في كرة القدم، نادرًا ما يُكتب التاريخ من موقع حراسة المرمى فغالبًا ما تُسلّط الأضواء على المهاجمين وصنّاع اللعب لكن بين حراس المرمى الذين رفضوا أن يكونوا مجرد ظلال في المشهد، يقف محمد الشناوي، حارس مرمى النادي الأهلي كاستثناء بارز صنع لنفسه مجدًا بأرقامه، ودوّن اسمه في سجل البطولات الكبرى.
في النسخة الحالية من كأس العالم للأندية، دوّن الشناوي رقمًا غير مسبوق: أكثر حارس في تاريخ البطولة يخرج بشباك نظيفة في خمس مباريات دون أن تهتز شباكه، من أصل إحدى عشرة مباراة خاضها في مشواره، متفوقًا على أسماء كبيرة في عالم الحراسة مثل مانويل نوير، ديدا، وكلاً منهم حافظ على نظافة شباكه في أربع مباريات فقط.
هذا الرقم لم يأتي من فراغ بل هو نتاج مسيرة طويلة من الالتزام والانضباط والتركيز العالي في البطولات الكبرى.
الشناوي لم يكن مجرد متفرج في مباريات الأهلي العالمية، بل كان عنصرًا حاسمًا في كل انتصار وكل عبور إلى الأدوار المتقدمة.
الشناوي هو أكثر من مجرد حارس مرمى بل هو قائد للفريق داخل المستطيل الأخضر ويمتلك حضورًا ذهنيًا قويًا وقدرة لافتة على توجيه الخط الدفاعي، فضلاً عن تدخلاته الحاسمة التي أنقذت الفريق في لحظات فارقة وهو ما جعل منه ركيزة أساسية في الشكل الذي يظهر به الأهلي أمام كبار العالم، ومصدر ثقة لجماهيره. إن إنجاز الشناوي لا يُمكن فصله عن منظومة النادي الأهلي ككل فهو يأتي امتدادًا لمسيرة نادي لا يكتفي بالمشاركة في المحافل الدولية، بل يطمح دائمًا لترك بصمة.
والأهلي، من خلال هذا الإنجاز، يواصل رفع اسم الكرة المصرية والإفريقية عاليًا، ويؤكد مكانته كنادي يُنافس على التاريخ لا على النتائج فقط.
ولا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز دون الإشارة إلى جمهور الأهلي. هذا الجمهور، الذي يرافق الفريق في كل البطولات والدول والمدن، يظل أحد أسرار النجاح المستمر لانه جمهور لا يعرف التراجع ولا يتخلى عن ناديه ويصنع الفارق في كل مرة.
وقد يكون من الإنصاف القول إن الرقم الذي حققه الشناوي لا يُحسب له وحده بل هو نتيجة لروح جماعية تمتد من اللاعب إلى المدرج، ومن الملعب إلى الوطن. بهذا الإنجاز، يُضيف الشناوي فصلًا جديدًا إلى مسيرته ومسيرة ناديه ويمنح الكرة المصرية والعربية لحظة فخر جديدة.
وسيبقى هذا الرقم كما هو شأن الأرقام الخالدة،شاهدًا على عصرٍ صنع فيه الحارس المصري تاريخه بأطراف أصابعه وحفظ به مجدًا لا يُنسى.