سليدر

هوس الشهرة.. سجن افتراضي يبتلع الأحلام

في عالمٍ يُقدّر فيه الظهور الإعلامي أكثر من الإنجاز الحقيقي والفعلي على أرض الواقع؛ يتنامى مرضٌ جديدٌ يُهدد الصحة النفسية للكثيرين؛ ألا وهو هوس الشهرة، إذ لم يعد هذا المرض حكرًا على بعض المشاهير فقط، بل أصبح يُصيب شرائح واسعة من مختلف طبقات المجتمع، مُحوِّلاً حياة الكثيرين إلى سعيٍ دؤوبٍ وراء  عالم الأضواء والنجومية؛ حتى لو تطلب بذل ذلك؛ التضحية بكل مقدرات الحياة.. “صوت البلد” التقت د. جمال فرويز استشاري الطب النفسي، ليُحدثنا عن أعراض وأسباب هوس الشهرة، وذلك من خلال فعاليات الفقرة الطبية التي نقدمها للقراء بعنوان: “أنت تسأل والطبيب يُجيب”.

في البداية؛ يقول دكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي: هوس الشهرة مرضٌ حقيقيٌّ يُهدد الصحة النفسية للكثيرين، إذ يتطلب مواجهته فهمًا عميقًا لأسبابه، وتدخلًا نفسيًا متخصصًا، بالإضافة إلى نشر الوعي حول مخاطره، فإن بناء مجتمعٍ يُقدّر الإنجاز الحقيقي أكثر من الظهور الإعلامي، هو الخطوة الأولى نحو الوقاية من هذا المرض المُنتشر، حيث يجب تشجيع أفراد المجتمع على قبول أنفسهم كما هم، دون الحاجة إلى البحث عن تأكيد من الآخرين. مشددًا على ضرورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بوعي وتجنب الانجراف وراء ثقافة المقارنة والبحث الدائم عن الإعجابات و”اللايك”.

                               دكتور جمال فرويز

ويُضيف استشاري الطب النفسي: لا يقتصر هوس الشهرة على الرغبة الجامحة في الشهرة فحسب، بل يتجلى في مجموعة من الأعراض النفسية والسلوكية، منها: التعلق المفرط بوسائل التواصل الاجتماعي إذ يقضي المصابون ساعات طويلة على منصات التواصل، مُتابعين عدد “اللايك” و”الشير” والتعليقات، مُحاولين جاهدين الحصول على أكبر قدر من الاهتمام. كما أن هناك من يقوم بالبحث الدائم عن الإثارة حيث يلجأ البعض إلى نشر محتوى مثير للجدل أو غير لائق، بهدف جذب الانتباه، حتى لو كان ذلك على حساب سمعتهم أو قيمهم.

تغيير السلوكيات

وهنا قد يُغيّر المصابون سلوكياتهم وأسلوب حياتهم، بهدف الظهور بمظهر مُناسب لصورة “المشهور” التي يرغبون في تحقيقها؛ فوراء هذا السعي المحموم للشهرة، غالبًا ما يكمن شعورٌ عميقٌ بعدم الأمان وقلة الثقة بالنفس، وهنا نكون قد وقعنا في الفخ إذ سيعد النجاح هو الحصول على الإعجابات وزيادة أعداد المتابعين ليُصبح بمثابة تأكيد مؤقت على قوة الذات البشرية ولو بشكل نفسي فقط. ثم يأتي الاكتئاب والقلق؛ وذلك حينما تأتي لحظات الشعور بعدم تحقيق الشهرة المُرجوة أو التعرض للانتقادات، وهو ما قد يؤدي إلى الاكتئاب والقلق الشديدين.

أسباب نفسية

ويُوضح استشار الطب النفسي أسباب هوس الشهرة في أربعة محددات؛ هي تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، لافتًا إلى أن منصات التواصل الاجتماعي تُسهم في تعزيز ثقافة الشهرة السريعة، وتُظهر نماذج مُضللة للنجاح، مما يُشجع على السعي وراء الظهور الإعلامي بأي ثمن. وذلك إلى جانب عامل الضغوط الاجتماعية التي   يُعاني منها الكثيرون، حيث توجد بعض الضغوط الاجتماعية التي تدفع البعض وراء السعي إلى الشهرة بهدف الحصول على القبول الاجتماعي أو تحقيق مكانة مُرموقة.

كما نجد أيضًا قلة تقدير الذات، بحيث قد يكون هوس الشهرة بمثابة تعويض عن قلة التقدير حيث يُحاول المصابون تعزيز صورتهم الذاتية من خلال الحصول على إعجاب الآخرين. وفي بعض الحالات الأخرى التي تقابلنا كمتخصصين فقد يكون هوس الشهرة مرتبطًا باضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب الشخصية النرجسية.

الوقاية والعلاج

واختتم “فرويز” حديثة بتقديم عدة نصائح لعلاج هوس الشهرة، مشيرًا إلى أن هذا الداء؛ يحتاح تدخلًا نفسيًا متخصصًا، قد يشمل العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الدوائي في بعض الحالات، موضحًا أن الوقاية تتمثل فيما يلي: تعزيز الوعي؛ إذ يجب نشر الوعي حول مخاطر هوس الشهرة، وتشجيع الأفراد على التركيز على تحقيق الذات من خلال الإنجازات الحقيقية، بدلاً من السعي وراء الشهرة الفارغة. وذلك بالإضافة إلى تنمية الثقة بالنفس، حيث يجب تعزيز الثقة بالنفس لدى الأفراد وتشجيعهم على قبول أنفسهم كما هم دون الحاجة إلى البحث عن تأكيد من  جانب الآخرين، فضلاً عن ضرورة التأكيد على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بوعي؛ وهنا مربط الفرس؛ حيث يجب تجنب الانجراف وراء ثقافة المقارنة والبحث الدائم عن “اللايك” و”الشير”.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=924

موضوعات ذات صلة

باحثه بجامعة ميونيخ: الإسكندرية عرضة لحدوث تسونامي

المحرر

البرلمان : مشروع جديد يقنن أوضاع اللاجئين

المحرر

حائط الذكريات يشرق في أرض اليابان

المحرر

التعليم الفني.. المستقبل يبدأ من هنا

المحرر

الزراعة: الجمعيات التعاونية بيوت الفلاحين

المحرر

هل يكون “الذكاء الفائق” آخر ما يخترعه البشر؟

المحرر