شؤون سياسية

حاضر ومستقبل حماس في ظل تصاعد التحديات

تصاعدت التحديات التي تواجه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، ما دفعها إلى إعلان استعدادها لقبول أي عرض يفضي إلى وقف إطلاق النار. يأتي هذا الموقف في وقت تشير فيه التطورات إلى تآكل الخيارات السياسية والعسكرية للحركة، مدفوعة بانحسار الدعم الإقليمي، لا سيما مع توقف الوساطة القطرية واحتمال إغلاق مكتب حماس في الدوحة وطرد قادتها، وهو ما يضع مستقبل الحركة في مفترق طرق خطير.

حماس بين الاستنزاف العسكري وضغوط السياسية  تكبدت حماس خسائر فادحة على المستويين البشري والعسكري. يقدر أنها فقدت نحو 75% من قدراتها القتالية، بحسب قناة الأخبار 12″ الإسرائيلية. هذه الخسائر لم تقتصر على المعدات العسكرية فحسب، بل شملت قيادات بارزة بأعداد كبيرة من مقاتليها، ما أثر على قدرتها على الاستمرار في شن عمليات نوعية، مقارنة بالأشهر الأولى من الحرب التي شهدت إطلاق موجات كثيفة من الصواريخ نحو إسرائيل.

اللواء أشرف فوزي، الخبير الاستراتيجي، يرى أن الحرب أظهرت عجز حماس عن إدارة صراع طويل الأمد مع إسرائيل، خاصة في ظل نقص الإمكانيات والدعم الإقليمي. ويضيف أن هذا الانحسار العسكري أجبر الحركة على الدخول في مفاوضات متعثرة، حيث تبحث الآن عن حل يضمن استمرارها كقوة سياسية ولو بقدرات عسكرية متواضعة.

على الجانب السياسي، توقفت الوساطة القطرية، التي لطالما شكلت عاملا حاسما في تخفيف الضغط عن حماس. ويتوقع المحلل السياسي ربيع البركة أن يؤدي إغلاق مكتب الحركة في الدوحة إلى تراجع كبير في قدرتها على المناورة الدولية، إذ ستكون مضطرة للبحث عن دولة مضيفة، وهو ما يبدو معقدا في ظل تحفظ دول المنطقة على استقبال قادة الحركة.

تصريحات باسم نعيم، العضو في المكتب السياسي لحماس، عن استعداد الحركة لدراسة أي مقترح لوقف النار، تكشف عن إدراك عميق بأن حماس لم تعد تمتلك خيارات أخرى. مطالبها بالانسحاب الإسرائيلي من غزة، وعودة النازحين، وتبادل الأسرى، تبدو مطالب صعبة التحقق في ظل تعنت حكومة نتنياهو المدعومة من الولايات المتحدة

ومن الواضح أن استنزاف حماس عسكريا سياسيا سيؤثر على قدرتها على فرض شروطها في أي اتفاق مستقبلي. اللواء أشرف فوزي يشير إلى أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتراجع الدعم الإقليمي قد يفضي إلى إعادة تشكيل الحركة، ليس فقط في بنيتها التنظيمية، بل في استراتيجيتها الشاملة. ويرى أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولا من المواجهة المباشرة إلى البحث عن ترتيبات سياسية تضمن استمرارها كفاعل في المشهد الفلسطيني

أما على صعيد الدعم الشعبي، فإن الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي تكبدها القطاع قد تدفع سكان غزة إلى الضغط على حماس لتبني مقاربة أكثر براغماتية، خاصة في ظل غياب أفق واضح لتحسين الأوضاع المعيشية

كما أن توقف الوساطة القطرية شكل ضربة موجعة لحماس، حيث كانت قطر تلعب دور الوسيط الرئيسي في التفاوض مع إسرائيل. ربيع البركة يرى أن احتمال إغلاق مكتب الحركة في الدوحة سيُربك خططها ويزيد من عزلتها السياسية. ويضيف أن البحث عن بديل إقليمي قد يكون مستحيلا في ظل التوترات الإقليمية والمواقف الرافضة لدعم الحركة

في الوقت نفسه، يظل خيار التوجه إلى إيران مطروحا، رغم أنه قد يزيد من توتر العلاقات مع دول الخليج ويعقد الوضع السياسي للحركة. المحلل البركة يرى أن هذا الخيار قد يضعف موقف حماس دوليا، إذ ينظر إليها كأداة إيرانية في المنطقة، مما يزيد من تعقيد المعادلة السياسية.

سيناريوهات معقدة في ظل المعطيات الحالية والتي  تبدو أن حماس تواجه خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بتسوية تضمن وقف النار مع تنازلات كبيرة، أو الاستمرار في المواجهة مع ما تحمله من تكلفة باهظة. اللواء أشرف فوزي يرى أن أي تسوية تتطلب دعما دوليا وضمانات لتخفيف الحصار المفروض على القطاع. أما ربيع البركة، فيرى أن استمرار التعنت الإسرائيلي قد يدفع المنطقة إلى مزيد من التصعيد، مما يفاقم معاناة سكان غزة ويضعف موقف حماس أكثر.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5635

موضوعات ذات صلة

إيران تدفع حزب الله لمغازلة الرياض

المحرر

خطط مشبوهة تستغل محنة غزة ضمن أجندات خارجية

المحرر

جهود عربية ودولية لإحياء السلام في السودان

المحرر

ليبيا : ميليشيات طرابلس بين الفوضى والسيطرة

المحرر

لماذا تحرق قوات الدعم السريع جثث الموتى؟

محمود كرم

مطالب برلمانية بالتصدي لاستغلال الأطفال على مواقع التواصل

المحرر