رفضت الحكومة السودانية مبادرة الرباعية الدولية التى دعت إلى وقف الحرب والدخول فى مفاوضات سياسية، مؤكدة عبر بيان لوزارة خارجيتها أن البيان لا يلزم السودان فى شىء، وأن مستقبل البلاد لا يمكن أن يبحث إلا داخلياً بعيداً عن أى وصاية خارجية. هذا الموقف التصعيدى وضع حداً لجهود السلام، وكرس سياسة الباب المغلق أمام أى حلول سياسية.
ومنذ اللحظة الأولى، بدا أن الحكومة المدعومة من الجيش ماضية فى خيار السلاح رغم الكلفة الإنسانية الفادحة التى يتكبدها الشعب. فقد هاجمت وزارة الخارجية كلاً من الإمارات والولايات المتحدة، متهمة أبوظبى بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والمال، وداعية واشنطن إلى وقف تدفق السلاح عبر حلفائها. ورغم أن الإمارات نفت هذه الاتهامات مراراً، فإن الخرطوم اختارت التصعيد بدل التهدئة، لتفتح مواجهة سياسية مع الأطراف الإقليمية والدولية.
العقيد هانى الحلبى، الخبير الأمنى والسياسى، رأى أن موقف الحكومة يكشف غياب الرؤية الاستراتيجية مؤكداً أن الإصرار على الحرب سيؤدى إلى انهيار أمنى والاقتصادي كامل، ويفتح الباب أمام تدخلات خارجية مباشرة. وأشار إلى أن الجيش السودانى يخوض معركة استنزاف، بينما يدفع الشعب وحده ثمن الدماء والجوع والنزوح
وفى السياق نفسه، شدد المهندس على عبدة، رئيس مجلس التعاون العربى، على أن رفض المبادرة يمثل إصراراً على عزل السودان عن محيطه، موضحاً أن الرباعية كانت فرصة لوقف نزيف الدم وفتح مسار تفاوضى، لكن الخرطوم اختارت المواجهة على حساب الاستقرار. وأضاف أن أى استمرار للحرب لن يجلب سوى الخراب، وسيضر بمكانة السودان فى العالم العربى والإفريقى
أما تحالف تأسيس فقد اعتبر أن العقوبات الأميركية على لواء البراء بن مالك والبيان الصادر عن الرباعية خطوة عظيمة فى الاتجاه الصحيح، مشدداً على أن الضغط الخارجى ربما يكون الوسيلة الوحيدة لإجبار الحكومة على القبول بالسلام.
ويأتي هذا كله فى وقت ينشر فيه قادة التيار الإسلامى خطابات تحريضية تدعو إلى مواصلة القتال، مثل البيان الأخير للأمين العام للحركة الإسلامية على أحمد كرتى الذى هاجم فيه الرباعية. وهو ما يعكس حجم النفوذ الذى يمارسه التيار الإسلامي على القرار السياسى والعسكرى فى الخرطوم.