شؤون سياسية

الجنائية الدولية تضع ليبيا أمام اختبار جديد

تحركت المحكمة الجنائية الدولية مجدداً لفتح ملف المطلوبين الليبيين، وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي، في خطوة أعادت الجدل بين السيادة الوطنية والعدالة الدولية إلى الواجهة. فبينما تصر لاهاي على تنفيذ مذكرات توقيف قديمة وجديدة بحق تسعة متهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تتمسك السلطات الليبية بحقها في محاكمة مواطنيها داخل أراضيها، معتبرة أن هذا من صميم سيادتها القضائية.

وجاء في قائمة المطلوبين إلى جانب سيف الإسلام، القائد السابق بالكتيبة 50 سيف سليمان صنادل، والمتهم بجرائم قتل وتعذيب، إضافة إلى عبدالرحيم خليفة الشقاقي الملقب بـالكاني ومخلوف دومة المرتبطين بانتهاكات ترهونة والمقابر الجماعية. كما شملت القائمة ناصر ضو المعروف بالحسيمة ومحمد الصالحين سالمي وفتحي الزنكال، فضلاً عن مذكرات أخرى استهدفت أسامة نجيم، المسؤول السابق بجهاز الشرطة القضائية، وخالد الهيشري الملقب بـالبوتي، الذي جرى اعتقاله في ألمانيا.

ويرى المؤرخ السياسي أسامة الوافي أن توقيت إعادة تحريك الملف ليس بريئا، فالجنائية الدولية تتحرك كلما رأت أن الظروف السياسية تسمح بفتح الملفات القديمة، وسيف الإسلام اليوم يمثل شخصية جدلية قد تعود بقوة إلى المشهد السياسي، وهو ما لا يروق لعدة أطراف دولية وإقليمية ويضيف أن التركيز على شخصيات معينة قد يكون هدفه التأثير على موازين القوى، أكثر من كونه سعياً بحتاً لتحقيق العدالة

أما اللواء شبل عبد الجواد، رئيس الشرطة العسكرية سابقاً ورئيس هيئة مكافحة الإرهاب في المنطقة العربية، يوضح أن الوضع الأمني في ليبيا لا يسمح عملياً بتنفيذ أي مذكرة توقيف دولية، فالمطلوبون يتمتعون بحماية قبلية أو ميليشيا، كما أن الانقسام السياسي يجعل من الصعب على أي حكومة أن تقدم على خطوة تسليم مواطن ليبي إلى الخارج. ويرى أن القضية أصبحت ورقة مساومة تستخدمها القوى الدولية للضغط أو لتحقيق مكاسب سياسية.

وتستند طرابلس في موقفها إلى أحكام قضائية داخلية، منها الحكم الغيابي بالإعدام الصادر ضد سيف الإسلام عام 2015، والذي تعتبره دليلاً على أن القضاء الليبي قادر على محاكمة المتهمين. ورغم أن المحكمة الجنائية الدولية لم تعترف بصلاحية هذه المحاكمات، فإن السلطات الليبية تصر على أن مبدأ التكامل يسقط بمجرد إثبات وجود ولاية قضائية وطنية.

ومن جانبه، يحذر اللواء عبد الجواد من أن تسليم شخصيات بحجم سيف الإسلام قد يفجر الوضع في الداخل الليبي، لأنه يحظى بتأييد لا يمكن تجاهله من شريحة واسعة من الليبيين مؤكداً أن أي خطوة غير محسوبة ستنعكس على الاستقرار الهش في البلاد.

وبين إصرار لاهاي على ملاحقة المطلوبين، وتمسك طرابلس بالسيادة الوطنية، يظل مصير سيف الإسلام القذافي وبقية المتهمين معلقاً. فالملف تحول إلى عقدة سياسية أكثر من كونه مسألة قضائية، ليبقى عنواناً بارزاً على معضلة العدالة في زمن الصراعات والانقسامات التي لم تغادر ليبيا منذ أكثر من عقد

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5055

موضوعات ذات صلة

البرلمان يوافق على قانون الإجراءات الجنائية

المحرر

دمشق تجند من كانو خصوما بالامس

المحرر

ضوء اخضرامريكى لفرض عقوبات على بغداد لتمدد الايرانى

المحرر

مطالب برلمانية بالتصدي لاستغلال الأطفال على مواقع التواصل

المحرر

السودان يحترق والحكومة تغلق باب السلام

المحرر

سباق تركى قطري لجني ثمار اسقاط الأسد

المحرر