منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد و الأزمات الإقتصادية تتوالى بعضها وراء البعض،ولكن قرارت السيسى والحكومة كانت صائبة دائما فى التصدى لأى أزمات قد تؤثر على الاقتصاد المصرى، وخاصة بعد أزمة كورونا التى هزت اقتصاد جميع البلاد وعلى رأسهم الصين وفرنسا والولايات المتحدة، ثم أزمة حرب روسيا و اوكرانيا التى القت بظلالها على الاقتصاد العالمى أجمع، ولاشك أن اقتصاد أى دولة قائم على سياسة اقتصادية ناجحة و إذا فشلت هذه السياسة فشلت المنظومة الاقتصادية، لذا لجأت مصر فى أزماتها إلى الاتفاق على عدة قروض من صندوق النقد الدولى، حيث تعتبر مصر ثانى أكبر الدول التى تقترض من صندوق النقد الدولى بعد الأرجنتين، وتقترض هذه القروض على فترات وتقوم بسدادها على فترات أيضاً ولكن بإتفاق بين الطرفين.
تحذيرات صندوق النقد:
في تصريحات سابقة حذرت المدير العام لصندوق النقد الدولى ” كريسالينا غورغييفا ” وقالت إن لم تخفض مصر قيمة الجنيه مرة أخرى سوف تستنزف احتياطياتها الثمينة من النقد الأجنبى، وأكدت فى تصريحاتها أن مصر لابد أن تصحح مسار إقتصادها، ولا مفر من الامتناع عن خفض قيمة العملة وكلما زاد الإنتظار أصبح الأمر أسوأ، وبرغم من كل هذه التحذيرات إلى أن الرئيس السيسى والحكومة رفضت وبشدة تنفيذ قرار صندوق النقد الدولى بخفض قيمة الجنيه، وأكد السيسى أن تعويم الجنيه مرة أخرى قد يضر بالأمن القومى والمواطنين، وخاصة فى ظل هذه الظروف الإقتصادية التى تتعرض لها مصر بسبب إرتفاع سعر الدولار والحروب التى تحدث حول العالم والتى أثرت بالسلب على الاستيراد والتصدير، وبرغم شح العملة الصعبة إلى أن احتياطى مصر من العملات الأجنبية تواصل الإرتفاع منذ أكتوبر 2022 حتى وصل إلى970. 34 مليار دولار فى نهاية سبتمبر.
خبير اقتصادى يوضح تحذير الصندوق:
ولتوضيح الصورة أكثر عزيزى القارئ كان لنا لقاء مع الخبير الإقتصادي دكتور عادل عامر مستشار التحكيم دولي وعضو المجلس الرئاسي للشئون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية، حيث قال إن تحذير المدير العام لصندوق النقد الدولى عن إلزام مصر بتخفيض الجنيه، رفضته الحكومة رفضاً تاماً لأنه سوف يؤثر على الأمن القومى والمواطنين.
أكد عامر أن القيادة السياسية ردت رداً مباشراً أن مصر غير راغبة فى هذا الموضوع تحديداً ولن يتم تعويم الجنيه المصرى بعد ذلك، بعد أن تم التعويم و ارتفع الدولار فى البنك المركزى المصرى حاليا إلى 48 جنيه مصرى بخلاف السوق السوداء، وبالتالى هذا الإرتفاع الكبير فى سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى أدى إلى إرتفاع نسبة التضخم إلى أكثر من 50%، وهذه المرتفعات المتتالية فى عمليات تعويم الجنيه من 2014 حتى الآن، جعلت المواطن المصرى محدودى الدخل يتحمل هذه الفاتورة بكاملها.
تعويم الجنيه:
أكد عامر أن القيادة السياسية رأت أن الوقت جاء بوقف عمليات تعويم الجنيه ويتم تثبيت السعر عند هذا الحد وتقوم مصر بتنوع مصادر الدخل القومى من الإحتياطي النقدى من مصادر أخرى وبخاصة التعاون مع القوى المتعددة من خلال إيجاد حل فى سلة العملات المختلفة، وبسؤاله عن الإحتياطات التى قد تستنزفها مصر قال عامر أن الاستيراد هو الذى يستنزف عند رفض مصر تعويم الجنيه لأنه الأكثر استنزافاً للإحتياطى النقدى، لأن البنك المركزى المصرى ملزم طبقاً لقانونه وسياساته بتمويل كافة الإعتمادات المستندية للإستيراد ولكن جاء دور البنك المركزى لترشيد الإستيراد بناء على سياسة البنك المركزى وتطبيق توجيهات القيادة السياسية بأن ليس كل شيء يتم تقديمه لإستيراده مادام لا يمس السلع الأساسية، و بخاصة السلع الإستهلاكية التى لا تهم فئة كبيرة من المجتمع.
