البلد خانةسليدر

مسلسل انهيار العقارات القديمة بالإسكندرية عرض مستمر

 

لم يعد انهيار العقارات القديمة في الإسكندرية مجرد أخبار عابرة، بل تحول إلى “مسلسل” مأساوي متكرر، يدفع المواطنون حياتهم ثمناً لحلقاته الدامية؛ فمع كل شتاء جديد ونوة قادمة، تزداد مخاوف قاطني آلاف المباني الآيلة للسقوط، والذين يعيش أغلبهم تحت رحمة قرارات إخلاء وترميم لا تُنفذ، ليظل شبح الموت قابعاً فوق رؤوسهم.
وتعاني العديد من المباني في أحياء الإسكندرية التاريخية من مرور الزمن الطويل عليها، دون صيانة دورية أو ترميم فعّال، حيث تصدر قرارات الترميم أو الإزالة بحق هذه العقارات، لكنها غالباً ما تظل حبراً على ورق بسبب رفض السكان إخلاءها، إما لعدم توفر بديل مناسب أو بسبب تعقيدات قانونية تتعلق بقوانين الإيجار القديمة.كما تلعب العوامل المناخية دوراً متزايداً، خاصة مع النوات الشتوية القاسية وارتفاع منسوب مياه البحر، مما يؤثر على أساسات المباني ويزيد من سرعة انهيارها. ورغم تشكيل اللجان الهندسية لمعاينة العقارات وحصرها، إلا أن تنفيذ القرارات يواجه بطئاً شديداً وعقبات إدارية.

