في عمل فني وثقافي جديد لمناصرة الحقوق الفلسطينية، أطلقته شركة زين الكويتية للاتصالات، كعادتها في شهر رمضان من كل عام، ظهر أطفال فلسطين الأحرار برفقة الفنان راشد الماجد، وهم يعودون إلى أماكن القذف فوق بيوتهم المتهدمة وأنقاض المدارس والجوامع، بلا مستشفيات ولا مرافق، يقودهم الأمل والعزم والقوة، مدفوعين بحب الوطن، مصرين على الوفاء بعهدهم على العودة إلى فلسطين، إلى شجر الزيتون وأرضهم المباركة، حاملين مهمة رجال أشداء، وهي إعادة إعمار ما دمرته آلات القتل ورصاص القناصة.
يبدأ الأطفال في العمل الجديد، الذي يحمل عنوان “سجلنا حضور” بدخول المدارس، وحضور الصفوف، وبناء ما هدمته آلات الاحتلال متفوقين على القتل والإبادة بالعودة والعمل والولادة، فكما ختم العمل الذي قدمته الشركة العام الماضي “سنرد على الإبادة بالولادة”، بدأ هذا العمل بمشاهد الأطفال يجرون في ربوع الأرض يحيط بهم الدمار والهدم، ولكن يحركهم الأمل في يوم تبزغ فيه الشمس على فلسطين حرة مستقلة تملأ أراضيها الورود التي نبتت من دماء شهدائهم وأهلهم.
يستعرضَ العمل بعض الأسماء التي قضت نحبها جراء الاعتداء الإسرائيلي، ويسجل حضورها في الشوارع والطرقات والمدارس والميادين، وكما ذكر “حنظلة” في عمل رمضان 2024، أن كل من مات على أرض فلسطين “ناجي” اعتبر الأطفال أيضا أن كل من مات على أراضي فلسطين مازال حاضرا وإن لم تره أعيننا.
يبدأ العمل بصورة طفلة صغيرة ترتدي ملابس فلسطينية تراثية زاهية، وتدخل إلى ساحة متهدمة يحيطها الدمار، ويخيم اللون الرمادي على المشهد، وتبدأ في الغناء لوطنها وتعلق العلم الفلسطيني على عمود، وتغني وطني.. وطني، وتظهر كلمات في البداية على لسان حال أطفال غزة، تقول: “رد بك نبضي يا أرضي، تعالي في حضني، حبي لك يبني”. ثم يبدأ المواطنون في التوافد إلى مناطق الدمار.
أطفال فلسطين يجددون العهد: “وطني أنا بك.. لن أترك أرضي”
أسكنك وتسكنني
يغني أطفال فلسطين من أجل وطنهم، مؤكدين أنهم وُلدوا ليسكنوا هذه الأرض المباركة.. يقولون:
ما شق جفني عن جفني إلا لأراك يا وطني
أنا من طينك نبتت روحي أشبه وجهك وتشبهني
ما ولدت إلا لأسكنك وما كنت إلا لتسكنني
وطني وطني وطني وطني
وطني وطني وطني وطني
الوطن ما وطن فينا
لا نعدم كي تحيا الأوطان إنما نحييها وتحيينا
وطني وطني وطني وطني
وطني وطني وطني وطني
لن أترك أرضي لأرضي، سجلني حضور.
وسجلنا حضور
حضور حضور حضور
في المدرسة المهدومة سنبني طابور
في الموائد المهجورة سنأكل الفطور
في اللقاءات المؤجلة لن نخلف الشعور
وطني وطني وطني وطني
إنما العيش حضور
لو تهدمت الحياة
لن نكون إلا جسور
إلا نفق آخره نور
إلا شعور أحلى شعور
إلا شعور أحلى شعور
فسجلنا حضور
فسجلنا حضور
وطني وطني وطني وطني
وطني وطني وطني وطني
رسائل الصور
حملت الصور والمشاهد رسائل لا تقل قوة عن كلمات الأغنية، فبدأت بصورة تحمل رسالة أطفال فلسطين الموجهة إلى أرضهم المنهكة، ويُكتب على صور طفلة تعلق العلم الفلسطيني وتسير فوق الركام وحولها آثار القصف: رد بك نبضي يا أرضي، تعالي في حضني، حبي لك يبني. في رسالة واضحة تحمل نية الجيل الجديد لإعادة إعمار أرضهم واستخلاف آبائهم فيها.
