دين ودنياسليدر

هل يُعيد البابا تواضروس كتابة تاريخ الكنيسة القبطية؟

تخيل رجلاً يقف في قلب عاصفة سياسية ودينية، يحمل مفتاح كنيسة عمرها آلفي سنة، ويواجه ثورات وأوبئة بابتسامة هادئة تخفي قوة إيمانية هائلة، أمس،  الثلاثاء ، أحتفل البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، بالذكرى الـ13 لتجليسه على كرسي القديس مرقس على الكنيسةالقبطيةالأرثوذكسية وهي اكبر كنيسة في الشرق الأوسط، لكن هذه الذكرى ليست مجرد احتفال؛ إنها لحظة توقف فيها الزمن ليسأل: هل نجح في إنقاذ الكنيسة من الانهيار، أم أن التحديات الكبرى لا تزال تنتظره في الظلام؟ في هذا التحقيق الحصري، نكشف جوانب لم تُروَ من قبل عن رحلته السرية، من غرفته داخل الدير إلى قصور الدبلوماسية العالمية، مع تفاصيل تُغير نظرتك إلى هذا البابا الغامض.

 البابا الوطني

بدأت قصة البابا تواضروس الثاني الحقيقية قبل 13 عامًا بالضبط، في 18 نوفمبر 2012م، عندما جلس على الكرسي البطريركي بعد رحيل البابا شنودة الثالث، لكن الطريق إلى هناك كان مليئًا بالدماء والنار، كان البابا تواضروس، الذي كان اسمه الأصلي ( وجيه صبحي)، الذي ترهب في دير الانبا بيشوي بوادي النطرون في عام ١٩٨٥، ثم أسقفًا عامًا لايبارشية البحيرة منذ 1997م وبعد ثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، مع تجليسه، ورث تواضروس كنيسة تواجه أكبر أزماتها منذ قرون في السنوات الأولى، شهدت مصر، هجمات على الكنائس، وتوترات مع الجماعات المتطرفة اقترح قداسته برنامجًا وطنيًا خالصًا لدمج الشباب القبطي في برامج وطنية مشتركة مع اخوتهم المسلمين، مما ساعد في تهدئة التوترات دون إعلان رسمي، وأنقذ مئات الكنائس من الهدم.

هذا الدبلوماسي الهادئ، الذي درس الصيدلة في جامعة القاهرة قبل الرهبنة، استخدم خلفيته العلمية ليصبح “البابا العالمي”، يزور أوروبا وأمريكا لجمع الدعم الوطني للمهاجرين القبطيين.

خطة لدمج الكنيسة بالذكاء الاصطناعي

لكن الذكرى الـ13 هذه تأتي في سياق افتتاح أكاديمية القديس مرقس بوادي النطرون، الذي يُعتبر مشروع تواضروس الشخصي الأكبر، هي معلومة حصرية قبل ثلاث سنوات، في اجتماع مغلق مع أساقفة المجمع المقدس، كشف البابا عن رؤيته السرية للأكاديمية كـ”حصن ضد الابتعاد عن التراث”، حيث خطط لدمج الذكاء الاصطناعي في دراسة النصوص القبطية القديمة، مشروع لم يُعلن عنه بعد لكن يُعد بإعادة اكتشاف آلاف المخطوطات المفقودة وخلال كلمته في صلاة القداس، أكد تواضروس أن الأكاديمية ستكون “مظلة لكل التعليم الكنسي”، مع تخريج أول دفعة في فبراير 2026م من أكاديمية تيتش في لندن.

وفي السنوات الأخيرة، أنشأ تواضروس “مجلس الشباب الدولي” ، يضم 50 شابًا قبطيًا من خمس قارات، لتدريبهم على القيادة الرقمية، وهذا ساعد في زيادة المتابعين الشباب للكنيسة بنسبة 40% عبر الإنترنت كما أنه، تُرجم قانون الإيمان إلى 20 لغة جديدة للمنارة في الأكاديمية، كرمز لانتشار الإيمان، مستوحى من رؤيا شخصية رآها أثناء صلاته في 2020م أثناء جائحة كورونا.

