وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في الساعات الأولى من صباح الأربعاء بين إسرائيل وحزب الله يمثل مرحلة جديدة في صراع طالما أرهق المنطقة. ورغم الترحيب الدولي والعربي الواسع بهذا الاتفاق، إلا أن الوضع على الأرض ما زال هشا وسط تحذيرات إسرائيلية ومخاوف سياسية وأمنية لبنانية.
كما تزامن وقف إطلاق النار مع تدفق بعض النازحين اللبنانيين إلى قراهم الجنوبية، في حين حذر الجيش الإسرائيلي من العودة إلى المناطق التي أُخليت سابقا. التحذيرات الإسرائيلية، التي جاءت على لسان المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي، توضح أن القوات الإسرائيلية ما زالت متمركزة في جنوب لبنان، مما يزيد المخاوف من احتمالية تجدد التوترات.
وفي تعليق للواء أشرف فوزي، الخبير الأمني المصري، أوضح أن التحذيرات الإسرائيلية تعكس رغبة تل أبيب في الاحتفاظ بسيطرتها الميدانية لحين ضمان تطبيق كامل لبنود الاتفاق. وأكد أن هذه الخطوة قد تُعقّد عودة النازحين وتثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل تجاه الانسحاب المعلن
الأبعاد السياسية والأمنية للاتفاق
الاتفاق ينص على انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية خلال 60 يومًا، بالتزامن مع تعزيز الجيش اللبناني لقواته في الجنوب. وزير الدفاع اللبناني موريس سليم أكد أن الجيش سيرفع عدد قواته إلى 10 آلاف عنصر لضمان السيطرة الكاملة ومنع أي فراغ أمني.
من جانبه، أشار المحلل السياسي طارق الهواري إلى أن الاتفاق يمثل فرصة للبنان لبسط سيادته على أراضيه، لكن التطبيق العملي سيواجه تحديات كبيرة، أبرزها مدى قدرة الجيش اللبناني على منع حزب الله من إعادة بناء بنيته التحتية العسكرية. وإسرائيل تسعى من خلال هذا الاتفاق إلى إعادة ترتيب أولوياتها الأمنية، والتركيز على مواجهة التهديد الإيراني وعزل حركة حماس.
ترحيب دولي ومخاوف محلية الاتفاق حظي بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين ستشاركان في آلية مراقبة تنفيذ الاتفاق بالتعاون مع قوات اليونيفيل والجيش اللبناني. الرئيس الأمريكي جو بايدن وصف الاتفاق بأنه خطوة نحو وقف دائم للقتال، فيما أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجهود الوساطة الطويلة التي سبقت توقيع الاتفاق.
لكن محليا، تبدو الصورة أكثر تعقيدا. حسن فضل الله، أحد كبار مسؤولي حزب الله، أكد أن الجماعة تدعم بسط سلطة الدولة اللبنانية، لكنه أشار إلى أن الحزب سيخرج من هذا الصراع أكثر قوة، مما يعكس تمسكه بدوره كقوة مقاومة في المنطقة.
التحديات المستقبلية على الرغم من وقف إطلاق النار، فإن احتمالية انتهاكا تبقى قائمة. الجيش الإسرائيلي أعلن حالة التأهب القصوى، وهدد بالرد الحازم على أي خرق للاتفاق، في حين يرى خبراء أن استمرار التوترات على الأرض قد يعيد المنطقة إلى نقطة الصفر
الاتفاق يمثل فرصة نادرة لإنهاء الصراع عبر الحدود، لكنه أيضًا اختبار لقدرة الأطراف على تحويل هدنة مؤقتة إلى سلام مستدام. إذا نجح الجيش اللبناني في بسط سيطرته ومنع إعادة تسليح حزب الله، فقد يكون ذلك بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار.
