في واحدة من أهم ندوات البرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الجديدة، أجمع عدد كبير من الخبراء والمفكرين والباحثين على أن الشخصية المصرية تتمتع بثوابت مهمة تضمن بناء مجتمع قوي قادر على مواجهة التحديات في جميع المجالات.
وشددوا على أهمية تعزيز الهوية الوطنية، ودعم التعاون المجتمعي، ورعاية مهارات الشباب، ونشر التنوير والثقافة المجتمعية التي تمنع ظهور الفساد. جاء ذلك في ندوة “ثوابت الشخصية المصرية” التي نظمها معرض الكتاب بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد.
الدكتور سامي عبد العزيز، الأستاذ بكلية الإعلام، استهل أعمال الندوة مؤكدا أهمية الوعي المجتمعي والمهارات الفردية في بناء مجتمع قوي، مُشددًا على أن النجاح يتطلب التواصل الفعّال والتعاون الجاد. وتناول التحولات الإيجابية التي طرأت على مفهوم هيئة الرقابة الإدارية ودورها، مشيرا إلى أن الهيئة كانت تُعرف سابقًا كجهة لضبط الفساد وردع الفاسدين، ومع مرور الوقت أظهرت الهيئة دورها في إعادة الأموال إلى الدولة والشعب المصري، مما يستدعي تغيير الصورة الذهنية عنها.
ولفت إلى ضرورة إبراز الدور التثقيفي والتوعوي للهيئة، خاصة من خلال الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، التي أصبحت تمثل ذراعًا ثقافيًة تركز على معالجة جذور الفساد من خلال تعزيز الثقافة والوعي لدى الأفراد والمجتمع.
معالجة الفساد من منبعه
ووصف اللواء الدكتور محمد سلامة، وكيل أول هيئة الرقابة الإدارية، الندوات التي تنظمها الهيئة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بأنها تهدف إلى تعزيز الوعي وليس فقط التركيز على الدور الأمني المعروف عنها، موضحا أنّ الأكاديمية تعمل على معالجة الفساد من منبعه، من خلال نشر التنوير والثقافة المجتمعية التي تقلل من ظهور الفساد، وتحد من انتشاره بشكل استباقي.
وأضاف أن الهيئة أطلقت على مدار الدورات السابقة لمعرض الكتاب سلسلة من الندوات التي تستهدف مختلف فئات المجتمع، مع التركيز على دعم الشباب وتمكينهم، مؤكدا أن الأكاديمية تسعى إلى بناء وعي شامل لدى الأفراد بأهمية التصدي للفساد ومواجهته بطرق عملية ومستدامة.
وشدد سلامة على أن الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد تركز على تعزيز المهارات لدى الشباب، ونشر القيم الإيجابية في المجتمع. وأوضح أن الأكاديمية تنظم محاضرات تستعرض التاريخ المصري، مثل قصة الفلاح الفصيح في الأسرة التاسعة، بالإضافة إلى محاضرات متخصصة في الأمن القومي.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل مع الجمعيات الأهلية والنقابات، مع التركيز على فئة الشباب وأصحاب القدرات الخاصة، سعيًا لتعزيز التعاون المجتمعي وزيادة الوعي بأهمية مكافحة الفساد.
الخبرات المكتسبة تنتقل وراثيًا
وتناول الدكتور وسيم السيسي، الباحث في علم المصريات، أبعاد الشخصية المصرية القديمة، وتأثيرها الممتد حتى العصر الحالي، موضحًا ثلاثة أبعاد رئيسية: البعد الجيني، والزماني، والمكاني.
أوضح أن المصريين يحملون جينات أجدادهم العظماء، الأمر الذي يفسر استمرارية التقاليد الحضارية والثقافية عبر الأجيال المتعاقبة. ولفت إلى دراسات علمية تثبت أن الخبرات المكتسبة يمكن أن تنتقل وراثيًا، مشيرًا إلى تجربة علمية أجريت في السويد لدعم هذا المفهوم.

متابعة من مختلف الأعمار لندوة “ثوايت الشخصية المصرية”
وأبرز الدكتور السيسي دور نهر النيل في تشكيل الحضارة المصرية، مؤكدًا أنه كان أساسًا للوحدة الوطنية والتنمية عبر العصور. وأوضح أن النيل كان مصدرًا رئيسيًا للزراعة التي ساهمت في تطوير باقي القطاعات مثل الصناعة والدفاع.
وأشار إلى أن الطبيعة الجغرافية لمصر، التي تحيطها الصحراء، كانت عاملًا حاسمًا في احترام القانون والنظام. وأوضح أن الصحراء شكلت حاجزًا طبيعيًا، مما صعّب الهروب وشجع على الالتزام بالقوانين. وقدم أمثلة تاريخية عن أهمية هذه الأبعاد، مثل قصة أومنحوتب وسنفرو، التي أبرزت دور النيل في القضاء على الفقر والجهل والمرض.
