أكد عدد من الخبراء الدبلوماسيين والبرلمانيين والحزبيين أن مصر ستظل الحصن المنيع للأمة العربية، وشددوا على ضرورة التمسك بوحدة مصر، والحفاظ على أمنها القومي. وأوضحوا أن مصر كانت الدولة الوحيدة التي تحركت دبلوماسيًا على كافة المستويات لدعم قطاع غزة، وأنها لعبت دورًا كبيرًا بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة في الوصول إلى اتفاق الهدنة بين غزة وإسرائيل، وأشادوا بذكاء المفاوض المصري في إدارة هذا الملف.
جاء ذلك في ندوة مهمة نظمتها تنسيقية شباب الأحزاب بعنوان “بؤرة الصراع الإقليمي ومخاطر الأمن القومي المصري” ضمن محور “قضايا استراتيجية” بالبرنامج الثقافي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
استهل محمد نشأت، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، أعمال الندوة مؤكدا أنها تتناول أحد أخطر الملفات، وهو ملف الصراع الإقليمي، مع تسليط الضوء على الأمن القومي المصري، الذي يمثل بدوره مصدرًا للأمن القومي للمنطقة بأكملها.
وأوضح أن الندوة تناقش الصراعات المحيطة بمصر، بما في ذلك ما يحدث في غزة، وسوريا التي دمرتها الحرب، والفوضى في ليبيا، والنزيف المستمر في السودان على حدودنا الجنوبية. وأكد أن هذه القضايا تشكل معادلة معقدة للغاية، وتتطلب مناقشة مستفيضة لدور مصر في مواجهتها.
إيران الخاسر.. وإسرائيل المستفيد
وأوضح اللواء الدكتور أيمن عبد المحسن أن منطقة الشرق الأوسط تشهد صراعات متشابكة تجعل من تحقيق الاستقرار حلمًا بعيد المنال. وأشار إلى أن الصراعات في المنطقة تنقسم إلى نوعين: الأول مرتبط بالقضية الفلسطينية، ويشمل حروبًا فرعية، مثل التي في اليمن، وسوريا، وحزب الله في لبنان. أما النوع الثاني فهو حروب الدول الفاشلة التي تعتمد على الميليشيات، مشيرًا إلى أن تلك الميليشيات تهدف إما إلى التمرد على الوضع القائم أو التحرر منه.
وأضاف أن الخاسر الأكبر في هذه الصراعات إيران التي أضعفت أذرعها في سوريا ولبنان واليمن، في حين أن المستفيد الأكبر من تلك الصراعات إسرائيل. ولفت إلى أن مشروع الدولة الوطنية الفلسطينية في خطر، بينما تسعى مصر لإقامة دولة فلسطينية، عبر موقف عربي ودولي موحد يضغط على إسرائيل للالتزام بالمواثيق الدولية.
ولفت إلى أن إسرائيل تستثمر ضعف إيران وحزب الله لتوسيع هيمنتها على المنطقة، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن تكتفي بموقف المتفرج في سوريا، بل ستسعى لأن تكون لاعبًا رئيسيًا في رسم خريطة المنطقة.
ساحة تجارب لقوى الاستعمار
وحذر السفير حازم خيرت من أن هناك مخططًا لتقسيم المنطقة، مشددًا على أهمية وجود استراتيجية عربية موحدة لمواجهة هذا المخطط. وأوضح أن إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وأن هناك ازدواجية واضحة في المعايير المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وأشار إلى أن تركيا تسعى للسيطرة على سوريا، وهو ما دفع السعودية للتدخل هناك لضمان عدم انفراد تركيا بالساحة السورية.
وتوجه النائب طارق الخولي بالتحية لأرواح أكثر من 50 ألف شهيد من أهل غزة راحوا ضحية واحدة من أكبر الجرائم في التاريخ، بالإضافة إلى أكثر من 100 ألف مصاب. وأوضح أن المنطقة تحولت منذ أُطلق عليها اسم “الشرق الأوسط” إلى ساحة تجارب لقوى الاستعمار، سواء من خلال الحروب المباشرة أو الذكية، أو عبر إثارة الفتن الداخلية. وأكد أن مصر كانت وستظل الحصن المنيع للأمة العربية.
إسرائيل لن تتحمل حرب استنزاف
وأكد اللواء أركان حرب وائل ربيع أن إسرائيل ارتكبت جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، ودمرت البنية التحتية في القطاع. وأوضح أن مصر كانت الدولة الوحيدة التي تحركت دبلوماسيًا على كافة المستويات لدعم قطاع غزة، بينما بدت العديد من الدول العربية وكأنها غير معنية بالقضية.
ولفت إلى أن إسرائيل وصلت إلى مرحلة لم تعد فيها قادرة على مواصلة الحرب أو إيقافها، في ظل وجود معارضة كبيرة داخلية للحرب. وأضاف أن اتفاق الهدنة بين غزة وإسرائيل سيستمر، لأن إسرائيل لن تتحمل حرب استنزاف أخرى. وأشار إلى أن حرب الاستنزاف تعد من أكثر الحروب التي أضرت بإسرائيل، مستشهدًا بتأكيد القادة الإسرائيليين أن خسائرهم في حرب الاستنزاف تجاوزت تلك التي تكبدوها في حرب أكتوبر.
وأضاف أن مصر لعبت دورًا كبيرًا بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة في الوصول إلى هذا الاتفاق، مشيدًا بذكاء المفاوض المصري في إدارة هذا الملف. وأوضح أن إسرائيل لا تعرف العيش في استقرار، فهي دولة تحل الأزمات عبر افتعال أزمات جديدة. وتوقع أنها ستحاول ضم الضفة الغربية، إلا أنها ستواجه مقاومة شرسة، مما يعني أن المنطقة ستشهد توترًا متزايدًا خلال الفترة المقبلة، داعيًا إلى التمسك بوحدة مصر والحفاظ على أمنها القومي.