ثقافة وأدب

لنا عبد الرحمن: الموت حضر بأكثر من وجه في أعمالي

عن الموت الذي يسكن الروايات، القلق الذي يبعثه ويحرض ويدفع على الكتابة، عن الموت الصاخب الذي يتجاوز أن يكون مجرد جثة على سطح الورق، والذي ينجو من النسيان ويركض بين صفحات الروايات عن الموت وتفاصيله من “ثلج القاهرة” إلى “تميمة العاشقات” تحدثنا الكاتبة الروائية والناقدة الدكتور لنا عبد الرحمن في التالي:

قالت الكاتبة الروائية والناقدة الدكتور لنا عبد الرحمن: يظلّ الإنسان، في كل ما يبدعه، وما يكتبه أو يحلم به، محاطًا بوهم الخلود، لكن الحقيقة الوجودية الوحيدة التي لا جدال فيها هى أن مساره مرسوم بين لحظتين لا ثالث لهما: الميلاد والموت كل ما بينهما من تجارب وانتصارات وانكسارات ليست سوى أحداث عابرة تزدحم في كتاب الحياة. أما اليقين فهو أن الكائن من لحظة ميلاده؛ يبدأ العدّ التنازلي نحو الرحيل. ومن هذا التوتر بين البدء والانتهاء تنبثق أسئلة الأدب والفن والفلسفة، إذ يحاول الإنسان أن يهب حياته معنى يتجاوز هشاشتها، وأن يجعل من لحظة الميلاد أكثر إشراقًا وتفاؤلا من لحظة الموت.

وتابعت عبد الرحمن: من هنا تحضر تيمة الموت بقوة في العديد من الروايات العالمية، حيث تتحول من كونها نهاية بيولوجية إلى سؤال فلسفي وأدبي عميق. في رواية “انقطاعات الموت”للبرتغالي جوزيه ساراماجو، يُخيَّل لنا عالم يتوقف فيه الموت عن القيام بوظيفته، فيجد البشر أنفسهم أمام عبثية جديدة تُربك القوانين الدينية والسياسية والاجتماعية. وعلى نحو مختلف، يتناول ليو تولستوي في روايته القصيرة “موت إيفان إيليتش”تجربة الاحتضار من الداخل، ليجعل من الموت لحظة مواجهة للحقيقة والذات. أما ألبير كامو في “الغريب”، فيضع الموت في صميم العبث الإنساني، حين يواجه  البطل محاكمته وإعدامه بلا معنى سوى مواجهة الفراغ. كذلك نجد غابرييل غارسيا ماركيز في “ليس لدى الكولونيل من يكاتبه”أو في “مئة عام من العزلة”يستحضر الموت كجزء من دورة الحياة والذاكرة الجماعية.

وأشارت صاحبة “ثلج القاهرة ” على المستوى الشخصي، في رواياتي، حضر الموت في أكثر من وجه، في روايتي “ثلج القاهرة”، التي تتناول فكرة الحيوات السابقة عبر شخصيتين نورجهان وبشرى، يحضر الموت في الصفحة الأولى حين تقول نورجهان: ” في بستان بيتنا الكبير، فوق قبر جدي زرعوا شجرة مانجو. هناك دفنوا جدتي الأولى وعمتي، وأبي، وأمي، هناك دُفنتُ أنا أيضا. في ظلال ذلك القصر، المهجور والأعزل. كنتُ آخر من بقي فيه، ومن رحل عنه”

وتابعت: أما في رواية ” بودابار”، يحل فيها الموت أيضا منذ البداية في دلالة رمزية  مع جريمة قتل جمانة، المرأة الفاتنة، التي تختفي جثتها تماما، ولا يتم العثور عليها، هذا الموت الذي يُخيم ظله على السرد منذ البداية إلى النهاية يحمل تساؤلاته الجريحة، عن الحرب والحب، وكيف يتشكل عالم مؤلم في مدينة موجوعة مثل بيروت. تبدأ الرواية مع هذه الجملة: ” في يوم صيفي غائم قليلا، على غير عادة شهر يوليو في بيروت، وصلت دورا إلى “حي الأمير”، لم تتوقع أن جريمة قتل ستكون في استقبالها عند وصولها للسكن الجديد”

واختتمت عبد الرحمن: عدت وتناولت الموت في روايتي “تميمة العاشقات”، عبر فكرة الزمن، فالرواية تتناول مراحل زمنية متباعدة لسبع شخصيات، تحكي كل شخصية حكايتها وموتها، ثم يلتقين معا للكشف عما حصل في عالمهن بعد الرحيل. ربما في النتيجة يفتح الموت للبطلات أفقًا لفهم أعمق للوجود، ويجعل لحظة النهاية بداية نوع من الوعي بالحقيقة الروحية.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=67

موضوعات ذات صلة

يوسا يعيد اكتشاف الاسباني غالدوس شبيه بلزاك وديكنز

المحرر

من يملك الحقيقة ؟ أسرار صناعة الكذب في الإعلام الجديد

المحرر

السيناريست مجدي صابر: التواصل مع المجتمع أساس كتاباتي

المحرر

زوال دولة الكيان الصهيوني في معرض الكتاب

المحرر

ملحمة آخر الزمان في الصفحات الأخيرة لمحمد أنيس

المحرر

مثقفون وقانونيون: الرجال مسئولون عن حماية حقوق المرأة

المحرر