اقتصاد وأعمال

الاقتصاد غير الرسمي .. ضياع للعمالة وعرقلة للتنمية

يعد الاقتصاد غير الرسمي أحد أكثر التحديات تعقيدًا التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الراهن، ليس فقط لحجمه الضخم الذى يقترب من نصف الناتج المحلى الإجمالي، بل لما يمثله من تشوه هيكلي عميق في بنية الاقتصاد الوطني، هذا القطاع الذى يعمل خارج مظلة الدولة، لا يخضع لأى نظم رقابية أو ضريبية أو تنظيمية، ما يجعله بيئة خصبة للمخالفات، ومصدرًا لنزيف متواصل فى موارد الدولة، سواء من خلال فقدان الحصيلة الضريبية، أو استنزاف الدعم الموجه للقطاعات الرسمية.

ولعقود طويلة، نما الاقتصاد غير الرسمي ومع مرور الوقت، أصبح هذا القطاع بمثابة اقتصاد موازٍ له قواعده وأنظمته الخاصة، يستوعب ملايين العاملين من الفئات المهمشة، ويخترق كافة القطاعات تقريبًا، من النقل والصناعة والتجارة إلى الحرف اليدوية والمهن الحرة والخدمات.

الخطورة لا تكمن فقط في غياب العائد الضريبي من هذا الاقتصاد، وإنما في الآثار الاجتماعية والاقتصادية الأعمق، مثل ضعف شبكات الحماية الاجتماعية، وغياب تأمينات العمل، وانتشار المنتجات الرديئة وغير المطابقة للمواصفات، وتشويه بيئة المنافسة أمام المشروعات الرسمية التي تلتزم بالقوانين وتتحمل الأعباء المالية والتنظيمية.

تحركات برلمانية

طالب النائب علاء عابد رئيس  لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب ونائب رئيس حزب مسقبل وطن، بضرورة ضم الإقتصاد الغير الرسمي والذي يمثل 52% من الإقتصاد المصري إلى الإقتصاد الرسمي للدولة.

وأضاف النائب علاء عابد، أن أصحاب الإقتصاد غير الرسمي لا يدفعون ضرائب، ولا يتم التأمين على العاملين بهذا القطاع، مما يؤدي إلى إهدار المليارات على خزينة الدولة، موضحاً أن الاقتصاد غير الرسمي يشير إلى الأنشطة الاقتصادية التي تتم خارج الإطار القانوني والتنظيمي، دون التزام بالقوانين والضرائب الرسمية وهذا القطاع يشمل العديد من الأنشطة، ويشكل الاقتصاد غير الرسمي جزءًا كبيرًا من الاقتصاد المصري.

وأوضح أن التقديرات تشير إلى أن الإقتصاد الغير رسمي نسبته قد تتراوح بين 30% إلى 52% من الناتج المحلي الإجمالي، رغم أن الاقتصاد غير الرسمي يوفر فرص عمل للكثير من الأفراد ويسهم في النشاط الاقتصادي، إلا أنه يواجه العديد من التحديات مثل غياب الحماية القانونية، وعدم القدرة على الوصول إلى التمويل أو التأمينات، وكذلك عدم الاستفادة من الخدمات الحكومية التي توفرها الأنشطة الرسمية.

وتسألت النائبة عايدة السواركة، عضو مجلس النواب، عن خطة الحكومة التي تعتزم تنفيذها من أجل ضم الاقتصاد غير الرسمي في قطاع الاقتصاد الرسمي، إذ إن بقاء هذا القطاع خارج الإطار القانوني للدولة يفقدها مورداً مهماً للإيرادات الضريبية بصفة خاصة، وللدخل القومي الإجمالي على وجه العموم.

وترى النائبة عايدة السواركة، أن الحل يكمن في تعميم الفاتورة الإلكترونية على كافة التعاملات، بدءًا من أبسط الخدمات كالحلاقة، ووصولًا إلى شراء السيارات الفارهة، لضمان دمج القطاع غير الرسمي بشكل تدريجي في الاقتصاد القومي، مطالبًا بوضع خطة زمنية واضحة لتطبيق هذا الدمج.

طلب إحاطة

فيما تقدمت النائبة ميرال جلال الهريدي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، بمجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن ضرورة إصدار “رخصة مؤقتة” لمدة خمس سنوات للعاملين في الاقتصاد غير الرسمي، باعتبارها خطوة انتقالية مرنة تهدف إلى دمج هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد الرسمي، موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزراء التنمية المحلية والتخطيط والمالية.

وقالت في طلبها، أن الاقتصاد غير الرسمي في مصر يمثل قرابة 40% من الناتج المحلي الإجمالي، بإجمالي يقدر بأكثر من 2.4 تريليون جنيه، ويضم أكثر من نصف المنشآت الاقتصادية غير المقننة، بالإضافة إلى ملايين من العاملين الذين لا يتمتعون بأي حماية قانونية أو اجتماعية، وهو ما يشكل فجوة خطيرة تهدد استقرار الاقتصاد الوطني، وتحرم الدولة من موارد ضريبية واستثمارية ضخمة يمكن أن تساهم في تقليص العجز ودعم برامج الحماية الاجتماعية والتنمية.

التحول الرقمي لمحاربته

قال الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادي ومدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنَّ الدولة وضعت خطة 2030 للتحول الرقمي بهدف محاربة الاقتصاد غير الرسمي، ودمجه في الاقتصاد الرسمي.

