أكد الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، أن هذه المشاركة تمثل نقطة تحول رئيسية في علاقات مصر الاقتصادية على المستوى الدولي، مضيفاً إن انضمام مصر إلى مجموعة بريكس يرسخ الشراكة الاقتصادية مع دول تشكّل نحو نصف سكان العالم، ويصل ناتجها المحلي الإجمالي إلى 30 تريليون دولار، وتمثل ربع صادرات العالم، مما يجعل من هذا التكتل منصة مثالية لتعزيز التجارة والاستثمار.
فرص تبادل تجاري
وأوضح الدكتور محمد أنيس، أن حجم التبادل التجاري بين مصر ودول بريكس قفز بنسبة 19.5% خلال عام 2024 ليصل إلى 50.8 مليار دولار، بفضل توسع عدد أعضاء المجموعة وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، خاصة في الصين وروسيا والهند، مشيراً إلى أن أحد أهم مكاسب القمة يتمثل في التوجه الواضح نحو استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري بين دول التجمع، وهي خطوة حيوية لمصر في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية.
وأضاف، أن تعامل مصر باليوان الصيني والروبل الروسي يقلل من اعتمادها على الدولار، مما يرفع من قدرة الجنيه ويعزز استقراره، موضحاً أن هذا التحول يأتي في وقت تتجه فيه دول بريكس إلى بناء تحالف اقتصادي موازٍ للنظام الغربي، قائم على نظم دفع غير دولارية وأدوات مالية بديلة، وهو ما يمنح مصر هامشًا أكبر في اتخاذ قراراتها الاقتصادية.
دعم الصناعة الوطنية
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى التطورات الجارية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مؤكدًا أن بها الآن مناطق صناعية صينية وروسية، وتسعى الهند لإنشاء منطقة مماثلة، مشيراً إلى أن مصر تُعد بوابة رئيسية لإفريقيا، وتستفيد من هذه الاستثمارات كمركز إقليمي لعبور التجارة نحو القارة السمراء.
أوضح أنيس، أن استيراد مصر لمواد خام وزيوت وحبوب من دول بريكس بالعملات المحلية سيدعم الصناعة الوطنية، ويُسرّع من خطط الدولة لإحلال المنتج المحلي محل المستورد، مما يقلل الفاتورة الدولارية، ويعزز الاكتفاء الذاتي.
ولفت الدكتور محمد أنيس، إلى أهمية عضوية مصر في بنك التنمية الجديد التابع لبريكس، مشيرًا إلى أن هذه العضوية تتيح لمصر تمويلًا ميسرًا لمشروعات استراتيجية في مجالات الطاقة والنقل والمياه والبنية التحتية الرقمية والاجتماعية، ما يعزز قدرة الدولة على تنفيذ خططها التنموية بعيدًا عن آليات التمويل التقليدي.
جذب الاستثمارات
أكد الخبير الاقتصادي أن التعاون مع دول بريكس يفتح مجالات شراكة في التكنولوجيا والصناعات المتقدمة والطاقة والغذاء، وهي قطاعات تُعد محورية لمستقبل الاقتصاد المصري. وأوضح أن هذه الشراكات تسهم في تدفق استثمارات جديدة وتحديث البنية الإنتاجية الوطنية.
ورأى الدكتور محمد أنيس، أن الوضع الأمني المستقر في مصر واقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، يمنح البلاد فرصة كبيرة لتعزيز التدفقات السياحية من دول بريكس، خاصة مع تنامي الطبقات المتوسطة بهذه الدول، ما يسهم في زيادة موارد العملة الصعبة ورفع معدلات الإشغال السياحي.
واختتم أنيس، بالتأكيد على أن المشاركة المصرية في قمة بريكس تتيح مزايا جيوسياسية مهمة، أبرزها ترسيخ مكانة مصر كدولة محورية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وتوسيع تأثيرها الدولي في المحافل والمؤسسات العالمية، وهو ما يفتح أمامها فرصًا جديدة في ملفات التمويل، والدبلوماسية الاقتصادية، والتأثير في قرارات النظام المالي الدولي.
