شؤون سياسية

دمشق وقسد على صفيح ساخن

في المشهد المشتعل في شمال سوريا، تخرج دمشق بتصريحات تنفي فيها أي تحركات عسكرية جديدة في ريف حلب الشرقي، مؤكدة أن ما تم تداوله من مقاطع مصورة لا يعدو كونه تدريبات روتينية للجيش العربي السوري. لكن خلف هذا النفي، تتوالى على الأرض روايات أخرى ترسم صورة مغايرة تمامًا، تتحدث عن حشود ثقيلة وتعزيزات وصلت إلى مناطق استراتيجية كرد فعل على ما تصفه دمشق بـ تعديات متكررة من قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

فبينما تؤكد وزارة الدفاع في بيانها الرسمي أن وسائل الإعلام مطالبة بتحري الدقة قبل نشر الأخبار، يروي شهود عيان في منبج ودير حافر وسد تشرين مشاهدتهم قوافل عسكرية ضخمة تتحرك شرقا، بعضها يحمل آليات قتالية، وآخر يضم معدات دعم لوجستي، وسط حالة ترقب بين الأهالي الذين يعتبرون أن ساعة المواجهة قد تقترب أكثر من أي وقت مضى.

تأتي هذه التحركات، أو الشائعات عنها، في وقت تلغى فيه دمشق الاجتماع المقرر في باريس مع وفد قسد، بعد أيام من مؤتمر الحسكة الذي خرج ببيان يدعو إلى دولة لامركزية ودستور جديد يكرس المشاركة السياسية لجميع المكونات. خطوة اعتبرتها الحكومة السورية تجاوزًا سياسيا خطيرا، فيما يصفها خصومها بأنها محاولة استباق أي حل سياسي بفرض أمر واقع.

  تحرير شرق سوريا

الشيخ فرج الحمود السلامة، شيخ قبيلة البوشعبان، يذهب أبعد من ذلك، مؤكدًا أن تحرير شرق سوريا أصبح ضرورة وأن أبناء القبائل جاهزون لطرد عناصر حزب العمال الكردستاني من المنطقة. ويعتبر أن مؤتمر الحسكة كشف عن نوايا قسد الحقيقية في تقسيم البلاد، وهو ما ترفضه كل القبائل العربية شرق الفرات.

من زاوية التحليل السياسي، يرى الدكتور محمد مصطفى، أستاذ العلوم السياسية، أن الخلاف لم يعد ميدانيا فقط، بل صار صراعا على شكل الدولة بعد الحرب. والفجوة العميقة في الثقة بين دمشق وقسد، إلى جانب تضارب الرؤى حول مستقبل الحكم، تجعل أي تسوية سلمية شبه مستحيلة الآن، ما لم تتدخل أطراف إقليمية بضمانات قوية

أما من المنظور العسكري، يوضح العقيد هاني الحلبي أن النفي الرسمي لا يعني غياب التحضيرات. ويشرح: الجيوش لا تكشف خططها قبل تنفيذها، والتحركات التي تم رصدها تحمل سمات الاستعداد لعمليات محدودة، ربما بالتنسيق مع أنقرة، خصوصًا بعد زيارة وزير الخارجية التركي إلى دمشق. ويؤكد أن العملية، إذا حدثت، ستكون موجهة بدقة للضغط على قسد دون الانجرار إلى حرب واسعة.

وبين النفي الرسمي والتأكيد الميداني، يظل الموقف غامضا. فدمشق تبدو وكأنها تمسك العصا من المنتصف؛ تبقي خيار الحرب على الطاولة، لكنها لا تغلق باب السياسة نهائيا. وفي المقابل، تتصرف قسد بثقة، مستندة إلى دعم خارجي وتحالفات محلية، لكنها تواجه تحديا متزايدا من القبائل العربية التي تشعر بأنها مستهدفة في هويتها ووجودها.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5460

موضوعات ذات صلة

تدشين حزب الجبهة الوطنية رسميا

المحرر

حركة رجال الكرامة وتظاهرالاول ضد حكومة الشرع

المحرر

وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله وتأثيراته المستقبلية

المحرر

لا تهجير ولا عطش.. مصر تتصدى بقوة

المحرر

الدب الروسي في قلب أمريكا… قمة تكشف حدود القوة

المحرر

روسيا تعود من بوابة أفريقيا: أمن ومكانة عالمية

المحرر