شؤون سياسية

حزب الله يغازل السعودية بالحوار

يسعى حزب الله فى اللحظة الراهنة إلى إعادة صياغة صورته أمام الإقليم من خلال خطاب جديد يوجهه إلى المملكة العربية السعودية، حيث دعا الأمين العام للحزب نعيم قاسم الرياض إلى حوار يفتح صفحة جديدة تتجاوز خلافات الماضى وتؤسس لمعادلة مختلفة تقوم على تثبيت أن إسرائيل هى العدو الأساسى وليست المقاومة. هذه الدعوة، التى جاءت فى كلمة متلفزة بمناسبة مرور عام على اغتيال القيادى العسكرى إبراهيم عقيل،  تحمل بين طياتها رسائل سياسية واضحة تسعى إلى تخفيف الضغوط الداخلية والخارجية التى يواجهها الحزب فى لبنان والمنطقة.

ويفسر اللواء يونس السبكى، الخبير الاستراتيجى، هذه الخطوة بأنها محاولة من حزب الله للتكيف مع التحولات الكبرى فى المشهد الإقليمى، خاصة بعد الاتفاق السعودى الإيرانى عام 2023. السبكى يرى أن الحزب أدرك أن استمرار القطيعة مع الرياض يعنى عزلة أوسع على المستويين العربى والدولى، بينما الانفتاح على حوار قد يمنحه فرصة لتثبيت حضوره الداخلى فى لبنان دون أن يخسر غطاء المقاومة. ويؤكد أن الحزب يحاول أن يرسل رسالة مزدوجة: الأولى للداخل اللبنانى أنه قوة وطنية لا تعادى العرب، والثانية للخارج أنه مستعد لإعادة ضبط إيقاع علاقاته بما يتماشى مع المصالح المشتركة. ويشدد السبكى على أن أى تقارب محتمل بين حزب الله والسعودية لن يكون سهلاً، لكنه يظل ضرورياً إذا ما أرادت الأطراف الإقليمية تجنب انفجار جديد فى لبنان قد يمتد أثره إلى الخليج. كما يضيف أن أمن المنطقة مترابط، وأن غياب المقاومة – على حد وصف الحزب – قد يخدم إسرائيل، لكن بقاء السلاح خارج إطار الدولة يظل معضلة لن تتجاوزها المملكة بسهولة.

أما المحللة السياسية رشا فتحى، فترى أن خطاب حزب الله يحمل بعداً براغماتياً أكثر من كونه تحولاً جوهرياً. فالسعودية ما زالت تصنف الحزب تنظيماً إرهابياً، وتتهمه بتقويض الدولة اللبنانية وتهديد أمن الخليج من خلال دعمه للحوثيين وتهريب المخدرات. وتشير رشا إلى أن الدعوة للحوار قد تكون محاولة لامتصاص الضغوط المتزايدة، خاصة مع مطالبات داخلية بنزع سلاح الحزب واتهامه بالهيمنة على القرار السياسى. ومن ثم فإن الكرة تبقى فى ملعب الرياض، التى قد ترفض التجاوب ما لم يتخذ الحزب خطوات عملية تغير من سلوكه.

وتؤكد أن خطاب الحزب يضع نفسه أمام اختبار الجدية، فإذا كان فعلاً يرى أن إسرائيل هى العدو الوحيد، فعليه أن يثبت ذلك عبر ممارسات عملية، مثل وقف أى دعم لجماعات مسلحة خارج لبنان، واحترام سيادة الدولة اللبنانية، وفتح الباب أمام تسوية سياسية داخلية شاملة. وتضيف أن السعودية ليست بصدد الدخول فى حوار شكلى، بل تبحث عن شريك قادر على تقديم ضمانات حقيقية لأمنها القومى.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5049

موضوعات ذات صلة

لا إعمار ولا استثمار قبل نزع سلاح حزب الله

المحرر

لبنان على شفير الفتنة الطائفية بسب الفارين من الحرب

المحرر

الجيش اللبناني يتقدّم وحزب الله يتراجع بصمت

المحرر

سباق تركى قطري لجني ثمار اسقاط الأسد

المحرر

اسرائيل وخطط التوسع فى العمليات البرية فى لبنان

المحرر

تصعيد ملف الرهائن: ورقة ضغط أم مسار لحل الأزمة

المحرر