أثار كتاب ” النساء كاملات عقل ودين” للكاتبة أسماء عثمان الشرقاوي ردود فعل عديدة، تنوعت بين مؤيد ومعارض لفكرة الكتاب، وذلك بعد أن قوبل بتعليقات سلبية وصيحات استهجان في أثناء عرضه بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى سحبه من المعرض؛ لعرضه على لجنة من الأزهر الشريف؛ بدعوى مهاجمته الأحاديث النبوية الشريفة، والإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ناقش الكتاب ستة أحاديث نبوية شريفة تحدثت عن المرأة، وانتهت الكاتبة إلى ردّ الأحاديث محل النقاش، وأعزت الأسباب إلى خلو القرآن الكريم من وصف للنساء بما جاء في تلك الأحاديث، وأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أكرم وأكثر احتراما للمرأة من أن يذكرها بهذه الصفات، التي تتهمها بالنقص في الدين والعقل، أو أن يشبهها بصورة شيطان وغيره.
والكاتبة أسماء عثمان الشرقاوي، حاصلة على بكالوريوس اقتصاد وعلوم وسياسية، ودبلوم معهد الدراسات الإسلامية من معهد إعداد الدعاة، وعملت في مجال الدعوة لمدة نحو 25 عاما. ولها بعض الكتب المطبوعة، وهي: فهم الأقدار (نور للقلب والعقل)، وأسماء الله الحسنى (الملك، الرزاق، الغفار، العظيم، الأعلى)، وبعض الأبحاث التي كتبت ولم تطبع بعد، وهي: الحياة بصحبة رسول الله، وفهم الأقدار (من القصص القرآني)، واليقين بالله تعالى، ونداءات قرآنية واستجابات إيمانية (سورتي البقرة وآل عمران).
“صوت البلد” أجرت هذا الحوار مع الكاتبة أسماء عثمان الشرقاوي للوقوف على حقيقة الكتاب، والهدف منه.
مكانة راقية للمرأة المسلمة
كيف جاءتك فكرة كتابك “كاملات عقل ودين”؟
ـ جاءتني فكرة الكتاب كرد فعل طبيعي للشعور بالألم من هذا الكم من الأحاديث الذي أجد به إهانات وأوصاف للمرأة المسلمة لا يوجد لها أي ذكر بالقرآن الكريم. ويستحيل بما نعرفه عن رسولنا ذي الخلق العظيم أن يكون قد قالها. حاولت أن أبحث كثير جدا عن سبب لهذه الأحاديث أو شرح مقنع يتماشى مع ما جاء بالقرآن من مكانة راقية للمرأة المسلمة، وما جاء في بعض الأحاديث من حب وتقدير من رسول الله لزوجاته وبناته ونساء المؤمنين، فلم أجد.
قررت أن أبحث في هذا الأمر، وقرأت كتبا وأبحاثا كثيرة، وخرجت منها بمعلومات قيمة ومفيدة، وقررت أن أستكمل البحث بعد الحديث الأول ليشمل الكتاب.. واكتشفت في حديث “ناقصات عقل ودين” أنهم لم يحققوا معايير صحة المتن، فهو موضوع على رسول الله عليه الصلاة والسلام. ففي الباب الخامس وهو أكبر الأبواب وفيه فكرة الكتاب الرئيسية نقد لمتون ستة أحاديث، وهي:
– ناقصات عقل ودين
– لَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا
– إنَّ المَرأةَ تُقبِلُ في صورةِ شَيطانٍ، وتُدبِرُ في صورةِ شَيطانٍ
– إن المرأة خلقت من ضلع أعوج
– فإنما هن عوانٌ عندكم
– لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً

رسالتي: البحث والتفكر والتدبر
ما الرسالة التي تودين إيصالها من خلال هذا الكتاب؟
ـ أهم الأفكار التي أود إيصالها أن البحث والتفكر والتدبر والتعقل.. كلها أمر من رب العالمين لا يجب أن تتوقف عند جيل معين ولا عند عقليات واحدة، بل هي أمر لكل إنسان وليست أمرا لفئة دون أخرى.
والبحث في صحة أحاديث قيلت على لسان رسول الله ليس إنكارا للسنة، ففي حديث “ناقصات عقل ودين” وحديث “فإنما هن عوان عندكم” جئت من البخاري نفسه بالأحاديث الصحيحة التي قيلت في هذه الظروف. ولا يوجد للمسلمين معيار لمعرفة صحة حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام أقدس ولا أدق ولا أهم من رسالته التي يستحيل أن يخالفها وهي القرآن الكريم.
