شؤون سياسية

مجلس الأمن يشتعل وطهران تبحث عن أوراق ضغط

بقرار مثير للجدل، أعيد اليوم السبت فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، بعد سقوط المسعى الروسي–الصيني لتأجيل القرار ستة أشهر، الأمر الذي أشعل أجواء مجلس الأمن وأعاد التوتر إلى الساحة الدولية. الرد الإيراني جاء سريعاً من قلب طهران باستدعاء سفرائها في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، واعتبار أن الترويكا الأوروبية أساءت استخدام آلية فض النزاعات في الاتفاق النووي الموقع عام 2015، في مشهد يعكس بداية مرحلة جديدة من التصعيد.

الدكتور أحمد عبد الباري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأقصر، يرى أن ما جرى يمثل عملياً انهيار الثقة بين طهران والعواصم الأوروبية، مؤكداً أن إيران رغم ذلك لن تخرج من معاهدة حظر الانتشار النووي لأنها تدرك أن الخطوة تضعها في عزلة كاملة، لكنها في المقابل ستسعى إلى رفع سقف التخصيب باعتباره ورقة ضغط أساسية يمكن من خلالها فرض نفسها على طاولة المفاوضات. ويشير عبد الباري إلى أن الانقسام الدولي بات أكثر وضوحاً، روسيا والصين لا تزالان تبحثان عن صيغة تحفظ الاتفاق النووي وتمنع انهياره، في حين تصر واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون على إغلاق أي مجال أمام إيران لتوسيع برنامجها النووي.

 تجميد الأصول ومنع السفر

أما العقيد هاني الحلبي، الخبير الأمني، فيرى أن العقوبات هذه المرة أكثر شمولاً واتساعاً، فهي لا تقتصر على حظر السلاح بل تمتد إلى تجميد الأصول ومنع السفر عن قيادات بارزة، إضافة إلى القيود المشددة على قطاع الطاقة، ما يعني تضييق الخناق على النظام الإيراني بصورة غير مسبوقة. لكنه يؤكد أن طهران خبرت هذه الضغوط من قبل وتملك خبرة واسعة في التعامل معها، وستحاول الرد عبر استخدام أوراقها الإقليمية، سواء بتفعيل حلفائها في ساحات مشتعلة مثل اليمن ولبنان أو عبر التلويح بتهديد الملاحة في الممرات البحرية الاستراتيجية. ويضيف أن التداعيات الأمنية قد تكون أخطر من الاقتصادية، إذ من المرجح أن تسعى إيران لخلط الأوراق عبر فتح جبهات توتر جديدة لإرسال رسائل ضغط واضحة للغرب.

في المقابل حاول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تهدئة الداخل والخارج بتأكيده أن بلاده لن تسعى أبداً لامتلاك سلاح نووي وأنها مستعدة للتعاون بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن هذه التطمينات لم تمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من التحذير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من خطورة ترك إيران تعيد بناء قدراتها النووية، مؤكداً أن الأمر يتطلب يقظة دائمة من المجتمع الدولي. وعلى الجانب الآخر جاء الموقف الأمريكي أكثر تشدداً، حيث اعتبرت مبعوثة واشنطن في مجلس الأمن أن إيران فشلت في تقديم أي ضمانات أو تعاون مع الترويكا الأوروبية، ما يجعل إعادة فرض العقوبات خطوة لا مفر منها، وإن كانت واشنطن تركت الباب موارباً أمام عودة المفاوضات إذا أبدت طهران جدية.

إعادة فرض العقوبات لا تقتصر على كونها أداة للضغط الاقتصادي، بل تمثل رسالة سياسية صارمة بأن المجتمع الدولي – أو على الأقل جناحه الغربي – لم يعد يثق في نوايا إيران النووية. ومع الانقسام داخل مجلس الأمن، وتصلب المواقف بين الأطراف الفاعلة، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة شديدة الحساسية، حيث لا مكان إلا لتوازن دقيق بين الردع والحوار، وإلا فإن التصعيد سيكون العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5061

موضوعات ذات صلة

بغداد فى مرمى نيران الكونجرس الأمريكي

المحرر

نعيم القاسم ومسار جديد لإيران أن تريح و تستريح

المحرر

لحوم العيد رسالة سياسية من حفتر

المحرر

هل تنجح واشنطن في كثر جمود الحرب السودان

المحرر

صرخات الجوعى تصطدم بجدران الصمت

المحرر

لا إعمار ولا استثمار قبل نزع سلاح حزب الله

المحرر