في أول أيام الدورة الجديدة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وفي مستهل أنشطته الثقافية، أجمع عدد كبير من رجال الفكر والدين والقانون والإعلام على ضرورة تعاون المجتمع بكل فئاته في حماية حقوق المرأة التي كفلها لها الدين والدستور والقانون باعتبار ذلك مسؤولية مشتركة للجميع.
جاء ذلك في ندوة نظمتها رابطة الجامعات الإسلامية بعنوان “حقوق المرأة بين الشريعة الإسلامية والتشريعات الوضعية: بين التكريم الإلهي والتحديات الواقعية” وذلك بقاعة “المؤسسات” في المعرض.
وطالبت الندوة الرجال بالمشاركة في الدفاع عن حقوق النساء لضمان تحقيق مجتمع متوازن، باعتبار الدفاع عن حقوق المرأة مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد المجتمع. وكذلك تعزيز دور المؤسسات الإعلامية والثقافية في نشر الوعي بحقوق المرأة، والعمل على إزالة العوائق المجتمعية التي تحول دون تمكينها.
استهلت الدكتورة نورهان الشيخ، الأمين العام المساعد للرابطة، أعمال الندوة فأكدت أهمية بيان حقوق المرأة في مواجهة التحديات التي تعايشها في العديد من المجتمعات، خاصة العادات والتقاليد الخاطئة التي تُفسر الشريعة الإسلامية لصالح بعض الآراء المجتمعية. وشددت على أن الإسلام كرّم المرأة ومنحها حقوقها الإنسانية كاملة، وهو ما يجب أن يتم التأكيد عليه باستمرار من خلال الفهم الصحيح للشريعة.
مساواة في الحقوق والواجبات
أما الدكتور عبد الحي عزب، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، فأشار إلى أنّ وضع المرأة قبل الإسلام كان مأساويًا، حيث كانت تُعامل كمتاع لا حقوق لها. واستشهد بقول الله تعالى: “وإذا الموءودة سُئلت” ليوضح الظلم الذي كان يُمارس ضد المرأة في الجاهلية. وأكد أن الإسلام جاء ليعيد للمرأة كرامتها ويعطيها مكانتها الحقيقية من خلال المساواة في الحقوق والواجبات.
حماية دستورية لحقوق المرأة
وتناول المستشار عدلي حسين دور الدولة في حماية حقوق المرأة، مشيرًا إلى أن هناك نصوصًا دستورية تكفل حقوق المرأة، وأبرزها المادة 11 التي تنص على المساواة بين الرجل والمرأة وحمايتها من التمييز.
وسلط الضوء على الإنجازات التي حققتها المرأة المصرية في مجالات القضاء والحياة السياسية، مشيرًا إلى أن النساء تمكنّ من تحقيق العديد من النجاحات بالرغم من التحديات التي تواجههن، ومن أبرز هذه التحديات المعوقات التي تتعلق بالنساء المعيلات.
تطوير البرامج الموجهة للمرأة
وشددت الدكتورة منى الحديدي، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، على أهمية دور الإعلام في تصحيح صورة المرأة في المجتمع. وأكدت أن الإعلام يجب أن يعمل على تقديم محتوى يعزز من وعي المرأة بحقوقها ويبرز النماذج الإيجابية في مختلف المجالات. وطالبت بتطوير البرامج الموجهة للمرأة لكي تتجاوز القوالب التقليدية وتساهم في توعية الأجيال الجديدة بحقوق المرأة وأهمية مشاركتها في الحياة العامة.
وأكدت الحديدي أنه من المهم إبراز النماذج الإيجابية في المجتمع وتشجيع النساء على أن يكنّ مثالًا يحتذى به في جميع المجالات، مشيرة إلى أن تكريم المرأة لا ينبغي أن يقتصر فقط على الحالات التقليدية مثل الأرملة أو الفقيرة، بل يجب أن يشمل النساء اللاتي نجحن في مختلف ميادين الحياة.
توعية النساء بحقوقهن الاقتصادية
ولفتت الدكتورة سوزان القليني، عضو المجلس القومي للمرأة، إلى معاناة النساء في سوق العمل بسبب التمييز وعدم تنفيذ القوانين التي تكفل حقوقهن. وأكدت ضرورة توعية النساء بحقوقهن الاقتصادية وتعزيز قدرتهن على تحقيق استقلالية مالية، موضحة أن هذا يعد خطوة أساسية نحو تمكين المرأة في المجتمع.
وأكدت الكاتبة سيدة فاروق، عضو اتحاد كتاب مصر، ضرورة أن يتبنى الإعلام المصري حملات توعية من خلال كبسولات تلفزيونية موجهة لتغيير هذه العقليات المتخلفة في المجتمع.
وأوضحت الإعلامية أنس الوجود أن مشكلة صورة المرأة في الدراما تشكل أزمة كبيرة في المجتمع، وأكدت أن ما جرى من نقاش في الندوة كان مهمًا للغاية، لا سيما أن شباب الجيل الجديد، بما فيهم حفيدها، استفادوا كثيرًا من الحوار الذي تناول جوانب عديدة كانت غائبة عن الكثير من الأجيال.
وأشارت الدكتورة سمية عودة إلى أن هناك حالات قليلة تم تناولها في الأدب حول المرأة المعيلة، مؤكدة أن هناك العديد من الحالات الأخرى تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، وخاصة فيما يتعلق بقضايا التحرش والعنف والتحقيق الاقتصادي. وطالبت جيهان فاروق بضرورة توجيه الرجال والشباب وتعريفهم بحقوق المرأة لتكوين مجتمع أكثر توازنًا وعدلاً.