وأضاف الدكتور عبدالمنعم السيد، أن الاقتصاد غير الرسمي يعتبر أكبر العوائق التي تواجه عملية التنمية في الاقتصاديات النامية، حيث بلغت نسبة اقتصاد الظل في تلك الدول حوالي 50% من إجمالي الناتج المحلي، فيما وصل إلى 40% في مصر حتى 6 سنوات مضت.

أوضح، أنّ الاقتصاد غير الرسمي في الدول يحرمها من إيرادات الضرائب التي تساهم في رفع معدلات الإنفاق على القطاعات المختلفة، مثل التعليم والصحة، وأعمال الإنشاءات مثل تطوير الطرق والكباري، والعديد من الخدمات العامة الأخرى.

وأضاف “السيد” أن أضرار الاقتصاد غير الرسمي على الدولة تتمثل في عدم تحصيل الرسوم المستحقة علي الشركات والمنشآت التابعة، وبالتالي تفقد جزءا كبيرا من مواردها المالية، والمواطن يتحصل على منتج أو خدمة رديئة الصنع من منشآت الاقتصاد غير الرسمي، ناهيك عن ضياع حقه في الاستبدال واسترداد أمواله لعدم وجود فاتورة أو مستند يثبت شراءه لهذه البضاعة أو الخدمة.

جدير بالذكر أن الاقتصاد غير الرسمي شهد تطورا ملحوظا في عدد المنشآت والعاملين في القطاع، حيث أعلنت وزارة المالية أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في المتوسط قد يصل إلى 55٪ من إجمالي الاقتصاد المصري، وقد يرتفع إلى 60% أو ينخفض إلى 50% ، في حين قدرت دراسة أعدتها لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر بلغ أعلى نسبة وهي 60% من حجم الناتج في الاقتصاد الرسمي.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=1275

موضوعات ذات صلة

تفعيل منظومة الرأي المسبق لدعم الممولين والمستثمرين

المحرر

فتح الأسواق الأوروبية أمام صادرات مصر من الأسماك

المحرر

عودة تقسيط الغاز الطبيعي للمنازل

المحرر

حالة من الغضب تجتاح الشارع المصري بعض، اقتراح الحكومة رفع الدعم عن رغيف الخبز، وتحويله إلى دعم نقدى، وكما فسره البعض أنها كارثة، وكيف يتعامل 70 مليون مواطن، بعد تحويل قوت يومهم إلى أموال، وتمكينهم من اختيار السلع التي تناسب احتياجاتهم الفردية، فلا تغنى هذه السلع ولا تثمن من جوع، ولا تحل مكان رغيف الخبز، فسرت الحكومة ذلك المقترح أنه يهدف إلى الحد من إهدار الموارد وضمان وصول الدعم للمستفيدين الفعليين، وقدرت قيمة الدعم لكل فرد 175 جنيه شهرياً للسلع والخبز، حيث أكدت الحكومة أن تكلفة إنتاج رغيف الخبز تبلغ نحو 25. 1، ويحصل المواطن عليه بسعر 20 قرش وتتحمل الدولة الفارق، وذلك يرفع ميزانية الدولة إلى 45 مليار جنيه سنوياً، ويحصل كل فرد على 5 أرغفة في اليوم، و 150 رغيف فى الشهر، وبعد تنفيذ اقتراح رفع الدعم سوف يتحمل المواطن سعر الرغيف ويصبح 55. 1، وتدفع الأسرة التى تتكون من 4 أفراد نحو 930 جنيه شهرياً. أكد وزير التموين شريف فاروق لـ (صوت البلد) أن رفع سعر الخبز ليس ضمن مطالب أو شروط صندوق النقد الدولي كما يتصور البعض، و أن تحويل رغيف الخبز من عيني إلي نقدي، جاء بسبب الظروف الراهنة التي تشهدها المنطقة والتحديات الذي يشهدها العالم، للحفاظ على استقرار البلاد وتأمين السلع التموينية والخبز، وتقليل الهدر في هذه السلع، ومنح المستحقين بناء على معايير محددة، لذلك اتجهت الحكومة إلى تغيير جذري في نظام دعم الخبز دون التأثير سلباً على الفئات المستحقة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، ومواكبة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، والوصول إلى توفير دعم مرن لنجاح التجربة، وتجنب أخطاء مخالفات في توزيع الدعم. أفاد وزير التموين، أن تنفيذ رفع الدعم عن الخبز، بمثابة كارثة للمواطن المصري، لأن الأسعار في إرتفاع دائم، وذلك يتسبب في ضعف ميزانية المواطن وقد يتخلي عن اللحوم وبعض السلع ولكن لا يستطيع التخلي عن رغيف الخبز، لأنه أصبح ثقلاً بعد إرتفاع أسعار الخبز السياحي، وقد استمر دعم رغيف الخبز على مدار 36 عاماً ب 5 قروش، والدعم الذي توجهه الدولة للمواطن يتعدى 636 مليار جنيه، والدعم السلعي والخبز يتخطى 135 مليار جنيه، ورغم الأزمات الاقتصادية المتكررة، مؤكداً أن تنفيذ هذا القرار سوف يساهم في تقليل الهدر والسيطرة على الفساد في الدعم النقدي والعيني، وعدم التلاعب بالدقيق وبيعه في السوق السوداء، واستغلال بطاقات التموين، ومواجهة أشكال الفساد، واستيراد القمح عن طريق الوزارة والقطاع الخاص فقط.

المحرر

الشطب الاختياري للشركات.. الأسباب والتداعيات الاقتصادية

المحرر

مصدر حكومي يكشف كواليس مشروع مصر النووي

المحرر