ثقافة وأدب

نقاد: ما ألقاه الطير عمل بديع يستحق الانتشار

أشاد أدباء ونقاد برواية “ما ألقاه الطير” للكاتبة الدكتور دينا شحاتة، واصفين إياها بـ “البديعة”، مؤكدين أنها رواية هامة ولا بد أن تأخذ حظًا أوسع من الانتشار، حيث قاموا بتحليل العناصر الأدبية والجمالية في الرواية، مشيرين إلى بعض المآخذ التي تم وصفها بالفرص المهدرة في عمل عظيم.

جاء ذلك خلال انعقاد الصالون الثقافي لدار “العين للنشر والتوزيع”، لمناقشة رواية “ما ألقاه الطير للكاتبة الدكتور دينا شحاتة، في حضور نخبة من الأدباء والنقاد.

أجواء الأرابيسك

بدايةً.. قال الدكتور محمد عبد الباسط الناقد الأدبي إن رواية “ما ألقاه الطير” للكاتبة دينا شحاتة تميل إلى التصوف حيث التواشيح والإشارات والطابع الديني، ولكنه مجرد ظل من ظلال عديدة تتجلى في الرواية وليس الظل الوحيد، مبينًا أن السرد يأتي محملًا بأجواء الأرابيسك، حيث تتصل الوحدات ثم تنفصل، في ملمح بنائي رائع قائم على بنية موسيقية تتجلى بوضوح في حركة المقام الذي يعد هو المحرك الرئيسي الذي ينقل من الفراغ إلى الامتلاء. 

وأوضح أن ذلك جاء وسط تداخل بين الفنون والتواشيح والأحداث في ظل زمن يصعب توقعه، لافتًا إلى أن كل التواريخ المذكورة في الرواية هي إشارات تعبر عن وقائع وسط جو عام يميل إلى الفانتازيا، والشخصيات هي أبناء هذا المزيج، مشيرًا إلى أن المكان والزمان في الرواية هي أمور شديدة الليونة، مع اختفاء الأسباب المنطقية الواضحة.

السيرة الهلالية

وأضاف أن الرواية مكتنزة وتتجول في عالم محدود يتكون من ثلاث سيدات هن “مرام”، و”حدوتة”، و”عزيزة”، اللائي تحمل أسمائهن دلالات رمزية، لافتًا إلى قصة خضرة الشريفة التي تنتمي إلى السيرة الهلالية، موضحًا أن الرواية تنسج مجموعة من الفراغات بُنيت على أساس تلك القصة التاريخية.

تغميض
ومن ناحيته وصف الكاتب مجدي نصار رواية “ما ألقاه الطير” بأنها رواية “بديعة” تعتمد على التغميض المبني على حكاية خضرة الشريفة، ثم التجليات الأربعة المتمثلة في الشخصيات الأربعة الأخرى حتى العودة للحكاية الأولى لخضرة الشريفة، مبينًا أن هناك تضفير بينهم من خلال الفراغات ودمعة الطائر والامتلاء، وتضفير بين الأسطورة والقصة الشعبية، مشيرًا إلى أن هناك تفريغ يحدث بين السرديات الصغرى ويوازيه تفريع لحكايات فرعية، لم تسلم منها سوى سردية خضرة الشريفة.

وأفاد أن تدوير الزمن أمر واضح في الرواية التي تبدأ بـ “مرام” وتنتهي بها في الغرفة ذاتها، مشيرًا إلى أن هناك بعثرة مقصودة داخل الوحدات الحكائية، وتضفير تكنيكي بين الواقعي والخيالي.

فخ التزيين
وأعرب نصار عن تحفظه على فخ التزيين الذي لم تنجو منه الرواية في بعض المناطق البسيطة، على حد تعبيره، والذي تمثل في الجمل الاعتراضية الطويلة، مضيفًا أن افتتاح كان عبارة عن قصيدة نثرية، ولكن بالداخل نجد معطلات، مؤكدًا أننا نتحدث هنا عن فرص مهدرة في عمل عظيم، يتميز بلغة متماسكة رصينة، ولكنه احتوى بعض المعطلات التي شملت تأملات زائدة عن الحد من حيث الوصف الفيزيقي لكتل وصفية منفصلة عن السرد، فكان بمثابة التقاط للجانب النفسي للشخصية مع البخل في الحدث.

وأشاد الكاتب بالمجاز البديع في وصف نطق “عزيزة” وإنشاد الشيخ، لافتًا إلى التجسيد الرائع لحياة “عزيزة” وهي طفلة بكماء وأنه يبين قدرة الكاتبة على السرد الفناتنازي واتساع خيالها، حيث حافظت على وحدة الرواية، وقدمت وحدات حكائية بينها رابط واحد، فإذا تم حذف سردية واحدة سيختل عالم الرواية كله.

بناء صوفي
وأضاف أحمد حلمي الناقد الأدبي، أن هناك بناء صوفي حقيقي داخل النص، في ظل استخدام واعي للتراث، وبطلات تتلاشى واحدة في الأخرى، دون أن يعلم القارئ أهو تماهي أم تجلي أم تناسخ، في ظل زمن لولبي وليس دائري فقط.

وأوضح أنه على الرغم من جمال شخصية “خضرة” وبراعة تناولها، إلا أن الأربعة شخصيات الأخرى كانت كافية لإخراج عمل قوي دون الحاجة للحكاية الشعبية، كما تحفظ على تكرار الجمل كلازمة واحدة نالت من جميع الشخصيات، بالإضافة إلى أن ذكر مسلسلات الثمانينيات كان أمر غريب وبعيد عن إطار الرواية، على حد تعبيره.

وبرر معطلات السرد بأنها تصرفات بشرية طبيعية لأن الوعي العام في الرواية هو وعي “أنثوي في عالم أنثوي بامتياز”، والأنثى بطبيعتها تهتم بالتفاصيل والوصف، فيغفر ذلك الوقوف في مناطق على لسان الشخصيات، طالما أن السارد الضمني منفصل عن عالمهم العبقري، وحتتمًا حديثه بأن “ما ألقاه الطير” حقًا رواية مهمة وتحتاج أن تنتشر بشكل أكبر.
تأصيل الواقعية

واختتمت كاتبة الرواية الدكتورة دينا شحاتة الصالون الثقافي معلقةً بأن ربط “ما ألقاه الطير” بالسيرة الهلالية جاء من أجل تأصيل الواقعية بالأحداث وأنها ممكنة الحدوث، لافتة إلى أن الرواية وان اصطبغت بصبغة صوفية ولكنها ليست الثيمة الأساسية بها، موضحةً أن الجمل الطويلة والوصف الفيزيقي نبع من الرغبة في إبراز دهشة “مرام” عند انتقالها لعالم غير عالمها.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=4766

موضوعات ذات صلة

صوت الذكريات في نوستالجيا لوحات ديانا

المحرر

نداهة أصيل .. ترجمة ذات تتوق إلى النور والانتماء

المحرر

الكتب رفيقة العزلة بمحتوياتها وملمسها ورائحة ورقها

المحرر

هدى بركات تروي العلاقة المعطوبة بين أم وابنتها المشوهة

المحرر

د. أسامة رسلان: التكامل الإفريقي يحقق النهضة الزراعية

المحرر

وزير الثقافة: مبادرات لنشر الثقافة وتعزيز الوعي

المحرر