 وحدة الكنيسة جامعة رسولية

السؤال الذي يبقى: بعد 13 عامًا، هل حقق تواضروس حلمه بكنيسة موحدة وقوية؟ 

بدأت رحلة تواضروس نحو الوحدة الرسولية منذ أيامه الأولى على الكرسي، في 18 نوفمبر 2012م، حيث ورث كنيسة قبطية قوية رغم التحديات التى واجهتها بعد سنوات من التوترات الطائفية في مصر، ففي السنة الأولى، أقام اجتماعًا سريًا في دير وادي النطرون مع ممثلين عن الكنائس السريانية والأرمنية، حيث اقترح “بروتوكول الجسور الرسولية”، وثيقة غير معلنة تركز على النصوص المشتركة من عصر الرسل لتعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية كان يقول للمشاركين: “الجامعة الرسولية ليست تاريخًا، بل ضرورة للبقاء.”

مع مرور السنوات، امتد نشاطه إلى المستوى الدولي، ففي 2014م، زار البطريركية الروسية الأرثوذكسية في موسكو، وهناك كشف عن خطة “الحوار السبعي”، مبادرة غير منشورة تضم سبع كنائس أرثوذكسية رئيسية لمناقشة العقيدة المشتركة، مستوحاة من مجمع خلقيدونية 451م.

خلال الزيارة، أسس “مجلس الوحدة الرقمي”، الذي يربط الشباب من الكنائس المختلفة عبر منصات افتراضية، مما زاد من التفاعل بنسبة 30% بحسب إحصاءات داخلية.

في 2017م، واجه تحديًا كبيرًا مع التوترات في سوريا ولبنان، حيث أرسل وفودًا  إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في دمشق لتنسيق مساعدات إنسانية مشتركة، مشددًا على أن الوحدة تبدأ بالعمل الميداني.

طوال فترته، شارك تواضروس في 12 اجتماعًا لجمعية الأساقفة الأرثوذكس، آخرها في نوفمبر 2025م بأمريكا، حيث قدم ورقة بحثية حصرية بعنوان “عودة الرسل: الوحدة في عصر الذكاء الاصطناعي”، تناقش استخدام التكنولوجيا لتحليل النصوص العقائدية المشتركة، كمان، في 2020م أثناء جائحة كورونا، أطلق حملة “صلاة الوحدة العالمية” عبر الإنترنت، جمعت ملايين المُصلين من الكنائس الأرثوذكسية، مما عزز الروابط الروحية رغم الاختلافات.

داخليًا، أسس معاهد مثل أكاديمية القديس مرقس في وادي النطرون (افتتحت أمس) لتدريب القادة على الحوار المسكوني، مع التركيز على الجامعة الرسولية كأساس. 

السؤال المفتوح: بعد 13 عامًا، هل أعاد تواضروس الكنيسة إلى جامعة رسولية موحدة؟ الإجابة جزئية نجاح، لكن الطريق طويل، لكن نشاطه  يُشير إلى أن الثورة الوحدية مستمرة، خاصة مع افتتاح الأكاديمية أمس حصني للحوار.

 

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=6550

موضوعات ذات صلة

جامعة أسيوط تبرز في تصنيف شنغهاي الدولي لعام 2025

أحمد الفاروقى

الزراعة تحذر المزارعين من آفة خطيرة تصيب البطاطس

المحرر

قصة لقاح أسترازينيكا.. حقيقة الأثار الجانبية وتقديم تعويضات

المحرر

البابا تواضروس: تجديد حيوية للأساقفة المخلصين

حازم رفعت

ردًا على الشرقاوي.. د. مفيدة إبراهيم: الإسلام كرم المرأة

المحرر

رحلة آمنة مع ابنك.. دليل نيلسون للأمومة الحقيقية

المحرر