدرس جامعي، أن الاستثمار المالي في الفئات العمرية يشكل ركيزة أساسية لدعم الأندية في ظل الأزمات التي تضرب منظومتها، مشدداً على أن هذا المسار يتطلب دراسات دقيقة، وتخطيطاً واعياً، وفرق عمل متخصصة تُعنى بتطوير مهارات اللاعبين الشباب وصقل قدراتهم.
وقال محمود: إن الأندية المصرية نجحت خلال السنوات الماضية في تسويق عدد من اللاعبين الشباب إلى أندية أجنبية، ورغم محدودية هذه الصفقات من حيث العدد، إلا أن مردودها المالي كان كبيراً ومؤثراً.
وبين محمود أن الشباب الناشئ يحمل رسالة واضحة لإدارات الأندية بضرورة التفكير بجدية في الاعتماد عليه كلاعب مهم من الفئات العمرية خلال المواسم المقبلة، لتخفيف الأعباء المالية، والاستفادة من المواهب التي تثبت حضورها الفني، وقد تتحول في أي لحظة إلى مفتاح فرح ونجاح عبر صفقات خارجية مميزة.

قد يطول الحديث في هذا الملف وتتعدد زواياه، لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها تبقى واضحة وثابتة، حيث غياب التخطيط هو العائق الأكبر أمام قدرة الأندية على بناء منظومة استثمارية حقيقية ومستدامة في المواهب الشابة، فبدون رؤية واضحة وخريطة مدروسة، تبقى الطاقات الواعدة عرضة للهدر، وتضيع الفرص التي كان من الممكن أن تصنع الفارق فنياً ومالياً، وتحول الحلم إلى واقع ملموس داخل الملاعب وخارجها.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=9282

موضوعات ذات صلة

إعادة برمجة خلايا الجلد: أمل جديد لضحايا الحروق

المحرر

جامعة أسيوط تبرز في تصنيف شنغهاي الدولي لعام 2025

أحمد الفاروقى

قش الأرز.. ثروة قومية

المحرر

أزمة الرصيف في شارع خالد بن الوليد بالإسكندرية

أيمن مصطفى

مصر تكشف: قفزة جديدة في مشروع الجينوم الثالث

مروة رزق

بيراميدز ينتظر الفائز من ديربي الأمريكتين

محمد عطا