شؤون سياسية

الإدارات المتعاقبة بأمريكا .. تناقضات من أجل اسرائيل

تحليل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، يكشف تناقضات متجذرة بين الإدارات المتعاقبة. ترامب، العائد إلى السلطة، يبدو متمسكا باستراتيجيات قديمة تكرس الهيمنة الأمريكية من خلال فرض القوة والتلاعب بمصير الشعوب. ورغم فشل صفقة القرن في ولايته السابقة، إلا أن مقاربته الجديدة لا تقل خطورة، إذ يطرح مجددا تهجير الفلسطينيين من غزة، في تجاهل صارخ لحقوقهم التاريخية والسياسية. لكن هل يتعلم ترامب من دروس الماضي، أم أنه يسير في طريق التصعيد مجددا

إرث السياسات الفاشلة

منذ عقود، اعتمدت السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط على القوة والتدخلات العسكرية، لكن النتائج جاءت عكسية في معظم الأحيان. اللواء يونس السبكي، الخبير الاستراتيجي، يوضح أن الولايات المتحدة، بقيادة ترامب أو غيره، لم تدرك بعد أن حل القضية الفلسطينية لا يمكن فرضه بالقوة أو بالضغوط الاقتصادية. كلما زادت واشنطن من دعمها غير المشروط لإسرائيل، كلما زادت المقاومة الفلسطينية تفاقم فى الأوضاع الأمنية في المنطقة

يقول السبكي، لكنه يعكس سوء تقدير واضح لموقف الدول العربية. مصر لن تقبل بأن تكون طرفا في تصفية القضية الفلسطينية، كما أن الأردن يدرك تمامًا أن أي تغيير ديموغرافي قد يقلب استقراره الداخلي رأسا على عقب .. لسياسة الأمريكية، إذا أرادت النجاح، يجب أن تأخذ ذلك في الاعتبار. القوة لن تحل القضية، بل ستزيد تعقيدا. ورغم الضغوط الدولية، فإن موقف القيادة الفلسطينية يبقى العامل الحاسم. مها الشريف تؤكد أن المطلوب الآن موقف فلسطيني موحد، لأن استمرار الانقسام هو ما يسمح لواشنطن وإسرائيل بفرض حلول مجحفة. إذا اتحدت القيادة الفلسطينية، سيصبح أي مشروع أمريكي لحل القضية دون موافقتهم عديم الجدوى

السبكي يختتم حديثه بالقول: إذا أراد ترامب النجاح في الشرق الأوسط، فعليه مراجعة سياساته. الضغط وحده لم يعد كافيا، والقضية الفلسطينية لن تُحل بالقوة. الولايات المتحدة بحاجة إلى رؤية جديدة، وإلا فإنها ستجد نفسها تخسر المزيد من نفوذها في المنطقة

وتتفق معه  مها الشريف، نائب رئيس حزب الغد ورئيس تيار المستقبل ضد العنف والإرهاب، مضيفة أن سياسة ترامب تكرر أخطاء الماضي دون مراعاة التغيرات الإقليمية. القوى العربية اليوم أكثر وعيا بمصالحها، ولم تعد تقبل بسياسات الإملاء كما كان الحال في العقود السابقة. اقتراح تهجير الفلسطينيين لن يمر، لأن الأردن ومصر يعلمان جيدًا أنه تهديد مباشر لاستقرارهما الداخلي، لم يمر وقت طويل على عودة ترامب حتى بدأ في إعادة طرح أفكاره المتشددة. دعوته لمصر والأردن لاستقبال الغزيين كحل للأزمة ليست إلا امتدادا نهجه السابق، الذي سقط تحت ضغط الرفض الفلسطيني والعربي. القاهرة أكدت موقفها الرافض لأي حلول تستند إلى التهجير، وعمان شددت على أن قبول مثل هذه الفكرة يعني تهديدا وجوديًا لها.

 التهجير ليس جديدا

ترى مها الشريف أن الرفض العربي، رغم وضوحه، لن يثني ترامب عن محاولاته، لكنه سيصطدم بواقع مختلف عن ولايته الأولى. الظروف الاقتصادية والسياسية للدول العربية تغيرت، كما أن القضية الفلسطينية لم تعد ورقة يمكن التلاعب بها بسهولة في ظل صعود قوى جديدة على الساحة الدولية. ما لم يفهمه ترامب، بحسب المحللين، أن الشعب الفلسطيني لم يعد يقبل المساومة. مسيرات العودة إلى شمال غزة، رغم الحرب والقصف والتدمير، تعكس إرادة واضحة: لا تهجير، ولا تراجع عن الحقوق. الفلسطينيون قالوا كلمتهم،

.صراع النفوذ والبدائل المحتملة

تشير الشريف ترامب، رغم قوته السياسية، لا يستطيع تجاهل التغيرات الدولية. الصين وروسيا بدأت في تعزيز وجودهما في المنطقة، وتحركات هما تختلف عن النهج الأمريكي التقليدي القائم على الضغط العسكري والاقتصادي. وهذا يطرح تساؤلا مهما: هل تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار في فرض إرادتها على الشرق الأوسط بنفس الأساليب القديمة

 وتؤكد الشريف أن الرهان الأمريكي على تجاهل الفلسطينيين لن ينجح. العالم تغير، والمقاومة الفلسطينية أثبتت أنها قادرة على فرض واقع جديد. السؤال الآن: هل يتعلم ترامب من دروس الماضي، أم أنه سيكرر أخطاءه ويدفع المنطقة نحو مزيد من الفوضى

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5541

موضوعات ذات صلة

نتنياهو يقبل بوقف إطلاق النار في لبنان

المحرر

هل تنجح سوريا في تفادي عودة العقوبات؟

المحرر

خروقات وانتهاكات الانتخابات البرلمانية.. من يقف وراءها؟

محمود كرم

إيران : مصداقية الاندماج و التعايش السلمي بين الواقع والخيال

المحرر

الوقت ينفذ أمام طهران واوروبا

المحرر

تحذير سعودي ناري لإيران قبل الانفجار

المحرر