شؤون سياسية

تصريحات القائد العسكري لهيئة تحرير الشام هل تنجح

في ظل التحولات التاريخية التي تشهدها سوريا بعد سقوط نظام الأسد، يجد المشهد السياسي والعسكري نفسه أمام تحديات كبرى، تلقي بظلالها على مستقبل البلاد واستقرارها. تصريحات القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، أبو حسن الحموي، بخصوص حلّ الجناح العسكري للهيئة والدعوة لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، تمثل خطوة لافتة في هذه المرحلة الدقيقة، لكن تثير العديد من التساؤلات حول مدى قدرتها على تحقيق وحدة وطنية وإعادة بناء الدولة.

 تحديات ما بعد السقوط 

تأتي هذه التصريحات بعد سقوط نظام الأسد بيد هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة المتحالفة معها، حيث استغرقت المعركة 11 يومًا فقط لتنتهي في 8 ديسمبر/كانون الأول، مما شكل صدمة دولية وإقليمية. حموي، الذي يقود الجناح العسكري للهيئة، يرى أن “عقلية الفصيل لا تتوافق مع عقلية الدولة”، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تستدعي تأسيس مؤسسة عسكرية وطنية تضم جميع الفصائل المسلحة.

ولكن، لا تزال التحديات قائمة. في البلاد تمزقها الولاءات المتعددة، بين قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، وبقايا جيوب النظام المنهار، إلى جانب الفصائل المسلحة الأخرى. وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي الدكتور أحمد رفيق عوض، مدير مركز القدس للدراسات، إلى أن “إعادة بناء سوريا كدولة موحدة يتطلب توافقا سياسيا غير مسبوق، وهو أمر صعب المنال في ظل تعقيدات الحرب والعداء بين الأطراف المختلفة.

 هل ينجح  في توحيد سوريا؟

ما يطرحه الحموي من مبادرة لحل الجناح العسكري للهيئة يعكس رؤية جديدة تتخطى عقلية الميليشيات، لكن تطبيق هذه المبادرة يعتمد بشكل كبير على تجاوب باقي الفصائل وقبولها بالاندماج في المؤسسة العسكرية. المستشار الأمني والاستراتيجي يونس السبكي يرى أن “هذه الخطوة قد تكون إيجابية إذا تم تنفيذها بشفافية وبإشراف دولي، لكنها محفوفة بالمخاطر إذا تعثرت، حيث يمكن أن تؤدي إلى صراعات جديدة بين الفصائل”.

من جهة أخرى، يطالب الحموي المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، بإزالة تصنيف الهيئة وقائدها، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، من قوائم الإرهاب. هذه الخطوة قد تمثل مفتاحا لتطبيع العلاقة بين الهيئة والدول الغربية، لكنها تواجه رفضا شديدًا من عدة أطراف دولية، خصوصًا أن الهيئة كانت تعتبر امتدادا لتنظيم القاعدة. عوض يعلق على ذلك بالقول: “مطالبة المجتمع الدولي بتغيير موقفه من الهيئة قد تكون سابقة لأوانها، خاصة في ظل سجلها السابق المرتبط بالعنف”.

 التوترات الإقليمية

تزامناً مع هذه التحولات، تصاعدت الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مستهدفة مواقع عسكرية ومخازن أسلحة تابعة للفصائل المختلفة. الحموي وصف هذه الهجمات بأنها “جائرة”، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإيقاف الانتهاكات. ولكنه شدد في الوقت نفسه على أن سوريا الجديدة لن تكون مصدر عداء لأي دولة، سواء إقليمية أو دولية.

السبكي يعتبر أن “إسرائيل تسعى لاستغلال الفراغ السياسي والعسكري في سوريا لتحقيق مصالحها، والرد الفعال على هذه الانتهاكات يتطلب بناء دولة قوية ذات سيادة. لكنه يشير أيضًا إلى أن السلطة الجديدة قد تجد نفسها مضطرة للتفاوض مع إسرائيل بشكل غير مباشر عبر وسطاء دوليين لتجنب تصعيد أكبر.

الحلول المطروحة

رغم التحديات الداخلية والخارجية، تسعى السلطة الجديدة لتقديم نفسها كبديل قادر على تحقيق الاستقرار. ويبدو أن الأولوية ستكون لإعادة توحيد البلاد سياسيا وعسكريا، مع التركيز على تجاوز العقلية الفصائلية. الحموي أكد على أن سوريا لن يتجزأ ولن توجد فيها فدراليات مشدداً على أهمية الحوار مع جميع الأطراف، بما في ذلك الإدارة الذاتية الكردية.

إلا أن هذه الجهود تصطدم بمخاوف الدول الغربية من احتمال عودة التنظيمات الإرهابية إلى الواجهة في حال تفككت السلطة الجديدة أو فشلت في بسط سيطرتها على كامل الأراضي السورية. عوض يرى أن “تجاوز هذه المخاوف يتطلب التزاما حقيقيا من السلطة الجديدة بمبادئ الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، وهو أمر لا يزال موضع شك”.

 آفاق غامضة 

يبدو أن سوريا أمام مفترق طرق جديد، حيث تلقى المبادرات التي يقودها الحموي الضوء على رغبة حقيقية في بناء دولة موحدة ومستقرة، ولكن الطريق لتحقيق ذلك مليء بالعقبات. فهل تنجح هيئة تحرير الشام في الانتقال من فصيل مسلح إلى شريك في إعادة بناء سوريا، أم أن الانقسامات الداخلية والخلافات الإقليمية ستعيق هذا التحول

الأسئلة تبقى مفتوحة، ولكن ما يتفق عليه المحللون هو أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ملامح مستقبل سوريا.

📎 رابط مختصر للمقال: https://www.baladnews.com/?p=5592

موضوعات ذات صلة

نائب ليبي يطالب بتدخل روسيا لمنع التدخل الأوروبي

المحرر

هل تنجح سوريا في تفادي عودة العقوبات؟

المحرر

حركة رجال الكرامة وتظاهرالاول ضد حكومة الشرع

المحرر

انسحاب سوريا من باريس يربك جهود التسوية

المحرر

معارضة إسرائيلية وأمريكية لمخرجات قمة القاهرة

المحرر

حزب الله في مواجهة العقوبات الداخلية

المحرر