شؤون سياسية

ايران تخرب والعرب يعمرون

تتصاعد الأحداث في الشرق الأوسط وتفاقم التوترات بفعل السياسات الإيرانية العدوانية وتدخلاتها السافرة في شؤون دول عربية متعددة. ما بين لبنان، سوريا، العراق، اليمن، وقطاع غزة، بات من الواضح أن إيران تعتمد نهجاً مبنياً على زرع الفوضى تأجيج النزاعات واستقطاب العناصر الطائفية المسلحة لفرض نفوذها وتحقيق مصالحها التوسعية. على النقيض من هذا، تسعى الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر وقطر والامارات، إلى تبني سياسة البناء والتنمية ودعم الاستقرار، مؤمنة أن العطاء والبناء هما السبيل الحقيقي للنهضة والرفعة.

لطالما كانت السعودية ومصر وقطر والامارات داعمة للبنان، وقد أظهروا التزاماً مستمراً بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في أحلك الأوقات، وكانو على الدوام منارة استقرار مصدراً للإعمار وإعادة البناء. وقد انعكس هذا الدعم، كما يذكر المحلل السياسي طارق الهواري، في عهد الشهيد رفيق الحريري، الشخصية الوطنية التي لم يكن يدخر جهداً من أجل لبنان واستقراره ونهضته، متبنياً سياسات تعزز الوحدة الوطنية ودفع بعجلة التنمية. على الجانب الآخر، نرى الدور الإيراني المتمثل بدعم حزب الله، بقيادة حسن نصر الله، الذي حول الجنوب اللبناني إلى ساحة صراع مستمر مع إسرائيل، مضحياً بمصالح لبنان وأمنه لتحقيق أجندات إقليمية تخدم إيران فقط.

ويضيف المستشار والمحلل السياسي ربيع البركة أن المواقف السعودية  والمصرية والقطرية تجاه لبنان كانت تتسم بالدعم الهادئ والبناء، بعيداً عن استعراضات إعلامية أو دعاية سياسية. بينما تقوم إيران بإغراق الساحة اللبنانية بالشعارات الرنانة، وتدفع بحزب الله لخوض معارك بالوكالة. هذا الحزب الذي يتخذ من “المقاومة” شعاراً، لم يجلب للبنان سوى الخراب والدمار، مما اضطر الدول العربية لدفع مبالغ طائلة لإعادة إعمار ما هدمته تلك السياسات غير المسؤولة.

ولعل حرب لبنان 2006 هي أبرز مثال على ذلك؛ فقد كانت الحرب نتيجة اعتداءات بدأها حزب الله بتحريض من إيران، مما أدى إلى تدمير واسع للبنى التحتية اللبنانية، وخسائر بشرية ومادية هائلة. بعد انتهاء الحرب، كانت الدول العربية، وفي مقدمتها مصر والسعودية والكويت وقطر، هم من تكفلوا بإعادة إعمار ما دمرته المغامرات الإيرانية على الأراضي اللبنانية، بينما لم تقدم إيران سنتاً واحداً لدعم لبنان، مكتفية بترك الدمار خلفها.

شعارات فارغة

ويقول الهواري إن إيران تفتقر إلى أي رؤية تنموية أو إنسانية لدعم الشعب الفلسطيني، فهي لم تقدم إلا شعارات فارغة ودعماً الميليشيات المسلحة. وعلى الرغم من عدم تضحية إيران بجندي واحد من أجل فلسطين، بل لم تنفق حتى دولارا واحداً على البنية التحتية الفلسطينية، إلا أنها تستغل القضية الفلسطينية لتحقيق أجندتها التوسعية، مسوقةً أكاذيبها عبر مظاهرات واحتفالات رمزية في يوم القدس.

وفي العراق، تضاعف إيران من تدخلاتها القذرة منذ عام 2003، حينما قامت بتغذية الصراع الطائفي ودعم الميليشيات المسلحة بهدف إحكام سيطرتها على الساحة العراقية. فمنذ سقوط بغداد، شهد العراق موجات من الإرهاب والفوضى جراء وجود جماعات متطرفة مدعومة من إيران، تهاجم المدن وتحولها إلى ساحات قتال تستنزف موارد البلاد، مما أدى إلى تدمير بنيته التحتية وسلب موارده. وهنا كان الدور العربي، خاصة من مصر ودول الخليج، يتمثل في دعم الاستقرار وإعادة الإعمار، محاولين إعادة الحياة إلى ما دمرته الأطماع الإيرانية.

وفي مقابل هذا العبث، يرى البركة أن مصر والسعودية ودول الخليج قد التزمت بتقديم الدعم الحقيقي لشعوب هذه الدول، بعكس إيران التي تكتفي باستخدام شعارات جوفاء وتوظيف أدوات طائفية. فحينما رغبت مصر والسعودية في دعم العراق بتقديم هدية تتمثل في مدينة رياضية، قابلت أطراف عراقية تابعة لإيران هذا العرض بالرفض والتحريض الإعلامي، معتبرين أن مثل هذا الدعم من شأنه أن يغير نظرة العراقيين، وربما يجعلهم يعيدون التفكير في تبعيتهم لإيران.

إن هذه التناقضات تؤكد على الفارق الكبير بين سياسات الدول العربية التعميرية وسياسات إيران التدميرية، حيث إن الأولى تهدف إلى إحياء الحياة وتعزيز الرفاهية، بينما الثانية تهدف إلى استعباد الشعوب واستغلالها لتحقيق طموحاتها السياسية. إيران لم تكتف بتقديم الميليشيات والعناصر المسلحة، بل أسست أيضاً ما يسمى بمحور المقاومة، والذي يضم مختلف الجماعات المسلحة الموالية لها مثل الحوثيين والحشد الشعبي، مستخدمة شعارات التحرير والمقاومة دغدغة مشاعر العامة واستقطابهم نحو مشروعها الطائفي.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5644

موضوعات ذات صلة

لبنان على شفير الفتنة الطائفية بسب الفارين من الحرب

المحرر

ليبيا : ميليشيات طرابلس بين الفوضى والسيطرة

المحرر

تداعيات استشهاد يحيى السنوار على المقاومة الفلسطينية

المحرر

الوقت ينفذ أمام طهران واوروبا

المحرر

جنون الحرب .. الانتحار والقتل نهايات متباينة

المحرر

نائب ليبي يطالب بتدخل روسيا لمنع التدخل الأوروبي

المحرر