البحث مجهود شخصي لابد أن يقوم به كل مسلم، وليس على أحد أن يعتنقه، فالله تعالى ميز سيدنا آدم بالعلم والقدرة على التعلم، فإن فقد هذه الميزة وتوقف عن التعلم والتفكر فقد أصبح أقل من الأنعام.
واجهت هجمة شرسة مدبرة
أثار العنوان جدلاً كبيرًا، فما المقصد الحقيقي من اختيار هذا العنوان؟
ـ المقصد الحقيقي أنه حقيقي، فهذه هى الحقيقة أن “النساء كاملات عقل ودين”.
واجه الكتاب عدة اتهامات فما ردك عليها؟
ـ ردي على من يقرأون الكتاب فقط، أما من يهاجم بلا علم فهذا افتراء وبهتان وكذب وسوف يتحمل وزره يوم القيامة.
هل توقعت ردود الفعل التي واجهتها عند عرض الكتاب في معرض القاهرة الدولي للكتاب؟
ـ طبعا لم أتوقع، لقد كانت هجمة شرسة مدبرة ومدفوعة الأجر من لجان إلكترونية حقيرة لا علاقة لها بدين ولا أخلاق، فالكتاب في السوق من سنتين ولما انتهى العقد مع الدار الأولى، طبعته عن دار أخرى ففوجئت بما حدث.
الهدى لمن يريد أن يهتدي
كيف واجهت النقد والجدل حول كتابك؟ وما هو الدرس الأهم الذي تعلمته من تجربتك ككاتبة؟
ـ لم أواجه نقدا حقيقيا، كان كله كلاما عاما في المطلق بلا تحديد، مجرد هوس. والدرس الأهم الذي تعلمته من هذه التجربة، أن الإنسان عندما يكون منشغلا بأمر في دينه ولديه تساؤلات، لا يجب أن يقضي حياته كلها يتساءل فقط، لابد أن يبحث ويتعلم ويفكر.. لابد سيجد الإجابة، فالله تعالى كتب على نفسه الهدى لمن يريد أن يهتدي، يقول تعالى: “إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ”. وبقدر إخلاصه فيما كتب، بقدر ما سيتولى الله تعالى نشره وإبلاغه.
كيف كانت ردود فعل القراء بعد نشر الكتاب على شكل طبعة إلكترونية مجانية؟
ـ الحمد لله كانت ردودا رائعة لأنهم كان لديهم شغف لمعرفة محتوى الكتاب، ولما قرأوه سعدوا بما فيه من معلومات، وزاد حبهم لدينهم، وزاد فهمهم، وجاءتني رسائل مسعدة جدا.
تعزيز الحوار الثقافي والديني
كيف يمكن للكتاب أن يساهم في تعزيز الحوار الثقافي والديني؟
ـ أرجو أن يحدث هذا، ويؤدي الكتاب من خلال طرحه لمعايير صحة المتن وأهميتها إلى الاهتمام بهذا الأمر وأخذه بالجدية اللازمة، ولا ندور في حلقات من اللجان لا تنتهي أبدا.
هل تعتقدين أن هناك نقصا في الفهم الصحيح لبعض الأحاديث النبوية في المجتمع؟
ـ النقص ليس في فهم الأحاديث النبوية، فطبيعة كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام كانت أنه قليل الكلام يعده العاد على يديه ويحفظه من يسمعه، وكان واضحا سهلا لا تكلف فيه، فمثلا لمّا يقول: “الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ” هل هذا الحديث في حاجة لشرح، أو ممكن يفهم بطريقة خاطئة؟ بالطبع لا، لأنه واضح وبسيط ومباشر وكلماته قليلة، تحققت فيه صفات كلام رسول الله ومتوافق مع القرآن الكريم.
النقص ليس في الفهم لأن الأحاديث الصحيحة مفهومة، لكن النقص هو في البحث عن عدد كبير من الأحاديث الأخرى من جانب المتن ومدى توافقها مع القرآن الكريم والسنة الصحيحة والعقل والمنطق والتاريخ…
من الكاتب أو الكتاب الذي ألهمك للكتابة؟
ـ الحقيقة الذي شجعني ودعمني وشاركني، هو زوجي الحبيب.
هل تخططين لطرح مؤلفات جديدة قريبا؟
لدي كتب جديدة إن شاء الله، ربنا يرزقني دارا جيدة.
