شؤون سياسية

لبنان على شفير الفتنة الطائفية بسب الفارين من الحرب

يثير النزوح المتزايد من الضاحية الجنوبية لبيروت معاقل حزب الله إلى مناطق لبنانية أخرى وعلى طول الحدود مع سوريا مخاوف  من تهديدا جديدا للاستقرار الهش في البلاد. فموجات النزوح الناجمة عن التصعيد العسكري الإسرائيلي المتواصل دفعت الآلاف من السكان إلى الفرار من بيوتهم، ما زاد من توتر العلاقات بين النازحين والمجتمعات المضيفة، أيقظ هواجس الفتنة الطائفية التي تعود إلى السطح في لبنان كلما ازدادت الأوضاع سوءا.

وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب أطلق تحذيرا واضحاً في اجتماع الاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، حيث دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 بشكل متوازن بين الطرفين. وأشار إلى أن المخاوف الأكبر اليوم ليست فقط من الحرب نفسها، بل من الفتنة الداخلية التي قد تنجم عن الاحتكاك بين اللبنانيين النازحين وأهالي المناطق المضيفة. وقال بو حبيب إن الاكتظاظ في مناطق تعاني اصلا من أزمات اقتصادية يمكن أن يؤدي إلى صدامات مجتمعية، مهددا بحدوث موجة هجرة جديدة تفاقم الأوضاع في الداخل والخارج.

منذ 23 سبتمبر/أيلول، صعّد الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية بشكل غير مسبوق على معاقل حزب الله، ما تسبب في دمار واسع النطاق. وعلى إثر ذلك، تحولت المدارس والمباني الشاغرة إلى مراكز إيواء مؤقتة، لكن الأوضاع تزداد تعقيدا مع استمرار النزوح إلى مناطق حدودية مع سوريا والعراق. هذه التطورات دفعت العديد من المسؤولين إلى إطلاق نداءات استغاثة، بينهم وزير البيئة ناصر ياسين، الذي حذر من أن ارتفاع عدد النازحين قد يدفع البعض إلى محاولة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. “لن نستطيع منع الناس من المغادرة”، قال ياسين، مشدداً على أن اليأس يدفع الكثيرين إلى اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر بحثا عن الأمان.

الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية لا تقل خطورة عن الأزمة الإنسانية. قرى حدودية بأكملها دمرت، ومرافق حيوية مثل المستشفيات وشبكات المياه تضررت بشدة. وقدر وزير الاقتصاد الأسبق ناصر السعيدي تكلفة إعادة الإعمار بنحو 25 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يعكس مدى الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الأساسية.

 زرع الفتنة الطائفية

وتتصاعد المخاوف من أن الفوضى الاقتصادية والاجتماعية قد تستخدم كأداة لإشعال فتنة داخلية. وتتهم أطراف سياسية في بيروت إسرائيل بالسعي إلى استغلال أزمة النزوح لإثارة الفوضى بين اللبنانيين. رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان حذر من “المؤامرات التي تستهدف تفكيك الوحدة الوطنية”، مشيرًا إلى أن المخطط الإسرائيلي يهدف إلى استنزاف لبنان سواء من خلال الحرب المباشرة أو عبر زرع الفتنة الطائفية.

من جانبه، أشار وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو إلى الخطر المحدق بلبنان، محذرا من احتمال اندلاع حرب أهلية في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي. وقال ليكورنو في مقابلة مع قناة “إل سي أي” الفرنسية إن الوضع في لبنان “هش للغاية”، وأن استمرار هذا التوتر قد يؤدي إلى “انهيار كامل” للبلاد، ما يتطلب تدخلاً عاجلا لتحقيق وقف إطلاق نار شامل واستعادة الاستقرار.

المجتمع اللبناني الذي يعاني اصلا من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة بات الآن على حافة الهاوية. في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي إلى وقف فوري للحرب، يبقى السؤال الملح: هل يستطيع لبنان تجنب الانزلاق نحو الفتنة الطائفية مرة أخرى؟

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5675

موضوعات ذات صلة

دعوات صهيونية لذبح قرابين بالمسجد الأقصى تثير غضب البرلمان

المحرر

جهود عربية ودولية لإحياء السلام في السودان

المحرر

حاضر ومستقبل حماس في ظل تصاعد التحديات

المحرر

الجنائية الدولية تضع ليبيا أمام اختبار جديد

المحرر

حركة رجال الكرامة وتظاهرالاول ضد حكومة الشرع

المحرر

برلمانيون: حكم الدستورية بشأن الإيجار القديم رفع الحرج عن الجميع

المحرر