عربي ودولي

مساعي إسرائيلية قديمة.. ما وراء قرار ترحيل سكان غزة ؟

مع الانشغال الجارف في العالم العربي بتصريحات الرئيس دونالد ترمب حول ترحيل فلسطينيي غزة إلى الأردن ومصر، ولاحقاً الترويج لألبانيا وإندونيسيا، ينشغل الإسرائيليون في مدى جدية الطرح وهل هو بالون اختبار يتعرف بواسطته على ردود الفعل، أم أنه خطة عمل قرر دحرجتها في الشارع الشرق أوسطي؟

وتتابع وسائل الإعلام العبرية بدقة تفاصيل الاقتراح وكيف وأين تبلور. ولأن اليمين المتطرف تحمس بشكل زائد للفكرة، وراح قادته ينافسون على تبنيها وترجمتها إلى برنامج عمل، بدأت تتكشف خيوط الفكرة وأساساتها.

المراسل السياسي لـ«القناة 12» الإسرائيلية، عميت سيجال، وهو يميني مقرب من نتنياهو، قال إن اقتراح ترمب «لم يكن مجرد زلة لسان بل هو جزء من مخطط مدروس يجري التداول به بجدية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية في واشنطن». وأضاف: «نتنياهو، وغيره من المسؤولين في اليمين رفيعي المستوى أكدوا علمهم بهذه الأفكار وقالوا إن (الحديث يجري عن خطة واسعة النطاق تتحدث عن نقل مؤقت أو دائم إلى الأردن ومصر ودول إسلامية عدة)».

رفض عالمي

أعربت إسبانيا عن رفضها لأى محاولة لـ تهجير سكان غزة، وقال وزير الخارجية الإسبانى خوسيه مانويل ألباريس من بروكسل: “لدينا موقف واضح، يجب على سكان غزة أن يظلوا فى غزة، وغزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.

وأشارت صحيفة الموندو الإسبانية إلى أن ألباريس اقترح على مجلس الشؤون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى نشر بعثة أوروبية على معبر رفح لدعم السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث ستشارك إسبانيا بقوات الحرس المدني.

وأوضح وزير الخارجية أنه سيتم نشر بعثة على المعبر الحدودى الوحيد بين مصر وغزة، بهدف “المساعدة فى السيطرة على دخول وخروج الأشخاص”، وقال الوزير إنه فى حال نجاح هذه المبادرة فإن “الحرس المدنى سيكون حاضرا فى هذه المهمة”.

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، على نشر قوات مجتمعية من خلال بعثة الاتحاد الأوروبى للمساعدة الحدودية فى رفح على معبر رفح بين غزة وإسرائيل ومصر لدعم وقف إطلاق النار.

وقالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبى كايا كالاس على وسائل التواصل الاجتماعى عن المهمة المجتمعية التى ستشمل قوات إسبانية وإيطالية وفرنسية: “يتفق الجميع على أن بعثة المساعدة الحدودية الأوروبية فى رفح يمكن أن تلعب دورا حاسما فى دعم وقف إطلاق النار”.

وعبرت الرئاسة الفلسطينية عن رفضها الشديد وإدانتها لأى مشروعات تهدف لتهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة، و”هو الأمر الذى يشكل تجاوزًا للخطوط الحمراء التى حذرنا منها مرارًا”.

وأضافت الرئاسة أن “الشعب الفلسطينى لن يتخلى عن أرضه ومقدساته، ولن نسمح بتكرار النكبات التى حلت بشعبنا فى الأعوام 1948 و1967، وشعبنا لن يرحل”.

خطة إسرائيلية

لكن الأهم، هو أن هذه الخطة ليست أمريكية بل إسرائيلية بحتة، سبق أن تم تداولها منذ شهر أكتوبر 2023، ففي حينه جرى كشفها في وثيقتين (نشرتهما الشرق الأوسط حينها)؛ الأولى: أعدتها في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية ونُشرت على ورق رسمي للوزارة، والثانية: صاغها معهد أبحاث أقامه مئير بن شبات، البروفيسور الذي كان مبعوثاً خاصاً لنتنياهو إلى الدول العربية، والمكلف بملف «اتفاقيات إبراهيم»، ويعد من أصحاب عقيدة اليمين الآيديولوجية، والوثيقتان تحدثتا عن ترحيل أهل غزة إلى مصر.