أرقام مخيفة
تتحدث الإحصائيات الرسمية عن أرقام مفزعة، حيث تشير التقديرات إلى وجود آلاف العقارات الآيلة للسقوط في المحافظة، بعضها صدرت بحقه قرارات إزالة كلية أو جزئية. هذه الأرقام تحولت إلى وقائع مؤلمة، كان آخرها الانهيارات المتتالية في مناطق مثل كرموز وحي الجمرك وسيدي بشر مؤخراً، والتي أسفرت عن إصابات وضحايا.
تتحرك الحكومة والمحافظة بخطط لحصر هذه العقارات وتوفير سكن بديل للمتضررين، إلا أن وتيرة التنفيذ تبدو بطيئة مقارنة بحجم المشكلة المتنامية.
صرخة استغاثة
يظل سكان هذه المناطق يوجهون صرخات استغاثة متكررة للمسؤولين، مطالبين بتحرك عاجل وجذري لوقف هذا النزيف المستمر. فالمشكلة لا تكمن فقط في المباني القديمة، بل في أرواح المواطنين المعلقة بين جدران متصدعة وبيروقراطية إدارية، في انتظار حلول ناجحة تضع نهاية لـ”مسلسل” بات عنوانه الأبرز هو الموت المفاجئ.
إن وضع حد لهذه الكارثة يتطلب تضافر جهود حكومية ومجتمعية وقانونية، وسرعة في تنفيذ قرارات الإزالة والترميم، وتوفير بدائل سكنية عاجلة، لضمان حق المواطن السكندري في مسكن آمن وحياة كريمة.
مشهد متكرر
ويبدو أن الإسكندرية قد أصبحت على موعد متجدد مع سقوط العقارات القديمة، حيث شهد الأسبوع الحالي حادثي انهيار لعقارين بمطقتي كرموز بنطاق حي غرب، وسيدي بشر بحري بنطاق حي المنتزه أول. لتكون بذلك تلك الواقعتين حلقة جديدة من حلقات مسلسل انهيار العقارات المتهالكة بالثغر.
وشهدت منطقة كرموز بنطاق حي غرب ــ صباح الأربعاء 26 نوفمبر 2025 ــ انهيار العقار رقم 41 بشارع السعادة متفرع من شارع النيل، مما أسفر عن إصابة 3 مواطنين تم نقلهم على الفور إلى المستشفى الجامعي لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، وقد أوضحت المعاينة الأولية أن العقار مكوَّن من دور أرضي وأربعة أدوار علوية، وصادر له قرار ترميم رقم ١١٩ لسنة ٢٠١٨.
كما شهد شارع جمال عبد الناصر بمنطقة سيدي بشر ـ يوم الاثنين 24 نوفمبر 2025 ــ انهيار أجزاء من عقار قديم خالٍ من السكان، مكون من 3 أدوار بشارع جمال عبدالناصر بنطاق حي المنتزه أول شرقي المدينة، مما أدى إلى تحطم سيارتين تصادف وجودهما أسفل العقار دون وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح.
الواقعتان تؤكدان استمرار حلقات مسلسل انهيار العقارات المتهالكة بالإسكندرية، ومن جانبها، فقد أفادت محافظة الإسكندرية، بأنه قد تم التنسيق مع جميع الجهات المعنية، لاتخاذ ما يلزم للحفاظ على سلامة المواطنين وحماية الأرواح، مع إحالة الواقعتين للنيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة.
ظاهرة قديمة
الإسكندرية أمست على موعد متجدد مع سقوط العقارات القديمة، حيث كانت قد شهدت منطقة السيالة بنطاق حي الجمرك ــ منتصف يونيو 2021 ــ انهيار عقارين خاليين من السكان، دون حدوث أية إصابات أو وفيات، لتكون بذلك تلك الواقعة؛ حيث تعود تفاصيل الواقعة، عندما تلقى مأمور قسم شرطة الجمرك، إخطارًا، يفيد بانهيار العقارين، وبالانتقال وعقب المعاينة والفحص تبين انهيار العقارين رقمي 16 و18 بشارع “العوامري” بمنطقة السيالة، وقد تم تحرير محضر بالواقعة واُخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيق.
وقامت حينها الأجهزة الأمنية والجهات المختصة بالحي بوضع كردونًا حديديًا، حول العقارين المنهارين، لمنع عبور المارة أسفلهما؛ حفاظًا على سلامة أرواح المواطنين. وقررت نيابة المنشية تشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقارين المنهارين وسرعة طلب تحريات المباحث حول الواقعة، وأيضًا طلب ملف العقارين من الحي لفحصهما.
عقار غربال
كما شهدت منطقة “غربال” التابعة لحي وسط؛ انهيار سقف أحد العقارات ــ ديسمبر 2021 ــ مما أسفر عن مصرع شخصين وإصابة آخر. وكانت غرفة عمليات حي وسط، قد تلقت بلاغًا يفيد بانهيار سقف العقار رقم (31) بشارع “أحد”، المتفرع من شارع “شجرة الدر”، بمنطقة “غربال” بدائرة محرم بك، وهو عقار مأهول بالسكان، ومكون من طابق أرضي و3 طوابق علوية.
وقد تبين من الفحص أن العقار بناءً قديمًا، حيث انهار سقف الطابق الثالث حتى سطح الأرض، وقد أسفر الحادث عن مصرع كل من: زكريا إبراهيم ـ 60 سنة، أحمد خميس 42 سنة، وإصابة محمد خليل 49 سنة.
عقار اللبان
وكانت منطقة اللبان بنطاق حي الجمرك قد شهدت في شهر يونيو من العام 2022 انهيار عقار قديم خالٍ من السكان دون حدوث إصابات بين المواطنين. حيث قد جاءت تفاصيل الواقعة بتلقي إدارة شرطة النجدة بمديرية أمن الإسكندرية، إخطارًا يفيد بانهيار عقارًا بشارع “الأحنف” وعلى الفور الأجهزة الأمنية بقسم شرطة اللبان، ترافقها قوات الحماية المدنية وسيارات الإسعاف والأجهزة التنفيذية بالحي، حيث تم فصل التيار الكهربائي عن العقار مع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة من قبل مسؤولي الحي، وتبين من المعاينات؛ انهيار العقار كونه بناءً قديمًا وخاليًا من السكان.
حارة “مشرف”
واستمرارًا لمسلسل انهيار العقارات القديمة والمتهالكة بالمدينة الساحلية؛ فقد شهدت منطقة رأس التين ــ الثلاثاء 10 يناير 2022 ــ انهيار أجزاء من العقار رقم 4 بحارة “مشرف”، المتفرعة من شارع رأس التين دون حدوث إصابات بين المواطنين. تفاصيل الواقعة بدأت عندما تلقت الأجهزة المعنية بمديرية الأمن، إخطارًا من مأمور قسم شرطة الجمرك، يفيد بحدوث الواقعة وعلي الفور انتقل ضباط القسم ترافقهم قوات الحماية المدنية وسيارات الإسعاف والأجهزة التنفيذية بحي الجمرك لمحل الواقعة. وقد تبين من المعاينات الأولية، انهيار أجزاءً بالعقار من الداخل، وقد تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة حيال الواقعة من قبل الجهات التنفيذية المسؤولة.
وبالنظر إلى استمرار ظاهرة انهيار العقارات القديمة في الإسكندرية، والتي تحصد الأرواح وتخلف دماراً واسعاً، تبرز الحاجة المُلحة لتدخل جاد وحاسم من قبل الجهات المعنية. فالمسؤولية مشتركة بين الأجهزة التنفيذية والملاك والسكان، وتتطلب تضافر الجهود لتنفيذ خطة شاملة تبدأ بحصر دقيق للمباني الآيلة للسقوط، مروراً بتوفير التمويل اللازم لأعمال الترميم أو الإزالة، وصولاً إلى توفير بدائل سكنية آمنة للمتضررين، حيث إن أرواح المواطنين ليست ثمناً مقبولاً للتقاعس الإداري أو الاستهتار بالمعايير الهندسية، ويجب أن يكون الحفاظ على السلامة العامة هو البند الأول على أجندة الأولويات في المدينة الساحلية.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=7263

موضوعات ذات صلة

نائب رئيس جامعة سوهاج: زراعة أكثر من 6 آلاف شجرة مثمرة

المحرر

خروقات وانتهاكات الانتخابات البرلمانية.. من يقف وراءها؟

محمود كرم

حكايات فنية من دفاتر صحافة زمان.. جديد طاهر البهي

المحرر

في حديقة عقلك أولا.. أسرار النجاح كما يخبرك شارما

المحرر

جامعة أسيوط تبرز في تصنيف شنغهاي الدولي لعام 2025

أحمد الفاروقى

تفاصيل إقامة أكبر مشروع لإنتاج السكر

المحرر