وتظهر صور سريعة لمجموعة من الناس يحتضون بعضهم البعض، ويسلمون على بعضهم تعبيرا عن فرحتهم باللقاء مرة أخرى على أرض الوطن، بينما يرفرف علم كتب عليه: لنغني سلاما روحيا يحتضن سلاما وطنيا.
ويبدأ الأطفال في الرقص واللعب، ويبدأ الوفود في الحضور، وتظهر الفرقة تحمل في يدها الدف الفلسطيني وترتدي الشال الفلسطيني بألوان العلم، ويدخل الطلاب مدارسهم المهدومة وملاعبهم من جديد.
حضور الشهداء
ظهرت الفرقة الاستعراضية في أكثر من مشهد ترتدي اللون الأسود وتتكل معا لتشكل هيئة معينة، في إسقاط على الأهل والأصدقاء الذين قضوا نحبهم وأصبحوا جزءا من الأرض والنبات، ويحمل المشهد رسالة قوية، مفادها أن كل من مات هنا باق، وإن لم تره أعيننا فأثره مازال حيا، لذلك يطلبون منا تسجيلهم حضور.
ففي المشهد الأول شكلت الفرقة شكل شجرة بدأت في الإنبات، في نفس الوقت عودة الأب باكيا إلى بيته المتهدم ليجد بعض من بقية أسرته تنتظره، على خلفية غناء راشد الماجد لمقطع “في اللقاءات المؤجلة لن نخلف الشعور”.
وفي مشهد ثان، شكلت الفرقة شكل جسر تعبر من فوقه الطفلة بطلة الفيديو، ممسكة بيد الفنان راشد الماجد، على خلفية غناء المقطع: لو تهدمت الحياة، لن نكون إلا جسور.
ألوان الرسائل
ظهرت عدة ألوان تحمل رسائلها الخاصة، فظهرت البيوت المهدمة بألوان رمادية باهتة، يتخللها بعض من أشعة الشمس البسيطة بعد ظهور الأطفال، بينما ارتدى الأطفال ألوان العلم الفلسطيني، وألوان أخرى تحمل دلالاتها، فبطلة العمل ارتدت فستانا على الطراز الفلسطيني التراثي باللون الأزرق الخفيف، وهو يحمل معنى الهدوء والسكينة ويعطي شعورا بالاستقرار والطمأنينة، بينما ارتدى أفراد الفرقة الاستعراضية عدة ألوان في أثناء ترديد الكورال كلمات “وطني وطني وطني وطني”، منها: البرتقالي رمز الشمس، الذي يعطي شعورا بالدفء، وكتب عليه “باق”، والأحمر رمز الحب والدم، كتب عليه “بك” واللون الأخضر رمز الخير والنماء والذي كتب عليه “لك”. في رسالة للوطن بأن البقاء هو به ومن أجله فالشمس تشرق عليه والدم ينسال من أجله والخير يأتي منه.
الجميع في مركب واحدة: الوطن ملء الصدور
مركب واحدة
وفي المشهد الأخير يجتمع راشد الماجد والطفلة فوق لوح خشبي معلق، يشبه المركب البسيط، ويقف أفراد من الفرقة الاستعراضية مرتدين اللون الأبيض على أطراف اللوح، مثبتين اللوح من الانهيار، وتظهر كلمات على الصورة، تقول: كل عام وأمل حضور.. أحلام حضور.. جمال حضور.. إيمان حضور.. فرح حضور.. ملء الصدور.
وهذه الجملة يمكن فهمها بوجهين، الوجه الأول هو أسماء الراحلين بأجسادهم ولكن أرواحهم مازالت حاضرة، والوجه الثاني هو صفات غابت عن أرض فلسطين وتعهد الأطفال بعودتهم إلى الأرض حاملين إياها من جديد.
ويختتم العمل برسالة موجهة للمعتدين على الأراضي الفلسطينية، رافضا محاولات التهجير، مؤكدا على عودتهم لأرضهم وممارسة حياتهم اليومية بحرية.. يقول:
هذه الأرض لن تباع…
ولا تقاس بالمتر المربع بل بالذراع
جذورنا باقية، وصفقة قرنكم لاغية
أما الريفيرا فاغرق بها!
