عقب إعلان جامعة الدول العربية أن الظروف الراهنة غير مواتية لمناقشة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وهي الاتفاقية التي وُقعت عام 1950 بهدف تنسيق الجهود العسكرية والدفاعية بين الدول الأعضاء وأظهر ذلك تعقيدات المشهد السياسي والأمني، واختلاف أولويات الدول العربية في الوقت الراهن، مما يجعل من الصعب التوصل إلى توافق شامل حول آليات تفعيل الاتفاقية ، ويُعيد هذا الموقف إلى الواجهة الجدل المستمر حول جدوى الاتفاقيات العربية المشتركة، ومدى قدرة النظام العربي على صياغة رؤية موحدة لمواجهة التحديات الأمنية.
عبر النائب د. عصام خليل رئيس حزب المصريين الأحرار عن صدمته واستيائه الشديدين من التصريح الصادر عن جامعة الدول العربية بأن “الظروف غير مواتية” لمناقشة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، موضحا إن هذا التصريح، إن لم يكن مخيباً للآمال، فهو يعكس حالة من التخاذل غير المبرر؛ فإذا لم تكن الظروف مواتية الآن، والعالم العربي يتمزق ويُستهدف من كل حدب وصوب، فمتى ستكون مواتية؟!
واضاف رئيس حزب المصريين الأحرار، أن الأمة العربية تتعرض لتمزيق ممنهج في صمت رهيب، وتوقيت هذا التصريح يأتي في وقت حرج يتجاوز حدود المنطق؛ كان يجب على الجامعة العربية أن تكون في طليعة المدافعين عن الأمن القومي العربي، وأن تسارع إلى تفعيل كل آليات التعاون المشترك لمواجهة التحديات المتصاعدة، قائلا إننا نرى دولاً أوروبية مختلفة في اللغة والأصول والعادات، قد نجحت في إقامة تحالف عسكري مشترك مثل حلف الناتو، فلماذا يعجز العرب، الذين يجمعهم التاريخ واللغة والدين والمصير المشترك، عن تحقيق ذلك؟”
وأكد أن الأمن القومي العربي لا يمكن أن يظل رهينة لتصريحات دبلوماسية باهتة؛ مشدداً على أنه قد حان الوقت لتتحمل جامعة الدول العربية مسؤولياتها التاريخية وتعمل على تشكيل قوة عربية موحدة قادرة على حماية الأمة ومقدساتها.
ودعي خليل قادة الدول العربية إلى اتخاذ خطوات فورية وعملية لترجمة اتفاقيات الدفاع المشترك إلى واقع ملموس، بدلاً من ترك الأمة عرضة للأخطار، مشيرا إلى أن هذا الموقف الضعيف لا يخدم سوى أعداء الأمة، ويُفقد الثقة في قدرة العرب على حماية أنفسهم ويجب أن تتوقف المبررات الواهية، وأن تبدأ التحركات الجادة.
مواجهة العدوان الخارجي
أكد د. محمد أبو العلا رئيس الحزب الناصري إن ما صدر عن جامعة الدول العربية من القول بأن الظروف غير مواتية لمناقشة اتفاقية الدفاع العربي المشترك، يعكس خللاً في إدراك طبيعة المخاطر التي تحيط بأمتنا. فالتاريخ يؤكد أن هذه الاتفاقية لم تُنشأ للترف السياسي، بل جاءت لتكون أداة ردع وحماية للأمن القومي العربي في مواجهة العدوان الخارجي والتحديات العابرة للحدود. وإذا لم تكن الظروف الراهنة، بما تشهده من احتلال وعدوان إسرائيلي سافر، وحروب بالوكالة، وتدخلات إقليمية ودولية، هي الأنسب لتفعيل الاتفاقية، فمتى إذن؟
إننا نرى أن إرجاء مناقشة الاتفاقية أو التذرع بالظروف، هو في حقيقته تخلي عن أحد أهم ركائز الأمن القومي العربي، وتراجع عن مبدأ التضامن الذي قامت عليه الجامعة العربية. الواجب الآن هو الشجاعة في اتخاذ القرار، وتفعيل أدوات الردع العربي، لا الاكتفاء ببيانات سياسية لا تسمن ولا تغني. الأمة العربية مطالبة اليوم قبل الغد بتحويل شعار الدفاع المشترك إلى واقع يحمي الشعوب والأوطان، ويعيد الاعتبار للقومية العربية باعتبارها صمام أماننا الوحيد في وجه الأخطار المتوقعة .
