دين ودنيا

ردًا على الشرقاوي.. د. مفيدة إبراهيم: الإسلام كرم المرأة

في كتابها كاملات عقل ودين، تطرح الكاتبة أسماء عثمان الشرقاوي جملة من الاعتراضات على ستة أحاديث نبوية، بحجة الإساءة إلى المرأة وانتقاص مكانتها. هذا الطرح أثار الجدل، إذ يرى متخصصو الحديث وعلوم السنة أن ما ذهبت إليه المؤلفة يستند على قراءة سطحية للنصوص، دون الغوص في مقاصدها، أو الرجوع إلى أهل العلم.

أجرت صوت البلد حوارا مع أ‌. د. مفيدة إبراهيم علي، عميد كليات الدراسات الإسلامية والعربية، بجامعة بني سويف؛ للوقوف على حقيقة ما ورد في الكتاب والرد عليه، وجاء كالتالي:

– الكتاب تضمن نقدا لمتون ستة أحاديث نبوية، هل هذه الأحاديث صحيحة؟

الأحاديث التي أوردتها المؤلفة صحيحة لا مطعن فيها سندًا أو متنًا، وأكثرها مرويٌّ في الصحيحين، لكن الإشكالية في عرضها أنَّ من يطعن بها في الإسلام يستند على مجرد قراءتها دون تحقيق لمعانيها. والرجوع إلى أهل العلم، فالحديث الأول أخرجه البخاري في صحيحه، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: “… مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا “، فإن وصف المرأة بنقصان العقل لا يعني عدم قدرتها على تحمل المسؤولية.

                                             المرأة بصورة شيطان

– ما رأيك في قول المؤلفة أن الأحاديث المذكورة تحمل إهانة للمرأة؟

بالنسبة لحديث الخيانة، فقد أخرج البخاري في صحيحه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: “لَوْلَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزْ اللَّحْمُ، وَلَوْلَا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا”. إن الخيانة في هذا الحديث لا علاقة لها بخيانة الفراش؛ لأن الخيانة بهذا المفهوم لا يمكن أن يتصورها العقل بالنسبة لحواء؛ لأنه لم يكن معها رجل إلا آدم، فكيف تخونه.

ولكنها لم تنصحه بعدم الأكل من الشجرة، بل تابعته، فكأنها قصرت في حقه، فكل امرأة تقصر في حق زوجها ولا تنصح له، تكون قد وافقت أمها حواء، فكأنه استعمال مجازي للفظ الخيانة.

والحديث الثاني أخرجه مسلم، عَنْ جَابِرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ … خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فقَالَ: ” إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ”. وليس في هذا الحديث انتقاص للمرأة، بل العكس، فالحديث يشير إلى شيء من محاسن المرأة، فإنها تملك جمالا يأخذ بقلب الرجل، ويمثل إغراء له.

                                           الاعوجاج تكريم للمرأة

أما الحديث الثالث فقد أخرجه البخاري في صحيحه بسنده، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ”. فإن الحديث لا يتناول اعوجاجا حقيقيا، بل معنويا، فالأصل في الإنسان أن يكون معتدلا في كافة تصرفاته وعلاقاته، وهذا لا يتوافر في المرأة بصفة دائمة؛ فإنها من شدة حبها لزوجها قد تصل إلى حالة من الغيرة الشديدة التي ينفر منها الزوج، وقد يدفعها حبها الشديد لأبنائها إلى إهمال بعض حقوق زوجها، ولا شك أن هذا نوع من الاعوجاج.

وحديث ابنة كسرى، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: … لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: “لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً”، هذا الحديث يتناول واقعة محددة على سبيل الإعجاز؛ بالإخبار عن أمر سيقع في المستقبل، قبل وقوعه، فيه بشرى للمؤمنين.

                                                                                         عقوبات قانونية رادعة

– هل يجوز رد أحاديث صحيحة بحجة عدم تقبل متونها؟

من الملاحظ في واقعنا، أن لدينا غراما بالافتراء على الدين؛ فما من شخص يتبوأ مكانة في الجرأة، وقليل العلم، إلا ويدخل رأيه في أمور الدين، وهذا مرتع خطير، لا بد من وضع حد له، والخوض في الدين بغير علم ينبغي أن يعاقب عليه القانون؛ حتى لا تتزعزع الثقة برجال الدين.

– كيف نظر الإسلام إلى المرأة؟

كرم الله تعالى الإنسان بالعقل. وقد أثبتت المرأة جدارتها في شتى ميادين الحياة. فالمرأة ليست فقط زوجة وأم، بل هي نصف المجتمع الذي يربي النصف الآخر، فهي تعد المجتمع بأكمله.

وقد أولى الإسلام المرأة اهتمامًا بالغًا ونظر إليها نظرة تكريم واعتزاز. فالمرأة في الإسلام شريكة الرجل في الخلافة لعمارة الأرض، بالمساواة مع الرجل.

                                             المرأة عالمة وداعية

 ما ردك على ادعاءات إهانة الإسلام للمرأة؟

شاركت المرأة المسلمة الرجل في الكفاح لنشر الإسلام، منذ الهجرتين إلى الحبشة والمدينة، وشاركت في الغزوات، لا لتمريض الجرحى فحسب، بل في ميادين القتال أيضًا.

تعد مشاركة النساء في بيعتي العقبة الأولى والثانية إقرارًا مبكرًا لحقوق المرأة السياسية، فهذه البيعة كانت بمثابة عقد تأسيس الدولة الإسلامية.

وكتب الأحاديث تزخر بروايات أكثر من مائة صحابية. وتعتبر السيدة عائشة، رضي الله عنها، من أبرز الداعيات وأكثرهن علمًا، يرجع إليها الصحابة في أمور الدين.

كما سجل التاريخ الإسلامي العديد من العالمات اللواتي بلغن مراتب عليا في العلم والفقه والإدارة، منهن: أم الدرداء، والشفاء بنت عبد الله التي ولَّاها عمر بن الخطاب قضاء الحسبة، وحفصة بنت عمر، وسكينة بنت الحسين وفاطمة بنت الحسين، وأم سلمة التي قدمت مشورة حاسمة للنبي ﷺ.

– كيف نتعامل مع هذه الدعوات؟

يتطلب عصرنا الحالي الابتعاد التام عن الارتجال في التفسير والأحكام الشرعية، خاصة في المسائل التي تُعم بها البلوى. فالخطأ في هذه الأمور قد يؤدي إلى تشتيت الأمة، وإيقاع الشباب في الفتن، وقد تجر نيرانها على الأمة بأكملها. فتتجلى أهمية الرجوع إلى أهل الاختصاص. فهذا المنهج يقلل من الخطأ ويحمي من اتباع الأهواء، ويضمن فتاوى تتوافق مع مقاصد الشريعة وواقع الناس.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=280

موضوعات ذات صلة

الأزهر.. يدين أسوأ احتلال عرفه التاريخ الحديث

المحرر

الجامع الأزهر يعقد ملتقى العمرة وبدائل البر المجتمعي

المحرر

“القيم الإنسانية المشتركة”.. ندوة لـ”خريجي الأزهر” بنيجيريا

المحرر

هل يُعيد البابا تواضروس كتابة تاريخ الكنيسة القبطية؟

حازم رفعت

مجمع الأقاليم الوسطى الإنجيلي ينظم حوارا للوحدة الوطنية

حازم رفعت

الكنيسة القبطية تبدأ صوم الميلاد

حازم رفعت