واستعرضت وثيقة بن شبات الأوضاع التفصيلية الاقتصادية في مصر، وزعم أن «عدداً هائلاً» من الوحدات السكنية «فارغة»، ويمكن منحها للفلسطينيين مقابل مبالغ تُدْفَع لهم تعويضاً عن بيوتهم التي سيهجرونها في فلسطين، وبذلك ينتعش الاقتصاد المصري، ولمَّح إلى ترحيل أيضاً لأماكن أخرى.

وأدركت مصر والأردن الخطر، وحدث اصطفاف عربي لمنع المخطط، ومورست ضغوط على الإدارة الأمريكية، بقيادة جو بايدن، في حينه، فتدخلت وأعلنت رفضها للمخطط، وهكذا وُضِعَ جانباً.

ترويج جديد

ويبدو الآن أن اليمين الاستيطاني العقائدي الذي يقوده وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش مع قادة المستوطنات وأولئك الذين وضعوا المخطط، لم ينسوا الخطة، بل راحوا يعملون بشكل حثيث على ترويج الفكرة، من خلال المحاضرات في أمريكا وأوروبا وإسرائيل، واللقاءات مع طاقم ترمب، قبل وبعد الفوز بالحكم.

وأضاف تيار اليمين دراسات جديدة عن الوضع الاقتصادي في ألبانيا وإندونيسيا والبوسنة والهرسك وإمكاناتها لاستيعاب مهاجرين فلسطينيين.

وحرص المستوطنون اليهود على طرح الموضوع بلغة إيجابية، تُظْهِرهم كأنهم متعاطفون مع الفلسطينيين «الذين يعدون عمالاً مهنيين قديرين جداً ومتعلمين جيداً، ولكنهم باتوا الآن فقراء ومُعْوِزين لسنين طويلة في غزة، وخير ما نفعله لهم هو استيعابهم في مناطق إنتاجية راقية في العالم».

تطهير عرقي

من جانبه وصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي تصريحات ترامب بأنها خطيرة ودعوة للتطهير العرقي، مشيرا إلى أن ترامب يريد بالضغوط السياسية تنفيذ ما فشل به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الحرب.

واعتبر البرغوثي أن ما قاله ترامب يتشابه تماما مع خطة نتنياهو القاضية بترحيل الفلسطينيين في غزة، وردا على توقعات بعض السياسيين الذين قالوا إن ترامب أطلق تصريحاته بين المزاح والجد أكد البرغوثي أن مصائر الشعوب ليست موضوعا للمزاح.

بدوره، يرى الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن تصريحات ترامب تصب تماما ضمن مخطط إسرائيلي، مشيرا في هذا الإطار إلى تصريحات سابقة لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قبل السابع من أكتوبر 2023.

ووفق جبارين، فإن سموتريتش يقود لوبيا حقيقيا داخل الولايات المتحدة، وقال يومها إن أمام الفلسطينيين 3 حلول وهي: الرحيل أو القتل أو الخضوع لـ”الفوقية اليهودية”.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=331

موضوعات ذات صلة

ناقوس الخطر يدق بالسودان.. مجاعة وخسائر بشرية مروعة

المحرر

سوريا الجديدة.. تحديات وشروط صعبة لاسترداد الدولة

المحرر

تمويل أمريكي مباشر لقتل الأبرياء بغزة

المحرر

الشتاء يقسو على أطفال غزة.. وفاة أطفال وغرق الخيام

المحرر

لماذا أقال نتنياهو وزير الدفاع من منصبه؟

المحرر

بعد إيقاف العمل بالموازنة.. هذه خسائر سوريا بحكم الأسد

المحرر