زيارة صندوق النقد لمصر:
أضاف عامر أن المدير العام لصندوق النقد الدولى قالت أنهم سوف يكون لهم فى مصر عمل منهجى كبير، فترقبو و دعونا ما سيحدث فى الأسابيع المقبلة، أن تقصد بهذا التصريح أن صندوق النقد الدولى سوف يقوم بزيارة إلى القاهرة لمتابعة تنفيذ سياساته التى فرضتها على مصر من أجل حماية القروض التى تم أخذها فى الاونة الأخيرة، وأن البنك سوف يوافق على تسليم الشريحة الخامسة والسادسة من القرض أم لا.
تحليل لجنة الخطة والموازنة:
علق الخبير الإقتصادي رئيس « لجنةالخطة والموازنة» بالبرلمان الدكتور “فخرى الفقى” على هذا التحذير قائلاً، أن صندوق النقد الدولى يعقد إجتماعاً مرة كل سنتين فى إحدى الدول الأعضاء مرتين فى واشنطن وهذه المرة كانت فى مراكش المغرب، حيث بدأ المؤتمر فى 9 أكتوبر الماضي 2023 وانتهى يوم 14 أكتوبر 2023، وأن الوفد المصرى كان أول المشاركين فى المؤتمر برئاسة وزير المالية الدكتور محمد معيط ووزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد و رئيس البنك المركزى الدكتور حسن عبدالله، حيث كل دولة تناقش قضاياها وننتظر أخبار جديدة بعد هذا المؤتمر.
استشارة في السياسة النقدية:
أشار الفقى أن صندوق النقد الدولى يقدم الدولة العضو من بين 190 دولة يقدم لها إستشارة فى السياسة النقدية أو المالية الخاصة بالبنك المركزى ووزارة المالية وبعض الدول تطلب مساعدة فنية من الصندق لأن لديه الخبرة وعلى دراية بها، مضيفاً أن مصر لديها برنامج مع الصندوق منذ 16 ديسمبر الماضى 2022 أى منذ حوالى 10 شهور حيث اتفقت مصر مع الصندوق على 3 مليار على 8 شرائح نصف ثانوية بمقدار 375 مليون دولار لكل شريحة بعد مراجعة كل 6 شهور، مؤكداً أن مصر أخذت الشريحة الأولى ثم باقى الشرائح و عند النهاية من دراسة المراجعات الخامسة والسادسة حيث يتم مراجعتهم مع بعض وعند الإنتهاء من هذه المراجعات يتم صرف الشريحتين مع بعض، حيث يقوم الصندوق بمراجعة الأداء المصرى وفقاً لمعايير الأداء الكمى والمؤشرات الهيكلية وفقاً لما هو متطلب و أخذت مصر الموافقة بصرف الشريحة الثانية والثالثة والرابعة ، و تتوقع مصر الانتهاء من المراجعة 5 و6 لصندوق النقد في سبتمبر الجارى أو أكتوبر الحالى.
مصر ترفض تعويم الجنيه:
اختتم الدكتور فخرى الفقى حديثه أن مصر رفضت تعويم الجنيه مرة أخرى لأن مصر حققت المرونة المطلوبة حيث تم تطبيقها 3 مرات عندما كان الدولار يساوى 15 جنيه ولكن الآن الدولار وصل إلى 31 جنيه أى ارتفع بنسبة 100%، وأن التعويم سابقاً أدى إلى الغلاء المتزايد وخاصة على منخفضى الدخل والطبقة المتوسطة ولا يجوز التعويم مرة رابعة و أن صندوق النقد الدولى متفهم هذا، ولا شك أن الوضع الإقتصادي العالمى يشهد ركوداً وضعفاً بسبب الحروب والأمراض ومحاولات البنوك المركزية فى كل دول العالم محاربة التضخم، بسبب كوفيد الذى تسبب فى ضرر بالغ لجميع دول العالم، لكن مصر تعتبر الدولة الأكثر استقراراً فى وضعها الاقتصادى برغم كل هذه الأزمات، حيث باتت المنظومة المالية أفضل بكثير، برغم أنها خفضت قيمة عملتها وهى الجنيه إلى مايقرب من نصف قيمته أمام الدولار، حيث خفضت العملة 3 مرات منذ أوائل 2022.
