سليدر

قطار مطروح يكشف الوجه القاتل للإهمال الادارى

حادث انقلاب قطار مطروح الأخير الذى أسفر عن إصابات وخسائر جسيمة، يكشف الوجه الحقيقى للفساد والإهمال. فالحادث لم يكن مجرد خلل فنى أو خطأ عابر، بل نتيجة تراكم سنوات من غياب الرقابة والإدارة الرشيدة، حيث تجاهلت بعض القيادات إجراءات السلامة وعمليات الصيانة، ليصبح القطار فخًا قاتلا بدلا من وسيلة نقل آمنة.

المستشار سيد فتحى، نائب الأمين العام للاتحاد الوطنى، يرى أن ما حدث فى قطار مطروح ليس إلا نموذجا مصغرا لكيفية عمل الفساد الإدارى. فالمسؤول الذى يتغاضى عن صيانة دورية أو يوافق على تشغيل قطارات متهالكة بدافع الولاء أو المصالح الخاصة، هو نفسه من يرسخ شبكة معقدة من الفساد بين موظفين ورجال أعمال. ويؤكد أن المعركة مع الفساد أخطر من الإرهاب ذاته، لأن ضحاياه يسقطون كل يوم بصمت، فى الطرق والمستشفيات والقطارات.

ومن زاوية قانونية، يوضح المستشار سمير عليوة أن الحوادث الكبرى دائمًا ما تكشف فراغا تشريعيا أو ضعفا فى التطبيق. ويشير إلى أن التقارير الرقابية كثيرًا ما تنتهى إلى الأدراج، بلا محاسبة حقيقية، وهو ما يشجع البعض على التمادي. ويقترح أن تكون هناك تشريعات أكثر صرامة للسلامة المهنية والمرافق العامة، بجانب حماية فعالة للمبلغين عن الفساد، لأن الخوف من الانتقام يضاعف الأزمة.

وفى السياق نفسه، يؤكد أحد المسئولين بإحدى شركات النقل الخاصة – فضل عدم ذكر اسمه – أن التعيينات بالوساطة كانت سببا مباشرا فى وجود كوادر غير مؤهلة تتعامل مع ملفات خطيرة كالنقل والصيانة. ويضيف: حين يتم استبعاد الكفاءات لصالح أصحاب الولاء، تكون النتيجة مؤلمة؛ موظف لا يعرف مهام عمله جيدًا لكنه يجلس على مقعد صنع القرار.

آثار سلبية

وتكشف هذه الممارسات عن بيئة عمل خانقة، يهيمن عليها الخوف وانعدام الثقة. فالموظف الكفء يشعر باليأس والتهميش، بينما يتصدر المشهد من لا يملك سوى شبكة علاقات شخصية. ومع الوقت تتراجع الإنتاجية وتتعطل خطط التطوير، لتنعكس الآثار السلبية على الاقتصاد كله.

ويجمع الخبراء على أن مواجهة الفساد تبدأ من تعزيز الشفافية داخل المؤسسات عبر نشر تقارير دورية للرقابة، وإتاحة المعلومات للرأى العام، إضافة إلى دور حاسم للقضاء فى محاسبة أى مسئول متورط مهما كان موقعه. كما يشددون على أهمية نشر ثقافة النزاهة بين الموظفين، بحيث يدرك كل فرد أن المال العام أمانة وليست غنيمة.

ويبرز حادث قطار مطروح كجدار إنذار قوى: إذا لم يتم التعامل مع الفساد والإهمال بنفس جدية مواجهة الإرهاب، فإن الخسائر ستكون أفدح. فالإرهاب قد يضرب فى لحظة، لكن الفساد ينهش مقدرات الدولة.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=340

موضوعات ذات صلة

ارتجاع المريء.. دليل شامل للتشخيص والعلاج

المحرر

خروقات وانتهاكات الانتخابات البرلمانية.. من يقف وراءها؟

محمود كرم

التعليم الفني.. المستقبل يبدأ من هنا

المحرر

قصة لقاح أسترازينيكا.. حقيقة الأثار الجانبية وتقديم تعويضات

المحرر

محاصيل زراعية لمواجهة التغيرات المناخية

المحرر

الحبس والغرامة في انتظار المعتدين على الأراضي الزراعية

المحرر