شؤون سياسية

لحوم العيد رسالة سياسية من حفتر

في مشهد يختلط فيه البعد الإنساني بالرؤية السياسية، جاءت توجيهات المشير أركان حرب خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، بتقديم هدية من نوع خاص للسودانيين المقيمين في مدينة الكفرة، وذلك بذبح وتوزيع لحوم 100 رأس من الإبل و50 رأسا من الأبقار، بمناسبة عيد الأضحى المبارك. لكن هذه الخطوة لم تكن مجرد مبادرة موسمية، بل حملت بين طياتها رسائل واضحة تؤسس لمعادلة جديدة في العلاقات الإنسانية والسياسية بالمنطقة.

المبادرة التي نفذت على الأرض تحت إشراف مباشر من كتيبة سبل السلام التابعة لرئاسة أركان القوات البرية، وبالتنسيق مع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، أكدت أن الاهتمام النازحين السودانيين في الكفرة لم يأت عفويا، بل كجزء من استراتيجية إنسانية وأمنية متكاملة. الفرق الميدانية تولت الذبح والتوزيع انضباط عسكري، لضمان وصول اللحوم إلى الأسر المحتاجة بكرامة وتنظيم.

العقيد هاني الحلبي، الخبير الأمني، يرى أن هذه المبادرة ليست فقط دليلاً على حس إنساني لدى القيادة الليبية، بل تحمل أبعاد أمنية واستراتيجية بالغة الأهمية. فمدينة الكفرة، الواقعة على تقاطع طرق تهريب وتسلل، لطالما كانت محور معادلات معقدة في ظل الأوضاع المتغيرة في السودان. يقول الحلبي: التعامل الإيجابي مع الجالية السودانية في الكفرة بهذه الطريقة، يساهم في الحد من التوترات، ويعزز من استقرار المنطقة الحدودية، وهو ما يصب في مصلحة الأمن القومي الليبي.

من جانبه، يرى الدكتور أحمد محمد علي، المحلل السياسي، أن حفتر يسعى من خلال هذه المبادرة لإيصال رسالة بأن ليبيا، برغم ما تمر به من تحديات، لا تزال تملك زمام المبادرة في العمل الإنساني والدعم الإقليمي. ويضيف: هذه الخطوة تظهر حرص القيادة الليبية على ترسيخ نفوذها في الجنوب، لكن بأسلوب مختلف يعتمد على الكسب الشعبي والدعم الإنساني بدلا من الخطاب العسكري المعتاد.

أما مستقبل هذه المبادرات، فقد يكون واعدا إذا تم البناء عليها بشكل مؤسسي. فمثل هذه الأعمال، إن وُظّفت بذكاء، يمكن أن تُمهّد لبيئة أكثر استقرارا على المستويين الاجتماعي والسياسي، سواء في ليبيا أو في محيطها الإقليمي. ولا شك أن السودان، الذي يمر بفترة شديدة التعقيد، بحاجة إلى كل دعم إنساني يخفف عن أبنائه النازحين واللاجئين، خاصة في المدن الحدودية التي تستضيفهم.

وبينما يتبادل الناس في الكفرة لحوم العيد، تتسع خلف الابتسامات رسائل سياسية حقيقية: أن لليبيا دورا لا يمكن تجاهله في معادلة الإقليم، وأن حفتر، بصفته قائد عسكريا، يعرف جيدًا أن النفوذ لا يبنى فقط بالبندقية، بل أيضًا بسلوك إنساني مدروس يرسم خريطة جديدة من التوازنات.

 الهدية التي وصلت إلى السودانيين في الكفرة لم تكن مجرد لحوم عيد، بل كانت تجسيدا لفكرة أن السياسة ليست دائمًا مواجهة، بل قد تكون في بعض الأحيان لفتة إنسانية تعيد رسم المشهد من جديد.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5493

موضوعات ذات صلة

إيران تدفع حزب الله لمغازلة الرياض

المحرر

غارة نوعية تعصف بالحوثيين وتربك المشهد اليمني

المحرر

أول تشريع لتقنين وضع اللاجئين في مصر

المحرر

انسحاب سوريا من باريس يربك جهود التسوية

المحرر

طهران تشتعل غضبا من خيانة موسكو

المحرر

الوقت ينفذ أمام طهران واوروبا

المحرر