كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أنه طبقاً لبيانات البنك الدولي لعام 2024 تحتل مصر المركز السابع بـ 22,7 مليار دولار عالميا من حيث حجم التحويلات المالية المرسلة لها من الخارج بعد كل من الهند 129,1 مليار دولار، والمكسيك 68,2 مليار دولار، والصين 48 مليار دولار، والفلبين 40,2 مليار دولار، و باكستان 33,2 مليار دولار، ثم بنجلادش 26,6 مليار دولار.
وأضاف التقرير، أن حجم تحويلات المصريين بالخارج شهدت تطورًا ملحوظًا خلال آخر 5 سنوات، حيث شهدت نموًا ملحوظًا من 27,8 مليار دولار في 2019/2020 إلى 31,9 مليار دولار في 2021/2022 مدفوعة بتداعيات جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية التي دفعت الكثيرين لتحويل مدخراتهم لبلادهم، ومع ذلك انخفضت التحويلات لاحقًا إلى 22,1 مليار دولار في 2022/2023 و21,9 مليار دولار في 2023/2024 ويرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل تشمل تسريح العمالة بعد كورونا، وجود السوق الموازية للعملة، ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، وتباطؤ النمو في دول مجلس التعاون الخليجي.
من جهة أخري أشار التقرير إلى حجم تحويلات المصريين المهاجرين بالخارج خلال الربع الأول لعامي 2024 ، 2025، فقد شهد الربع الأول من عام 2025 ارتفاعا ملحوظ في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، حيث قفزت بنسبة 84,4% لتصل إلى 8,33 مليار دولار أمريكي، مقارنة بـ 4,52 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2024، مما يمثل زيادة كبيرة في حجم تدفقات النقد الأجنبي إلى البلاد ويمكن ارجاع ذلك الى الإصلاحات المتعلقة بتوحيد سعر الصرف والتي بدأت في مارس 2024.
أهم مصادر النقد الأجنبي
يقول الدكتور محمد البنا، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية، أن التحويلات المالية للعاملين بالخارج تعد من أبرز الدعائم الاقتصادية لمصر، بل ومن أهم مصادر النقد الأجنبي التي تسهم بفاعلية في دعم استقرار الاقتصاد الوطني، مضيفاً أن الأهمية القصوى للتحويلات المالية للمصريين بالخارج تأتى في المرتبة الثانية بعد الصادرات من حيث حجم مصادر النقد الأجنبي، وقد تتفوق عليها أحيانا كثيرة، خاصة في فترات الأزمات الاقتصادية.
أوضح الدكتور محمد البنا، أن التحويلات المالية للمصريين بالخارج تلعب دورا كبيرا في دعم ميزان المدفوعات، إذ تساعد في تقليل العجز التجاري من خلال توفير العملة الصعبة التي تستخدم في استيراد السلع الأساسية، كما تدعم استقرار الجنيه المصري من خلال تقوية احتياطي النقد الأجنبي، مما يحد من تقلبات أسعار الصرف. وهذه التحويلات تسهم أيضا في تنشيط قطاعات اقتصادية حيوية مثل العقارات ومجالات البناء، حيث تستخدم نسبة كبيرة منها في شراء أو بناء مساكن، كذلك يتم استثمارها في مجالات التعليم والصحة، مما يعزز من جودة رأس المال البشري ويزيد من فرص تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المدى البعيد.
دخل قومي للاقتصاد
أكد الدكتور هشام العوضي، الخبير الاقتصادي، أن العلاقة بين المصريين العاملين في الخارج والاقتصاد المصري عميقة ومتعددة الأوجه، وتؤثر بشكل كبير على المشهد الاجتماعي والاقتصادي في مصر وحياة المغتربين، مشيرا إلى أن المصريين في الخارج يرسلون سنويا مليارات الدولارات إلى مصر.
وأضاف ، أنه في عام 2024، بلغت التحويلات المالية حوالي 32 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، وتعتبر هذه الأموال حاسمة لدخل الأسرة، والحد من الفقر، ودعم الاستهلاك المحلي، مما يسلط الضوء علي أهميتها الاقتصادية، مشيراً إلى أن العمالة المصرية الماهرة في الخارج تساهم في الاقتصاد العالمي مع اكتساب الخبرة والتجربة التي يمكن أن تكون مفيدة عند عودتهم، ولفت إلى أن مصري الخارج يعملون كسفراء ثقافيين، مما يعزز القوة الناعمة لمصر، ويمكن لوجودهم العالمي أن يعزز العلاقات التجارية والاستثمارات في الوطن.
التكنولوجيا المالية للتحويلات
في هذا الصدد قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، إن ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال عام 2024 لتسجل نحو 29.6 مليار دولار بمعد ل 51.3% مقابل نحو 19.5 مليار دولار خلال العام السابق 2023, يعود إلى السياسة النقدية الناجحة التي اتبعها البنك المركزي منذ قرار تحرير سعر الصرف في شهر مارس 2024 والتي ساهمت في القضاء على السوق الموازي للعملة ووجود سعر موحد للدولار واستقرار سعر الصرف على مدى العشرة أشهر الماضية ما أدى لعودة وزيادة ثقة العاملين بالخارج .
وأشار غراب، الى أن زيادة تحويلات العاملين المصريين بالخارج من النقد الأجنبي ستستمر في الزيادة خلال عام 2025, إضافة إلى التوقع بعودة قناة السويس إلى لكامل طاقة التشغيل خلال العام الجاري وزيادة إيرادات مصر من النقد الأجنبي, مضيفا أن تحويلات المصريين بالخارج تعد أهم ثاني مصدر من مصادر دخل مصر من النقد الأجنبي والتي لها دور كبير في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري والاستقرار الاقتصادي وتعويض العجز التجاري للبلاد, فقد ارتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي ووصل خلال شهر يناير الماضي ليسجل 47.265 مليار دولار.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن زيادة إيرادات مصر من النقد الأجنبي يسهم في استقرار سعر صرف العملة الأجنبية مقابل الجنيه نتيجة زيادة حجم المعروض من النقد الأجنبي, مضيفا أن تسهيل التحويلات المالية للمصريين بالخارج عبر تطبيق إنستا باي في بعض الدول المحيطة يسهل عملية التحويلات المالية لهم، إضافة إلى قرار البنك المركزي بإصدار التراخيص لعدد من البنوك المصرية لتفعيل خدمة استقبال الحوالات المالية من الخارج وإضافتها فورا إلى حسابات العملاء عبر شبكة المدفوعات اللحظية.
